Quantcast
Channel: الخلافة الاسلامة على منهج المهدي
Viewing all 589 articles
Browse latest View live

الشرع لايفرق بين متماثلين ولايجمع بين نقيضين

$
0
0

Photo: ‎الشرع لايفرق بين متماثلين ولايجمع بين نقيضين  ____________________________  قال جل وعلا ______  {وَلئِنْ سَأَلْتَهُمْ ليَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} _________________  -قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب في "كشف الشبهات" تعليقآ علي الآيه  "كفَّرهم بكلمة مع كونهم في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يجاهدون معه ويصلُّون معه ويزكُّون ويحجُّون ويوحدون"  - قال شيخ الإسلام ابن تيمية:تعليقآ علي الآيه  إنَّ من سبَّ الله ورسولَه طوعًا بغير كَرْه، بل من تكلَّم بكلمات الكفر طائعًا غير مُكْرَهٍ، ومنِ استهزأ بالله وآياته ورسوله فهو كافرٌ باطنًا وظاهرًا، وإِنَّ من قال: إِنَّ مثل هذا قد يكون في الباطن مؤمنًا بالله وإِنَّما هو كافرٌ في الظَّاهر، فإنَّه قال قولاً معلومُ الفساد بالضَّرورة من الدِّين، وقد ذكر الله كلماتِ الكفَّار في القرآن وحكم بكفرهم واستحقاقهم الوعيد بها". "مجموع الفتاوى" 7/557.  -قال القاضي أبو بكرٍ بن العربيّ المالكيّ "أحكام القرآن" 2/976: تعليقآ علي الآيه  "لا يخلو أَنْ يكونَ ما قالوه من ذلك جدًّا أو هَزْلاً، وهو - كيفما كان - كفرٌ، فإِنَّ الهزلَ بالكفرِ كفرٌ، لا خلاف فيه بين الأمَّة. فإِنَّ التَّحقيق أخو الحقّ والعلم، والهزلَ أخو الباطل والجهل. قال علماؤنا: انظر إلى قوله: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَال أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ} [البقرة: 67]". -قال الكِيا الهرَّاسي – الشافعيّ - في "أحكام القرآن" تعليقآ علي الآيه  "فيه دلالةٌ على أنَّ اللاَّعب والخائض سواءٌ في إظهار كلمة الكفر على غير وجه الإكراه، لأَنَّ المنافقين ذكروا أَنَّهم قالوا ما قالوه لَعِبًا، فأخبر الله تعالى عن كفرهم باللَّعِب بذلك، ودلَّ أنَّ الاستهزاءَ بآياتِ الله تعالى كفرٌ".  -قال أبو محمد بن حزم في "الفصل" 3/244:تعليقآ علي الآيه  "فنصَّ تعالى على أَنَّ الاستهزاء بالله تعالى أو بآياته أو برسولٍ من رسله كفرٌ مخرجٌ عن الإيمان ولم يقل تعالى في ذلك إِنِّي علمت أَنَّ في قلوبكم كفرًا، بل جعلهم كفارًا بنفس الاستهزاء. ومنِ ادَّعى غير هذا فقد قوَّل الله تعالى ما لم يقُلْ وكذب على الله تعالى"  -قال ابن الجوزيّ - الحنبلي -: تعليقآ علي الآيه "وقوله: {قَدْ كَفَرْتُمْ} أي: قد ظهر كفركم بعد إظهارِكم الإيمان، وهذا يدلُّ على أَنَّ الجدَّ واللعِبَ في إظهار كلمة الكفر سواء". "زاد المسير" 3/465.  -قال أبو بكر أحمد بن عليٍّ الجصَّاص – الحنفيّ تعليقآ الآيه  -: "فيه الدّلالة على أنَّ اللاعبَ والجادَّ سواءٌ في إظهار كلمة الكفر على غير وجه الإكراه؛ لأَنَّ هؤلاء المنافقين ذكروا أَنَّهم قالوا ما قالوه لعِبًا فأخبر الله عن كفرِهم باللعِبِ". ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  فقد اجمعت الامة علي كفر من سب الله اوسب نبيه ولايقبل منه عذر بجهل ولاتأويل ولاتقليد   قال إسحاق بن راهويه (قد أجمع المسلمون على أن من سب الله عز وجل أو سب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو دفع شيئاً مما أنزل الله أو قتل نبياً من أنبياء الله؛ أنَّه كافر، وإن كان مقراً بكل ما أنزل الله).  وقال ابن المنذر (أجمع عوام أهل العلم على أنَّ من سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ القتل).  قال القاضي عياض (ولا نعلم خلافاً على استباحة دمه - يعني ساب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - بين علماء الأمصار وسلف الأمة، وقد ذكر غير واحد الإجماع على قتله وتفكيره).  وقال تقي الدين السبكي (أمَّا ساب النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فالإجماع منعقدٌ على أنَّه كفر، والاستهزاء به كفر).  وقال شيخ الإسلام ابن تيميه (إنَّ سب الله أو سب رسوله؛ كفر، ظاهراً وباطناً، وسواءٌ كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان مستحلاً له، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين؛ بأنَّ الإيمان قول وعمل).  وقال أيضاً (وقد اتفقت نصوص العلماء من جميع الطوائف؛ على أن التنقص له صلى الله عليه وآله وسلم؛ كفرٌ، مُبيح للدم).  -قال شيخ الإسلام عند كلامه على قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ .  قال ( ..فإذا ثبت أن رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم والجهر بالقول يخاف منه أن يكفر صاحبه وهو لا يشعر ويحبط عمله بذلك، وأنه مظنة لذلك وسبب فيه، فمن المعلوم أن ذلك لما ينبغي له من التعزير والتوقير والتشريف والتعظيم والإجلال ولما أن رفع الصوت قد يشتمل على أذى له واستخفاف به، وإن لم يقصد الرافع ذلك، فإذا كان الأذى والاستخفاف الذي يحصل في سوء الأدب من غير قصد صاحبه يكون كافرا، فالأذى والاستخفاف المقصود المتعمد كفر بطريق الأولى ) .  وقال بعد أن ذكر جملة من الأحاديث في كفر المنتقص من النبي صلى الله عليه وسلم ( وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كفر كفر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرا إذ لا يقصد الكفر أحد " إلا ما شاء الله " ) .  وإذا كان الإنسان قد يخرج من الإسلام دون أن يقصد الخروج منه فما معنى التوقف عن التكفير حتى تنتفي موانعه؟  وقال رحمه الله في معرض حديثه عن سب النبي صلى الله عليه وسلم ( والغرض هنا أنه كما أن الردة تتجرد عن السب فكذلك تتجرد عن قصد تبديل الدين وإرادة التكذيب بالرسالة، كما تجرد كفر إبليس عن قصد التكذيب بالربوبية وإن كان عدم هذا القصد لا ينفعه، كما لا ينفع من قال الكفر ألا يقصد الكفر) .  أما اشتراط قصد الكفر في التكفير فهذا يقتضي كما قال ابن الوزير في " إيثار الحق على الخلق" ألا يكون شيء من الأفعال والأقوال كفرا إلا مع الاعتقاد حتى قتل الأنبياء والاعتقاد من السرائر المحجوبة فلا يتحقق كفر كافر قط إلا بالنص الخاص في شخص شخص" كما هو اعتقاد غلاة الارجاء  وقد جاء في حديث طارق بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( دخل الجنة رجل في ذباب، دخل النار رجل في ذباب قالوا وكيف ذلك يا رسول الله قال ( مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجاوزه أحد حتى يقرب له شيئا فقالوا لأحدهما قرب، قال ليس عندي شيء أقرب، قالوا له قرب ولو ذبابا، فقرب ذبابا فخلوا سبيله فدخل النار وقالوا للآخر قرب فقال ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل فضربوا عنقه فدخل الجنة ) .  فهذا الرجل لم يقصد عبادة غير الله بل قرب الذباب لينجو بنفسه ولم يكن يدري أن فعله ذلك يدخله النار.  ولذلك قال محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد: ( فيه مسائل.. التاسعة: كونه دخل النار بذلك الذباب الذي لم يقصده بل فعله تخلصا من شرهم، الحادية عشرة: أن الذي دخل النار مسلم لأنه لو كان كافرا لم يقل " دخل النار في ذباب" ) . قال عبد الرحمن بن حسن ( وفي هذا الحديث التحذير من الوقوع في الشرك وأن الإنسان قد يقع فيه وهو لا يدري أنه من الشرك الذي يوجب النار) . بل نُقل الاجماع ليس فحسب علي كفر الساب بل علي كُفر من شك في كفره وعذابه قال محمد بن سحنون (أجمع العلماء على أن شاتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المنتقص له؛ كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كَفَر).  فنقول لاهل العذر بالجهل ، هل ذكر اهل العلم التعريف واقامة الحجة واستيفاء شروط وموانع فيما سبق .وهو شاهد ماذكر اعلاه فان قالوا لا  قلنا لهم نقضتم منهجكم بانفسكم لان هذا اصل مطرد ولادليل علي تخصيص كفر عن كفر في اصل الدين والشرك الاكبر  فمن فعل الكفر والشرك الاكبر فهو كافر لقوله تعالي  " إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ " وقال عن المسيح أنه قال : " مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ "  فمن خص ذلك الوعيد بالمعاند فقط وأخرج الجاهل والمتأول والمقلد فقد شاق الله ورسوله وخرج عن سبيل المؤمنين ، فالمدعي أن مرتكب الكفر متأولاً أو مجتهدًا مخطئًا أو مقلدًا أو جاهلاً ، معذور ، مخالف للكتاب والسنة بلا شك ، مع أنه لابد أن ينقض أصله، فلو طرد أصله كفر بلا ريب كما لو توقف في تكفير من شك في رسالة محمد أو شك في البعث أو غير ذلك من أصول الدين والشاك جاهل ، والجهل ليس بعذر".  قال الحافظ ابن حجر بعد ذكر حديث الخوارج ( وفيه أن من المسلمين من يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه ومن غير أن يختار دينا على دين الإسلام، وأن الخوارج شر الفرق المبتدعة من الأمة المحمدية ومن اليهود والنصارى) . وقد نقل رحمه الله عن ابن جرير الطبري أنه قال في تهذيب الآثار بعد أن ساق الأحاديث في الخوارج "فيه الرد على قول من قال لا يخرج أحد من الإسلام من أهل القبلة بعد استحقاقه حكمه إلا بقصد الخروج منه عالما فإنه مبطل لقوله في الحديث ( يقولون الحق ويقرأون القرآن ويمرقون من الإسلام ولا يتعلقون منه بشيء) ."  فكيف لاتعذرون من سب النبي اوشك في رسالته او اشرك معه احد في الرسالة وتعذرون من شك في الوهية الله او اشرك معه احد غيره وصرف له اي نوع من انواع العبادات التي لاتصرف الا لله !!  _________________  يقول أبو بطين - رحمه الله - حاكيًا عن شيخ الإسلام ابن تيمية : " لقد جزم - رحمه الله - في مواضع كثيرة بكفر من فعل ما ذكرت من أنواع الشرك وحكى إجماع المسلمين على ذلك ، ولم يستثن الجاهل ونحوه ، وقال الله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ " وقال عن المسيح أنه قال : " مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ " فمن خص ذلك الوعيد بالمعاند فقط وأخرج الجاهل والمتأول والمقلد فقد شاق الله ورسوله وخرج عن سبيل المؤمنين ، فالمدعي أن مرتكب الكفر متأولاً أو مجتهدًا مخطئًا أو مقلدًا أو جاهلاً ، معذور ، مخالف للكتاب والسنة بلا شك ، مع أنه لابد أن ينقض أصله، فلو طرد أصله كفر بلا ريب كما لو توقف في تكفير من شك في رسالة محمد أو شك في البعث أو غير ذلك من أصول الدين والشاك جاهل ، والجهل ليس بعذر". __________  وهذا استدلال قاطع وحاسم أنه لا فرق بين شرك وشرك ، ولا بين كفر وكفر في تخصيصه بالجهل من عموم الوعيد ، وإن محاولة التفريق بين إنكار البعث والشك في قدرة الله وعلمه وإهانة المقدسات والشرك بالله في العبادة وبين وبين العذر بالجهل في دعاء غير الله اوالاستغاثه به اوصرف اي نوع من انواع العبادات التي هي حق لله الي غيره تفريق باطل ، فقد علم من دين الله بالضرورة أنه لا فرق بين كفر وكفر إذا كان أكبر إلا في التغليظ بمعنى أنه يوجد كفر مجرد وكفر مغلظ وكلاهما كفر ، والقول بأن المشرك مسلم ، فرية عظيمة ومشاقة لله ورسوله ، لأن معنى ذلك أن من مات على الشرك الأكبر يكون قد مات مسلمًا ولقي الله بدين قُبِلَ منه والله يقول : " وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ " والدين عند الله هو الإسلام ، والإسلام هو التوحيد وإفراد الله بالعبادة وعدم الشرك به ، فإذا كان من مات على الشرك قد مات على دين يُقْبَلُ منه فمعنى هذا أن الله سبحانه وتعالى قد أذن بالشرك ، وأذن أن يعبد معه غيره ؛ وهذا باطل وافتراءعلي الله وما ترتب عليه فهو باطل مثله والله يقول : " وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ "  والإمام البخاري و شرَّاح الصحيح لم يفرقوا بين كفر وشرك بل جعلوه كله شيئًا واحدًا   كما ذكر ذلك الإمام أبو بطين في الانتصار لحزب الله الموحدين ، فيقول : " فإن كان مرتكب الشرك الأكبر معذورًا لجهله ، فمن هو الذي لا يعذر ، ولازم هذه الدعوى أنه ليس لله حجة على أحد إلا المعاند ، ولازم هذا أنه لا يكفر جهلة اليهود ولا النصارى ولا الذين يسجدون للشمس والقمر والأصنام لجهلهم"  - وهو ايضآ لزام ملزم لاهل الاعذر فان خصوا المعاند فقط بالكفر فاين الدليل علي التخصيص   فمن اهل الكفر من عاند والمعاند الذي يعلم أن هذا كفر فيأتيه ، وهذا محل وفاق أنه كافر مرتد عن الإسلام إن كان في أصله هو منتسب إلى الإسلام ، [ والكافر ]   وهناك ايضآ الجاهل وهذا هو الأكثر في الكفار والمشركين الذين بُعث فيهم النبي أنهم كانوا جهالاً ، بمعنى أنهم تلبَّسوا بالشرك الأكبر  ومع ذلك لا يَعْلَمُون أنه شَرْكٌ أو أنهم لا يعلمون حكمه حينئذٍ نقول : هذا يُعتبر من الأمور التي يُنَزّل عليها الحكم مباشرةً ، ولو كان جاهلاً ، بل أكثر المشركين كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وكذلك تلميذه ابن القيم أنهم من هذا النوع وهم الجهال الذين حكم عليهم الباري جل وعلا بكفرهم وهو ما ذكره رحمه الله تعالى في الطبقة السابعة عشرة في (( طريق الهجرتين )) خَصّه لهذا النوع  وكما اخبر ابن القيم وحكي هذا ايضآ الشيخ ابابطين رحمه الله " فإن كان مرتكب الشرك الأكبر معذورًا لجهله ، فمن هو الذي لا يعذر ، ولازم هذه الدعوى أنه ليس لله حجة على أحد إلا المعاند ، ولازم هذا أنه لا يكفر جهلة اليهود ولا النصارى ولا الذين يسجدون للشمس والقمر والأصنام لجهلهم" ولازم هذه الدعوة أنه ليس لله حجة على أحدٍ إلا المعاند مع أن صاحب هذه الدعوة لا يمكنه طرد أصله بل لا بد أن يتناقض . ولابد أن يُفَصِّل ، وكل من فَصَّل فقد تَنَاقَضَ ، ؟ لأن النصوص التي يستدل بها عامة ، فإذا استثنى يحتاج إلى نصٍّ وليس عنده نص ، وإنما يعمل الرأي وماتهواه نفسه فحسب ، قال تعالي  ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾ [ الإسراء : 15] هذا عام يشمل اليهود والنصارى والمجوس وعباد الأوثان وغيرهم ، فإذا استثنى حينئذٍ نقول : إيتِ بمخصص . وليس عنده مخصص ، فإذا عَمَّمَ حينئذٍ يبقى عنده إشكال وهو أنه سيعذر بعض من لم تبلغه الدعوة من اليهود والنصارى ، فإذا كان كذلك حيئنذٍ مرق من الإسلام  ان كان قد عرفه ودخل فيه.  إذًا لا بد أن يقع في تناقض ، وهو أنه يُنَزِّل الحكم على بعضٍ دون بعض ، وكل من فصَّل اوخصص فليس عنده دليل البتة ، لأن النصوص حينئذٍ تكون عامة  ﴿ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ ﴾ [ النساء : 165] وقوله تعالي ،للناس يدخل فيه ؟ اليهود والنصارى .. إلى آخره ويدخل فيه المسلم المرتد .. إلى آخره حينئذٍ النصوص عامة فكيف يستثني ؟   فإذا قال : العذر بالجهل . لا يُعذر بالجهل من كان كافرًا أصليًّا وإنما مسألتنا في الذي تلبَّس بالشرك قلنا النصوص عامة : إيتِ بمخصص . حينئذٍ نقول : هذا يعتبر تناقضًا إما أنك تنزل الحكم الذي نزلته على اليهودي المعين والنصراني المعين الذي لم تبلغه الدعوة حينئذٍ نزلت عليه الحكم بالكفر مع أنه لم تتحق الشروط وتنتفي الموانع باعتبار زعمه  ، فحينئذٍ نَزَّل الحكم وهو الكفر ، يلزمك أن تُنَزّله على من تلبّس بالشرك ممن ينتسبون للاسلام  في أصل دعواه ، أو بالعكس ، إذا عَذَرْتَ المسلم إذا وقع في الشرك الأكبر وذبح لغير الله واستغاث بغير الله وفعل ما فعله المشركون الأوائل وعذرته بالجهل وحكمت له بالإسلام يلزمك كذلك في المعين اليهودي وبالمعين النصراني إن فَرَّقْتَ قلنا : قد أخطأت . حينئذٍ إما هذا وإما ذاك . إذًا لازم دعوى من يَعْذِرُ بالجهل وهو لازم ملزم أن يطرد أصله لعموم النصوص باعتبار ما يستدل به هو ، فإذا فصَّل حينئذٍ نقول : هذا التفصيل نقَضًا لقاعدتك ، وهي العذر بالجهل لأن النصوص تعتبر حينئذٍ عامة ، وكثيرٌ ممن يميل إلى هذا القول يقع في تناقض و خلط من حيث يشعر ، بل بعضهم قد استثنى اليهود والنصارى وعَذَر بعضهم هذا لاشك في كفره بل لا شك في كفر من لم يكفره ، لأن اليهود والنصارى على جهة العموم وعلى جهة الأفراد بإجماع أهل العلم من المعلوم من الدين بالضرورة أنهم كفار ، حينئذٍ  إذااستثنى بعضهم وقال: هذالم تبلغه الدعوةفنحكم عليه بكونه ليس كافرًا ، فحينئذٍ كيف يجعل له الأحكام هل تنزل الأحكام الكفرية أم لا ؟ هل يصلى عليه ؟ هل يُحكم بإسلامه ؟ هل نرجع إلى الفطرة ؟ .. إلى آخره نقول : هذا محل إشكال لا جواب عنده إلا أن يجعل هذه المسألة خاصةً بالمسلم الذي قد وقع في الشرك وهذا تناقض كما ذكرنا ، بل ذكر ابن القيم في الطبقات أطفال اليهود والنصارى وماحكمهم ؟ يعني هذا طفل ولد عمره شهر ومات أبوه يهودي وأمه يهودية ما حكمه في الإسلام مسلم أم كافر ؟ كافر ، [ إذًا هل ] إذا حكم عليه بكونه كافر وقطعًا سيحكم عليه بأنه كافر ، إذًا هل أقمت عليه الحجة ؟ مات مباشرة بعد أن خرج من رحم أمه مات مباشرةً نصلي عليه أو لا ؟ لا نصلي عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين .. إلى آخر الأحكام المترتبة على كفره ، سيحكم بكفره كيف حكمت بكفره مع كونك لم تقم الحجة عليه ، هل تحققت الشروط وانتفت الموانع ؟ الجواب : لا قطعًا . لأنه جاهل ، هل يشك أحد عنده رائحة عقل أن هذا جاهل ؟ لا ، إذًا وُجِد الجهل ووُجِد الحكم ، وُجد الجهل ووُجدالحكم ، حينئذٍ نقول : هذا الذي تنفيه عن غيره قد تحقق ، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا ، ما دام أنه قد أثبتَ الكفر وهو الحكم الشرعي على هذا النوع مع حكمك بكونه جاهلاً قد حصل عندك شيء من التعارض والتناقض وطردت اصلك فحينئذ  يلزمك إعذار أهل الفترات أو بعضهم لجهلهم ، وهذا خلاف الإجماع .    ويلزمك إعذار جهلة المنافقين وعوامهم ، وهذا خلاف إجماع السلف   ويلزمك إعذار كل من أنكر ربوبية الله جهلاً ، وهذا خلاف إجماع السلف.  ويلزمك إعذار من أنكر علم الله جهلاً أو تأويلاً ، وهذا خلاف إجماع السلف .  ويلزمك  إعذار من عطل أسماء الله أو صفاته جهلاً من الجهمية وهذا خلاف إجماع السلف .   إذا كان الله سبحانه قد أقام الحجة على مشركي قريش وغيرهم بدين إبراهيم مع ندرة من كان على علم به أو ببعضه، فنجى الله سبحانه من سعى لطلبه وأدرك بعضه، وعذب من لم يسع في طلبه ومات على شركه، فكيف يعذر الناس بالجهل في بلاد تنتسب للاسلام  ومع كثرة العلماء وانتشار العلم وظهور شعائر الدين. وكتاب الله بين ايديهم يقرؤونه ويتلي عليهم ليل نهار .   - هذا وقد تواترت النصوص الشرعية القرآنية على بيان أن من الكفار من لا يفقه كتاب الله ، ولا بيان رسوله ، ويموت يوم يموت وهو شاك في قضايا الإيمان بهذا الطرح الذي طرحه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويظن أنه على الهدى ، قال تعالى : " قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً " (الكهف : 103 - 104 ) . هذا برهان جلي ، وبيان إلهي يدفع من اشترط إزالة الشبهة التي تتعلق بأذهان الكافرين لإقامة الحجة . فلو كان هذا صحيحاً لصح عذر من قال الله تعالى فيهم:  " إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ "(الأعراف :30) وكذلك من حكى الله تعالى عن عدم فهمهم للحق أو معرفتهم به فقال : " وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً . إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا ً "( الفرقان:41 - 42 ) سبحان الله هل هناك سوء فهم للحق ، وتلبيس فيه بمثل ذلك حتى يقول : " إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا " ، فلعمر الحق لو صح اشتراط الفهم ورفع الشبهة في مقام الحجة للمشركين لصح بيقين عذر هؤلاء الضالين , ولكنا وجدنا الحق سبحانه وتعالى يقول معقباً على كلامهم : " وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا ً " بل إن الله تعالى يقرر بوضوح يقطع ألسنة المخالف لنا في هذه القضية , يقرر سبب كفر أكثر المشركين بقوله تعالى : " بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ " (الأنبياء :24) فهل بعد بيان الله من بيان ؟ وهل خرست ألسن الأفَّآكين ؟ وهل كشف عوار المشركين؟ اللهم فاشهد … . إن من اشترط قيام الحجة ، وفهمها كما يفهمها المؤمن وقطع جميع الشبه حولها ،كما يشترطه اليوم علماء الطواغيت وأدعياء العلم أصحاب العذر بالجهل ، فقد أتى بعظيمة في الدين ، ولزمه عذر اليهود والنصارى اليوم يقيناً ، لأن كل عاقل يعلم أن الحجة لم تقم عليهم بهذا التحديد الذي حدده .. فجماهيرهم مقلدون تابعون ، يجهلون دلائل القرآن المجيد لإعراضهم عنه فضلاً عما يبثه فيهم أئمة الضلال من الأحبار والرهبان من شبه حول القرآن ودلائله ، فهلَّا عذر اليهود والنصارى بجهلهم على مذهبه ؟؟ ومن العجب أننا لما عارضنا بعضهم بأمر اليهود والنصارى قالوا : إننا كَفَّرنا اليهود والنصارى لأن النصوص القطعية في الكتاب والسنة دلت على كفر من دان بدينهم ، قلت : وكذلك النصوص القطعية في الكتاب والسنة دلت على كفر من شَرَّع شرعة من دون شرع الله يتصرف بها في جزء من كون الله وقضى بها بين العباد في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، وكذلك دلت على كفر من تحاكم إلى غير شرع الله ، وكذلك دلت على كفر من توجه بالنسك لغير ذات الله تعالى ، أو استنصر غير الله أو استرزقه من الأموات ، فلم عذرتم هؤلاء ولم تعذروا هؤلاء ؟؟ فبأي سلطان ودليل يفرق بين من أشرك من المنتسبين لدين محمد صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، وكلاهما نقض التوحيد ؟؟ أم أن الله تعالى جعل القرآن حجة مجرده على اليهود والنصارى وليس حجة على من أشرك ممن يدعي الإسلام إلا بشرح ابن تيمية وابن القيم وابن حزم وغيرهم من العلماء ، أم هو الهوى والتحكم بالباطل ؟؟!!  أريد أن أقول : إن الاعتراض عليهم هنا بشرك اليهود والنصارى هو في ذاته حجة ملزمة ، ولا انفكاك منها ، إلا أن يُحَكِّموا محض الهوى والتلذذ ، وإني أعلم جيداً أنه لولا بقية من الحياء عند بعضهم لحكموا بعذر اليهود والنصارى وأنهم ليسوا كفاراً مشركين إلا من بعد إقامة الحجة الرسالية الغيبية على كل رجل وامرأة بالكتاب والسنة وتفسير الأئمة المشهورين ، وبيان فساد ما عندهم من شبه ، وإبطال ما يموه به أحبارهم ورهبانهم على الحق وأهله ؟ أليس كذلك ؟ نبؤوني بعلم إن كنتم صادقين .  _______________  فهذا كتاب الله تعالى ينطق بالحق انه لا عذر لأحد فعل الكفر ومات عليه في الآخرة ولكن من رحمته انه حكم بعذر واحد لا ثاني له وهو الإكراه فمن فعل الكفر مكرها فهذا معذور في الدنيا والآخرة قال تعالى: مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (النحل:106) , ولم يجعل الله سبحانه مطلق الإكراه وإنما قيده في نفس النص بعدم انشراح الصدر. فمن قال بالعذر سوى الإكراه فهو من المتخرصين القائلين على الله تعالى بغير علم ممن حكم الله تعالى عليه بقوله: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (الأنعام:21).  إن العذر بالجهل في عبادة غير الله تعالى, يخالف أصل الرسالة التي بعث بها الله سبحانه وتعالى خاتم رسله عليه الصلاة والسلام وهي أنه سبحانه جعل هذه الرسالة رحمة للعالمين بقوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (الأنبياء:107), فإذا كان العذر ثابتا للمشرك بجهله فإن غالب المشركين جاهلون وعند دعوتهم للإسلام فإن غالبهم يرفضونه لجهلهم ويترتب عليه أن ينتفي العذر بإرسال الرسول عليه الصلاة والسلام ويحق عليهم كلمة ربنا أنهم من أصحاب النار أي المخلدون فيها وهذا مناقض للرحمة إذ الرحمة تقتضي إبقاؤه على جهله رحمة به حتى يكون معذورا عند ربه ولا يكون من المعذبين وابقاء الجاهل على جهله خير له وأرحم من دعوته إن كان سيترتب على دعوته رفضه للدعوة ويتفرع على ذلك التكليف بما لا يطاق في حال ثبات التكليف بالدعوة وهو العلم المسبق بمن يقبل الدعوة ممن يرفضها وهذا علم غيب لا يعلمه إلا الله وإذا علمنا من يقبل الدعوة ومن يرفضها انتفى عموم الرسالة الثابت بقوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون (سبأ:28), وقوله تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (الأعراف:158), وهذا كله تناقض وضرب الكتاب بعضه ببعض و نفي لأصل الرسالة هذا إن كان القائلون بالعذر يقصدون العذر عند الله تعالى يوم القيامة, وإن كانوا يقصدون العذر في الدنيا فهذا يستوي فيه المكلفون جميعا ومما لا خلاف فيه ويسقط قولهم بذلك , أما إذا كانوا يتكلمون بالعذر ولا يدرون متعلقه أفي الدنيا أم في الآخرة فهم ممن قال فيهم سبحانه وتعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (الحج:8), وقوله تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً (الإسراء:36), وإذا كانوا يقصدون العذر في الدنيا والآخرة فكفى بذلك افتراءاً على الله تعالى, وإن كانوا يقصدون صورة من صور الجهل فهذا تقييد لا يُقبل إلا بنص محكم من الكتاب والسنة, لأن مسألة العذر هي من مسائل أصل الدين التي يجب أن يرد فيها نص محكم من القرآن والسنة ولا تترك للاجتهاد لأنها تتعلق بإرادة الله تعالى وأفعاله من حيث الثواب والعقاب وهذا لا يملكه إلا الله تعالى ولا يبينه إلا هو سبحانه وليس من اختصاص البشر.  ___________________________ جزء من مقال "رسالة الي العاذر بالجهل "‎
قال جل وعلا
______

{وَلئِنْ سَأَلْتَهُمْ ليَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}
_________________

-قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب في "كشف الشبهات"تعليقآ علي الآيه

"كفَّرهم بكلمة مع كونهم في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يجاهدون معه ويصلُّون معه ويزكُّون ويحجُّون ويوحدون"

- قال شيخ الإسلام ابن تيمية:تعليقآ علي الآيه

إنَّ من سبَّ الله ورسولَه طوعًا بغير كَرْه، بل من تكلَّم بكلمات الكفر طائعًا غير مُكْرَهٍ، ومنِ استهزأ بالله وآياته ورسوله فهو كافرٌ باطنًا وظاهرًا، وإِنَّ من قال: إِنَّ مثل هذا قد يكون في الباطن مؤمنًا بالله وإِنَّما هو كافرٌ في الظَّاهر، فإنَّه قال قولاً معلومُ الفساد بالضَّرورة من الدِّين، وقد ذكر الله كلماتِ الكفَّار في القرآن وحكم بكفرهم واستحقاقهم الوعيد بها". "مجموع الفتاوى" 7/557.

-قال القاضي أبو بكرٍ بن العربيّ المالكيّ "أحكام القرآن" 2/976:
تعليقآ علي الآيه

"لا يخلو أَنْ يكونَ ما قالوه من ذلك جدًّا أو هَزْلاً، وهو - كيفما كان - كفرٌ، فإِنَّ الهزلَ بالكفرِ كفرٌ، لا خلاف فيه بين الأمَّة. فإِنَّ التَّحقيق أخو الحقّ والعلم، والهزلَ أخو الباطل والجهل. قال علماؤنا: انظر إلى قوله: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَال أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ} [البقرة: 67]".
-قال الكِيا الهرَّاسي – الشافعيّ - في "أحكام القرآن"
تعليقآ علي الآيه

"فيه دلالةٌ على أنَّ اللاَّعب والخائض سواءٌ في إظهار كلمة الكفر على غير وجه الإكراه، لأَنَّ المنافقين ذكروا أَنَّهم قالوا ما قالوه لَعِبًا، فأخبر الله تعالى عن كفرهم باللَّعِب بذلك، ودلَّ أنَّ الاستهزاءَ بآياتِ الله تعالى كفرٌ".

-قال أبو محمد بن حزم في "الفصل" 3/244:تعليقآ علي الآيه

"فنصَّ تعالى على أَنَّ الاستهزاء بالله تعالى أو بآياته أو برسولٍ من رسله كفرٌ مخرجٌ عن الإيمان ولم يقل تعالى في ذلك إِنِّي علمت أَنَّ في قلوبكم كفرًا، بل جعلهم كفارًا بنفس الاستهزاء. ومنِ ادَّعى غير هذا فقد قوَّل الله تعالى ما لم يقُلْ وكذب على الله تعالى"

-قال ابن الجوزيّ - الحنبلي -: تعليقآ علي الآيه
"وقوله: {قَدْ كَفَرْتُمْ} أي: قد ظهر كفركم بعد إظهارِكم الإيمان، وهذا يدلُّ على أَنَّ الجدَّ واللعِبَ في إظهار كلمة الكفر سواء". "زاد المسير" 3/465.

-قال أبو بكر أحمد بن عليٍّ الجصَّاص – الحنفيّ تعليقآ الآيه

-: "فيه الدّلالة على أنَّ اللاعبَ والجادَّ سواءٌ في إظهار كلمة الكفر على غير وجه الإكراه؛ لأَنَّ هؤلاء المنافقين ذكروا أَنَّهم قالوا ما قالوه لعِبًا فأخبر الله عن كفرِهم باللعِبِ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقد اجمعت الامة علي كفر من سب الله اوسب نبيه ولايقبل منه عذر بجهل ولاتأويل ولاتقليد 

قال إسحاق بن راهويه (قد أجمع المسلمون على أن من سب الله عز وجل
أو سب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو دفع شيئاً مما أنزل الله أو قتل نبياً من أنبياء الله؛ أنَّه كافر، وإن كان مقراً بكل ما أنزل الله).

وقال ابن المنذر (أجمع عوام أهل العلم على أنَّ من سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ القتل).

قال القاضي عياض (ولا نعلم خلافاً على استباحة دمه - يعني ساب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - بين علماء الأمصار وسلف الأمة، وقد ذكر غير واحد الإجماع على قتله وتفكيره).

وقال تقي الدين السبكي (أمَّا ساب النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فالإجماع منعقدٌ على أنَّه كفر، والاستهزاء به كفر).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميه (إنَّ سب الله أو سب رسوله؛ كفر، ظاهراً وباطناً، وسواءٌ كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان مستحلاً له، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين؛ بأنَّ الإيمان قول وعمل).

وقال أيضاً (وقد اتفقت نصوص العلماء من جميع الطوائف؛ على أن التنقص له صلى الله عليه وآله وسلم؛ كفرٌ، مُبيح للدم).

-قال شيخ الإسلام عند كلامه على قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ . قال ( ..فإذا ثبت أن رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم والجهر بالقول يخاف منه أن يكفر صاحبه وهو لا يشعر ويحبط عمله بذلك، وأنه مظنة لذلك وسبب فيه، فمن المعلوم أن ذلك لما ينبغي له من التعزير والتوقير والتشريف والتعظيم والإجلال ولما أن رفع الصوت قد يشتمل على أذى له واستخفاف به، وإن لم يقصد الرافع ذلك، فإذا كان الأذى والاستخفاف الذي يحصل في سوء الأدب من غير قصد صاحبه يكون كافرا، فالأذى والاستخفاف المقصود المتعمد كفر بطريق الأولى ) . 
وقال بعد أن ذكر جملة من الأحاديث في كفر المنتقص من النبي صلى الله عليه وسلم ( وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كفر كفر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرا إذ لا يقصد الكفر أحد "إلا ما شاء الله " ) .

وإذا كان الإنسان قد يخرج من الإسلام دون أن يقصد الخروج منه فما معنى التوقف عن التكفير حتى تنتفي موانعه؟

وقال رحمه الله في معرض حديثه عن سب النبي صلى الله عليه وسلم ( والغرض هنا أنه كما أن الردة تتجرد عن السب فكذلك تتجرد عن قصد تبديل الدين وإرادة التكذيب بالرسالة، كما تجرد كفر إبليس عن قصد التكذيب بالربوبية وإن كان عدم هذا القصد لا ينفعه، كما لا ينفع من قال الكفر ألا يقصد الكفر) .

أما اشتراط قصد الكفر في التكفير فهذا يقتضي كما قال ابن الوزير في "إيثار الحق على الخلق"ألا يكون شيء من الأفعال والأقوال كفرا إلا مع الاعتقاد حتى قتل الأنبياء والاعتقاد من السرائر المحجوبة فلا يتحقق كفر كافر قط إلا بالنص الخاص في شخص شخص"كما هو اعتقاد غلاة الارجاء 
وقد جاء في حديث طارق بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( دخل الجنة رجل في ذباب، دخل النار رجل في ذباب قالوا وكيف ذلك يا رسول الله قال ( مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجاوزه أحد حتى يقرب له شيئا فقالوا لأحدهما قرب، قال ليس عندي شيء أقرب، قالوا له قرب ولو ذبابا، فقرب ذبابا فخلوا سبيله فدخل النار وقالوا للآخر قرب فقال ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل فضربوا عنقه فدخل الجنة ) . 
فهذا الرجل لم يقصد عبادة غير الله بل قرب الذباب لينجو بنفسه ولم يكن يدري أن فعله ذلك يدخله النار. 
ولذلك قال محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد: ( فيه مسائل.. التاسعة: كونه دخل النار بذلك الذباب الذي لم يقصده بل فعله تخلصا من شرهم، الحادية عشرة: أن الذي دخل النار مسلم لأنه لو كان كافرا لم يقل "دخل النار في ذباب" ) .
قال عبد الرحمن بن حسن ( وفي هذا الحديث التحذير من الوقوع في الشرك وأن الإنسان قد يقع فيه وهو لا يدري أنه من الشرك الذي يوجب النار) .
بل نُقل الاجماع ليس فحسب علي كفر الساب بل علي كُفر من شك في كفره وعذابه
قال محمد بن سحنون (أجمع العلماء على أن شاتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المنتقص له؛ كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كَفَر).

فنقول لاهل العذر بالجهل ، هل ذكر اهل العلم التعريف واقامة الحجة واستيفاء شروط وموانع فيما سبق .وهو شاهد ماذكر اعلاه
فان قالوا لا 
قلنا لهم نقضتم منهجكم بانفسكم لان هذا اصل مطرد ولادليل علي تخصيص كفر عن كفر في اصل الدين والشرك الاكبر 
فمن فعل الكفر والشرك الاكبر فهو كافر لقوله تعالي

"إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ "وقال عن المسيح أنه قال : "مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ "

فمن خص ذلك الوعيد بالمعاند فقط وأخرج الجاهل والمتأول والمقلد فقد شاق الله ورسوله وخرج عن سبيل المؤمنين ، فالمدعي أن مرتكب الكفر متأولاً أو مجتهدًا مخطئًا أو مقلدًا أو جاهلاً ، معذور ، مخالف للكتاب والسنة بلا شك ، مع أنه لابد أن ينقض أصله، فلو طرد أصله كفر بلا ريب كما لو توقف في تكفير من شك في رسالة محمد أو شك في البعث أو غير ذلك من أصول الدين والشاك جاهل ، والجهل ليس بعذر".

قال الحافظ ابن حجر بعد ذكر حديث الخوارج ( وفيه أن من المسلمين من يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه ومن غير أن يختار دينا على دين الإسلام، وأن الخوارج شر الفرق المبتدعة من الأمة المحمدية ومن اليهود والنصارى) . وقد نقل رحمه الله عن ابن جرير الطبري أنه قال في تهذيب الآثار بعد أن ساق الأحاديث في الخوارج "فيه الرد على قول من قال لا يخرج أحد من الإسلام من أهل القبلة بعد استحقاقه حكمه إلا بقصد الخروج منه عالما فإنه مبطل لقوله في الحديث ( يقولون الحق ويقرأون القرآن ويمرقون من الإسلام ولا يتعلقون منه بشيء) ." 
فكيف لاتعذرون من سب النبي اوشك في رسالته او اشرك معه احد في الرسالة وتعذرون من شك في الوهية الله او اشرك معه احد غيره وصرف له اي نوع من انواع العبادات التي لاتصرف الا لله !!

_________________

يقول أبو بطين - رحمه الله - حاكيًا عن شيخ الإسلام ابن تيمية : "لقد جزم - رحمه الله - في مواضع كثيرة بكفر من فعل ما ذكرت من أنواع الشرك وحكى إجماع المسلمين على ذلك ، ولم يستثن الجاهل ونحوه ، وقال الله تعالى : "إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ "وقال عن المسيح أنه قال : "مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ "فمن خص ذلك الوعيد بالمعاند فقط وأخرج الجاهل والمتأول والمقلد فقد شاق الله ورسوله وخرج عن سبيل المؤمنين ، فالمدعي أن مرتكب الكفر متأولاً أو مجتهدًا مخطئًا أو مقلدًا أو جاهلاً ، معذور ، مخالف للكتاب والسنة بلا شك ، مع أنه لابد أن ينقض أصله، فلو طرد أصله كفر بلا ريب كما لو توقف في تكفير من شك في رسالة محمد أو شك في البعث أو غير ذلك من أصول الدين والشاك جاهل ، والجهل ليس بعذر".
__________

وهذا استدلال قاطع وحاسم أنه لا فرق بين شرك وشرك ، ولا بين كفر وكفر في تخصيصه بالجهل من عموم الوعيد ، وإن محاولة التفريق بين إنكار البعث والشك في قدرة الله وعلمه وإهانة المقدسات والشرك بالله في العبادة وبين وبين العذر بالجهل في دعاء غير الله اوالاستغاثه به اوصرف اي نوع من انواع العبادات التي هي حق لله الي غيره تفريق باطل ، فقد علم من دين الله بالضرورة أنه لا فرق بين كفر وكفر إذا كان أكبر إلا في التغليظ بمعنى أنه يوجد كفر مجرد وكفر مغلظ وكلاهما كفر ، والقول بأن المشرك مسلم ، فرية عظيمة ومشاقة لله ورسوله ، لأن معنى ذلك أن من مات على الشرك الأكبر يكون قد مات مسلمًا ولقي الله بدين قُبِلَ منه
والله يقول : "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ "
والدين عند الله هو الإسلام ، والإسلام هو التوحيد وإفراد الله بالعبادة وعدم الشرك به ، فإذا كان من مات على الشرك قد مات على دين يُقْبَلُ منه فمعنى هذا أن الله سبحانه وتعالى قد أذن بالشرك ، وأذن أن يعبد معه غيره ؛ وهذا باطل وافتراءعلي الله وما ترتب عليه فهو باطل مثله
والله يقول : "وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ "

والإمام البخاري و شرَّاح الصحيح لم يفرقوا بين كفر وشرك بل جعلوه كله شيئًا واحدًا 

كما ذكر ذلك الإمام أبو بطين في الانتصار لحزب الله الموحدين ،
فيقول : "فإن كان مرتكب الشرك الأكبر معذورًا لجهله ، فمن هو الذي لا يعذر ، ولازم هذه الدعوى أنه ليس لله حجة على أحد إلا المعاند ، ولازم هذا أنه لا يكفر جهلة اليهود ولا النصارى ولا الذين يسجدون للشمس والقمر والأصنام لجهلهم"

- وهو ايضآ لزام ملزم لاهل الاعذر فان خصوا المعاند فقط بالكفر فاين الدليل علي التخصيص 
فمن اهل الكفر من عاند والمعاند الذي يعلم أن هذا كفر فيأتيه ، وهذا محل وفاق أنه كافر مرتد عن الإسلام إن كان في أصله هو منتسب إلى الإسلام ، [ والكافر ] 

وهناك ايضآ الجاهل وهذا هو الأكثر في الكفار والمشركين الذين بُعث فيهم النبي أنهم كانوا جهالاً ، بمعنى أنهم تلبَّسوا بالشرك الأكبر 
ومع ذلك لا يَعْلَمُون أنه شَرْكٌ أو أنهم لا يعلمون حكمه حينئذٍ نقول : هذا يُعتبر من الأمور التي يُنَزّل عليها الحكم مباشرةً ، ولو كان جاهلاً ، بل أكثر المشركين كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وكذلك تلميذه ابن القيم أنهم من هذا النوع وهم الجهال الذين حكم عليهم الباري جل وعلا بكفرهم وهو ما ذكره رحمه الله تعالى في الطبقة السابعة عشرة في (( طريق الهجرتين )) خَصّه لهذا النوع 
وكما اخبر ابن القيم وحكي هذا ايضآ الشيخ ابابطين رحمه الله "فإن كان مرتكب الشرك الأكبر معذورًا لجهله ، فمن هو الذي لا يعذر ، ولازم هذه الدعوى أنه ليس لله حجة على أحد إلا المعاند ، ولازم هذا أنه لا يكفر جهلة اليهود ولا النصارى ولا الذين يسجدون للشمس والقمر والأصنام لجهلهم"
ولازم هذه الدعوة أنه ليس لله حجة على أحدٍ إلا المعاند مع أن صاحب هذه الدعوة لا يمكنه طرد أصله بل لا بد أن يتناقض . ولابد أن يُفَصِّل ، وكل من فَصَّل فقد تَنَاقَضَ ، ؟ لأن النصوص التي يستدل بها عامة ، فإذا استثنى يحتاج إلى نصٍّ وليس عنده نص ، وإنما يعمل الرأي وماتهواه نفسه فحسب ،
قال تعالي 
﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾ [ الإسراء : 15] هذا عام يشمل اليهود والنصارى والمجوس وعباد الأوثان وغيرهم ، فإذا استثنى حينئذٍ نقول : إيتِ بمخصص . وليس عنده مخصص ، فإذا عَمَّمَ حينئذٍ يبقى عنده إشكال وهو أنه سيعذر بعض من لم تبلغه الدعوة من اليهود والنصارى ، فإذا كان كذلك حيئنذٍ مرق من الإسلام ان كان قد عرفه ودخل فيه. 
إذًا لا بد أن يقع في تناقض ، وهو أنه يُنَزِّل الحكم على بعضٍ دون بعض ، وكل من فصَّل اوخصص فليس عنده دليل البتة ، لأن النصوص حينئذٍ تكون عامة 
﴿ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ ﴾ [ النساء : 165] وقوله تعالي ،للناس يدخل فيه ؟ اليهود والنصارى .. إلى آخره ويدخل فيه المسلم المرتد .. إلى آخره حينئذٍ النصوص عامة فكيف يستثني ؟ 

فإذا قال : العذر بالجهل . لا يُعذر بالجهل من كان كافرًا أصليًّا وإنما مسألتنا في الذي تلبَّس بالشرك قلنا النصوص عامة : إيتِ بمخصص . حينئذٍ نقول : هذا يعتبر تناقضًا إما أنك تنزل الحكم الذي نزلته على اليهودي المعين والنصراني المعين الذي لم تبلغه الدعوة حينئذٍ نزلت عليه الحكم بالكفر مع أنه لم تتحق الشروط وتنتفي الموانع باعتبار زعمه ، فحينئذٍ نَزَّل الحكم وهو الكفر ، يلزمك أن تُنَزّله على من تلبّس بالشرك ممن ينتسبون للاسلام في أصل دعواه ، أو بالعكس ، إذا عَذَرْتَ المسلم إذا وقع في الشرك الأكبر وذبح لغير الله واستغاث بغير الله وفعل ما فعله المشركون الأوائل وعذرته بالجهل وحكمت له بالإسلام يلزمك كذلك في المعين اليهودي وبالمعين النصراني إن فَرَّقْتَ قلنا : قد أخطأت . حينئذٍ إما هذا وإما ذاك . إذًا لازم دعوى من يَعْذِرُ بالجهل وهو لازم ملزم أن يطرد أصله لعموم النصوص باعتبار ما يستدل به هو ، فإذا فصَّل حينئذٍ نقول : هذا التفصيل نقَضًا لقاعدتك ، وهي العذر بالجهل لأن النصوص تعتبر حينئذٍ عامة ، وكثيرٌ ممن يميل إلى هذا القول يقع في تناقض و خلط من حيث يشعر ، بل بعضهم قد استثنى اليهود والنصارى وعَذَر بعضهم هذا لاشك في كفره بل لا شك في كفر من لم يكفره ، لأن اليهود والنصارى على جهة العموم وعلى جهة الأفراد بإجماع أهل العلم من المعلوم من الدين بالضرورة أنهم كفار ، حينئذٍ 
إذااستثنى بعضهم وقال: هذالم تبلغه الدعوةفنحكم عليه بكونه ليس كافرًا ، فحينئذٍ كيف يجعل له الأحكام هل تنزل الأحكام الكفرية أم لا ؟ هل يصلى عليه ؟ هل يُحكم بإسلامه ؟ هل نرجع إلى الفطرة ؟ .. إلى آخره نقول : هذا محل إشكال لا جواب عنده إلا أن يجعل هذه المسألة خاصةً بالمسلم الذي قد وقع في الشرك وهذا تناقض كما ذكرنا ، بل ذكر ابن القيم في الطبقات أطفال اليهود والنصارى وماحكمهم ؟ يعني هذا طفل ولد عمره شهر ومات أبوه يهودي وأمه يهودية ما حكمه في الإسلام مسلم أم كافر ؟ كافر ، [ إذًا هل ] إذا حكم عليه بكونه كافر وقطعًا سيحكم عليه بأنه كافر ، إذًا هل أقمت عليه الحجة ؟ مات مباشرة بعد أن خرج من رحم أمه مات مباشرةً نصلي عليه أو لا ؟ لا نصلي عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين .. إلى آخر الأحكام المترتبة على كفره ، سيحكم بكفره كيف حكمت بكفره مع كونك لم تقم الحجة عليه ، هل تحققت الشروط وانتفت الموانع ؟
الجواب : لا قطعًا .
لأنه جاهل ، هل يشك أحد عنده رائحة عقل أن هذا جاهل ؟ لا ، إذًا وُجِد الجهل ووُجِد الحكم ، وُجد الجهل ووُجدالحكم ، حينئذٍ نقول : هذا الذي تنفيه عن غيره قد تحقق ، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا ، ما دام أنه قد أثبتَ الكفر وهو الحكم الشرعي على هذا النوع مع حكمك بكونه جاهلاً قد حصل عندك شيء من التعارض والتناقض وطردت اصلك فحينئذ

يلزمك إعذار أهل الفترات أو بعضهم لجهلهم ، وهذا خلاف الإجماع .


ويلزمك إعذار جهلة المنافقين وعوامهم ، وهذا خلاف إجماع السلف 

ويلزمك إعذار كل من أنكر ربوبية الله جهلاً ، وهذا خلاف إجماع السلف.

ويلزمك إعذار من أنكر علم الله جهلاً أو تأويلاً ، وهذا خلاف إجماع السلف .

ويلزمك إعذار من عطل أسماء الله أو صفاته جهلاً من الجهمية وهذا خلاف إجماع السلف . 

إذا كان الله سبحانه قد أقام الحجة على مشركي قريش وغيرهم بدين إبراهيم مع ندرة من كان على علم به أو ببعضه، فنجى الله سبحانه من سعى لطلبه وأدرك بعضه، وعذب من لم يسع في طلبه ومات على شركه، فكيف يعذر الناس بالجهل في بلاد تنتسب للاسلام ومع كثرة العلماء وانتشار العلم وظهور شعائر الدين. وكتاب الله بين ايديهم يقرؤونه ويتلي عليهم ليل نهار . 

- هذا وقد تواترت النصوص الشرعية القرآنية على بيان أن من الكفار من لا يفقه كتاب الله ، ولا بيان رسوله ، ويموت يوم يموت وهو شاك في قضايا الإيمان بهذا الطرح الذي طرحه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويظن أنه على الهدى ، قال تعالى : "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً " (الكهف : 103 - 104 ) .
هذا برهان جلي ، وبيان إلهي يدفع من اشترط إزالة الشبهة التي تتعلق بأذهان الكافرين لإقامة الحجة . فلو كان هذا صحيحاً لصح عذر من قال الله تعالى فيهم:
"إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ "(الأعراف :30) وكذلك من حكى الله تعالى عن عدم فهمهم للحق أو معرفتهم به فقال : "وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً . إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا ً
"( الفرقان:41 - 42 )
سبحان الله هل هناك سوء فهم للحق ، وتلبيس فيه بمثل ذلك حتى يقول : "إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا "، فلعمر الحق لو صح اشتراط الفهم ورفع الشبهة في مقام الحجة للمشركين لصح بيقين عذر هؤلاء الضالين , ولكنا وجدنا الحق سبحانه وتعالى يقول معقباً على كلامهم : "وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا ً "بل إن الله تعالى يقرر بوضوح يقطع ألسنة المخالف لنا في هذه القضية , يقرر سبب كفر أكثر المشركين بقوله تعالى : "بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ " (الأنبياء :24)
فهل بعد بيان الله من بيان ؟ وهل خرست ألسن الأفَّآكين ؟ وهل كشف عوار المشركين؟ اللهم فاشهد … .
إن من اشترط قيام الحجة ، وفهمها كما يفهمها المؤمن وقطع جميع الشبه حولها ،كما يشترطه اليوم علماء الطواغيت وأدعياء العلم أصحاب العذر بالجهل ، فقد أتى بعظيمة في الدين ، ولزمه عذر اليهود والنصارى اليوم يقيناً ، لأن كل عاقل يعلم أن الحجة لم تقم عليهم بهذا التحديد الذي حدده ..
فجماهيرهم مقلدون تابعون ، يجهلون دلائل القرآن المجيد لإعراضهم عنه فضلاً عما يبثه فيهم أئمة الضلال من الأحبار والرهبان من شبه حول القرآن ودلائله ، فهلَّا عذر اليهود والنصارى بجهلهم على مذهبه ؟؟
ومن العجب أننا لما عارضنا بعضهم بأمر اليهود والنصارى قالوا : إننا كَفَّرنا اليهود والنصارى لأن النصوص القطعية في الكتاب والسنة دلت على كفر من دان بدينهم ، قلت : وكذلك النصوص القطعية في الكتاب والسنة دلت على كفر من شَرَّع شرعة من دون شرع الله يتصرف بها في جزء من كون الله وقضى بها بين العباد في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، وكذلك دلت على كفر من تحاكم إلى غير شرع الله ، وكذلك دلت على كفر من توجه بالنسك لغير ذات الله تعالى ، أو استنصر غير الله أو استرزقه من الأموات ، فلم عذرتم هؤلاء ولم تعذروا هؤلاء ؟؟
فبأي سلطان ودليل يفرق بين من أشرك من المنتسبين لدين محمد صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، وكلاهما نقض التوحيد ؟؟ أم أن الله تعالى جعل القرآن حجة مجرده على اليهود والنصارى وليس حجة على من أشرك ممن يدعي الإسلام إلا بشرح ابن تيمية وابن القيم وابن حزم وغيرهم من العلماء ، أم هو الهوى والتحكم بالباطل ؟؟!!

أريد أن أقول : إن الاعتراض عليهم هنا بشرك اليهود والنصارى هو في ذاته حجة ملزمة ، ولا انفكاك منها ، إلا أن يُحَكِّموا محض الهوى والتلذذ ، وإني أعلم جيداً أنه لولا بقية من الحياء عند بعضهم لحكموا بعذر اليهود والنصارى وأنهم ليسوا كفاراً مشركين إلا من بعد إقامة الحجة الرسالية الغيبية على كل رجل وامرأة بالكتاب والسنة وتفسير الأئمة المشهورين ، وبيان فساد ما عندهم من شبه ، وإبطال ما يموه به أحبارهم ورهبانهم على الحق وأهله ؟ أليس كذلك ؟ نبؤوني بعلم إن كنتم صادقين .

_______________

فهذا كتاب الله تعالى ينطق بالحق انه لا عذر لأحد فعل الكفر ومات عليه في الآخرة ولكن من رحمته انه حكم بعذر واحد لا ثاني له وهو الإكراه فمن فعل الكفر مكرها فهذا معذور في الدنيا والآخرة قال تعالى: مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (النحل:106) , ولم يجعل الله سبحانه مطلق الإكراه وإنما قيده في نفس النص بعدم انشراح الصدر. فمن قال بالعذر سوى الإكراه فهو من المتخرصين القائلين على الله تعالى بغير علم ممن حكم الله تعالى عليه بقوله: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (الأنعام:21).

إن العذر بالجهل في عبادة غير الله تعالى, يخالف أصل الرسالة التي بعث بها الله سبحانه وتعالى خاتم رسله عليه الصلاة والسلام وهي أنه سبحانه جعل هذه الرسالة رحمة للعالمين بقوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (الأنبياء:107), فإذا كان العذر ثابتا للمشرك بجهله فإن غالب المشركين جاهلون وعند دعوتهم للإسلام فإن غالبهم يرفضونه لجهلهم ويترتب عليه أن ينتفي العذر بإرسال الرسول عليه الصلاة والسلام ويحق عليهم كلمة ربنا أنهم من أصحاب النار أي المخلدون فيها وهذا مناقض للرحمة إذ الرحمة تقتضي إبقاؤه على جهله رحمة به حتى يكون معذورا عند ربه ولا يكون من المعذبين وابقاء الجاهل على جهله خير له وأرحم من دعوته إن كان سيترتب على دعوته رفضه للدعوة ويتفرع على ذلك التكليف بما لا يطاق في حال ثبات التكليف بالدعوة وهو العلم المسبق بمن يقبل الدعوة ممن يرفضها وهذا علم غيب لا يعلمه إلا الله وإذا علمنا من يقبل الدعوة ومن يرفضها انتفى عموم الرسالة الثابت بقوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون (سبأ:28), وقوله تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (الأعراف:158), وهذا كله تناقض وضرب الكتاب بعضه ببعض و نفي لأصل الرسالة هذا إن كان القائلون بالعذر يقصدون العذر عند الله تعالى يوم القيامة, وإن كانوا يقصدون العذر في الدنيا فهذا يستوي فيه المكلفون جميعا ومما لا خلاف فيه ويسقط قولهم بذلك , أما إذا كانوا يتكلمون بالعذر ولا يدرون متعلقه أفي الدنيا أم في الآخرة فهم ممن قال فيهم سبحانه وتعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (الحج:8), وقوله تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً (الإسراء:36), وإذا كانوا يقصدون العذر في الدنيا والآخرة فكفى بذلك افتراءاً على الله تعالى, وإن كانوا يقصدون صورة من صور الجهل فهذا تقييد لا يُقبل إلا بنص محكم من الكتاب والسنة, لأن مسألة العذر هي من مسائل أصل الدين التي يجب أن يرد فيها نص محكم من القرآن والسنة ولا تترك للاجتهاد لأنها تتعلق بإرادة الله تعالى وأفعاله من حيث الثواب والعقاب وهذا لا يملكه إلا الله تعالى ولا يبينه إلا هو سبحانه وليس من اختصاص البشر.

___________________________
جزء من مقال "رسالة الي العاذر بالجهل "

رسالة الي عاذر المشركين

$
0
0
Photo: ‎رسالة الي عاذر المشركين  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ  اعلم أن التوحيد والشرك نقيضان لا يجتمعان في شخص واحد ولا يرتفعان عن الشخص البته فكل عبد إما أن يكون مسلما وإما أن يكون مشركا كافرا ولا يخلو من أحد الوصفين ومحال أن يكون الشخص مسلم مشرك لأن اجتماع النقيضين محال عقلا وشرعا .  ولا يوجد في التوحيد جهل بل هو إعراض وتجاهل وأكثرهم للحق كارهون قال تعالى: (أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون) فقرر سبحانه أنهم لا يعلمون الحق ثم وصفهم الوصف المطابق لحالهم وهو الإعراض وقال تعالى: (قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا) .  -كل من أشرك بالله الشرك الأكبر فهو مفترٍ على الله؛ لأن المشرك هو المطالب بالدليل على شركه لا أنه معذور حتى يأتيه الدليل قال تعالى: (ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون) ، وقال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) ، وقال تعالى: (هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) ، وقال تعالى: (ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) . وأول كلمة تقولها الأنبياء لأقوامهم مع أنهم جهال: (اعبدوا الله مالكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون) ، وأهل العجل عبدوه بشبهة وتأويل وقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي ، وأضلهم السامري ومع ذلك هم مفترون قال تعالى: (إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين).  -قسم الله عباده ثلاثة أقسام في مواضع كثيرة من القرآن؛ ومنها ما جاء في آخر سورة العنكبوت حيث قال تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) فهذا مشرك جاهل أشرك بلا دليل، ثم قال تعالى: (أو كذب بالحق لما جاءه) فهذا مشرك جاءه الحق فرده وعاند ،ثم بيَّن سبحانه وتعالى حكم الصنفين فقال تعالى: (أليس في جهنم مثوى للكافرين) ثم بين النوع الثالث فقال : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) ، فمن لم يُهد للتوحيد لم يجاهد في الله ويبحث عنه كما أمرناالله . وسلمان الفارسي رضي الله عنه كان في أدغال إيران فجاهد فهدي وهذه الأصناف الثلاثة هي المذكورة في أم القرآن السبع المثاني وهم المنعم عليهم : الذين طلبوا الحق ولزموه، والمغضوب عليهم : الذين جاءهم الحق فردوه، والضالون : وهم الجهال، ومن عذر بالجهل في التوحيد فإنه يلغي القسم الثالث ولا يعترف إلا بالمغضوب عليهم فقط .  -لا يوجد فرق بين جهال اليهود والنصارى وبين مشركي العرب والعجم من المنتسبين للإسلام زوراً وبهتاناً فإن قيل هؤلاء تلفظوا بالشهادة ، فالجواب : الشهادة من اركانها العلم بمعناها، والعمل بمقتضاها، فإن كان قالها بلا علم لم تنفعه ، وإن قالها بعلم واستمر على شركه فهو مغضوب عليه لم يدخل الإسلام.  فإن عذرتم بالجهل فاعذروا كل جهال العالم ، وإلا فقد جعلتم علة التكفير ليست هي الكفر كما قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مفيد المستفيد قال تعالى: (أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر).  -لا فرق بين المشركين الذين أرسل لهم رسولنا صلى الله عليه وسلم ومنهم والداه، وبين مشركي زماننا فكل عُذر يُعتذر به لأهل زماننا فأولئك أولى به قال تعالى: (لتنذر قوما ما أنذر ءاباؤهم فهم غافلون) وقال تعالى: (وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير) .  -كل من مات وهو يدعو من دون الله ندًا فهو في النار كما في حديث ابن مسعود الصحيح (من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار ومن مات وهو لا يدعو لله ندا دخل الجنة)، وقال تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعدما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) ، وقال تعالى: (فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم) .  -تأمل قوله تعالى: (الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون) ، وقوله تعالى: (ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين) ، فإن فيه دلالة على أن الميثاق حجة، ويدل على أن الرسل مكملة ومقررة للأدلة السابقة، قال تعالى : (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى) .  -إعذار المشرك شركاً أكبر بتلك الأعذار الواهية خطير للغاية على صاحبه لأنه لم يكفّر المشركين بلا دليل ولم يكفر بالطاغوت، وخطير للغاية على الناس؛ لأنه يعطل أثار التوحيد واركانه ولوازمه وحقوقه كلها، فالهجرة والجهاد والولاء والبراء والسفر والإقامة والذبائح والأنكحة والمواريث كلها متوقفة على هذه المسألة ، ولذا من أسباب نشرها وانتشارها اعتقادهم أنها باطل خفيف يوافق أهواء النفوس، وأيضاً فيه اتهام للرسول صل الله عليه وسلم بأنه قتل مشركين معذورين جهال قبل التفهيم وقيام الحجة عليهم .  -بناءً على ما تقدم لا يمكن أن تكون هذه المسألة خلافية البتة، ولو قاتل أهل التوحيد أهل الشرك _ونحن نعلم أن أكثرهم جهال، وأن الدعوة قبل القتال غير واجبة بعد انتشار الإسلام فنبينا صلى الله عليه وسلم بيّت قوما وهم غارون_، فلو قاتلهم أهل التوحيد، فهؤلاء العاذرون هل سيقاتلون مع الموحدين ضد إخوانهم الذين يرونهم مسلمين ؟ أم يقفون مع إخوانهم ضد أهل التوحيد ويعدونهم الفئة الباغية ؟ أم سيعدون هذا القتال الذي غايته: حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله يعدونه قتال فتنة ويعتزلوه ؟! ماذا سيكون موقفهم، وهل يتصور أن تكون هذه المسألة من مسائل الاجتهاد. والقرآن كله على النص عليها .  -أكثر من يلبس على الناس في هذه المسألة يتقي بأقوال الرجال ويبني دينه عليها وهذه علامة الإفلاس؛ لأن أقوال الرجال ضعيفة تحتاج إلى أن يحتج لها لا أن يحتج بها . ويجب أن يُعرف الحق أولاً ثم توزن الأقوال به، فالرجال يُعرفون بالحق وليس الحق هو الذي يُعرف بالرجال _كما قال عليَّ رضي الله عنه_ والرجال إنما هم أدلاء على الطريق فإذا رأيت أنوار المدينة لم تحتج للأدلاء قال تعالى : (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ، والناس في الرجال طرفان ووسط فمنهم من ترك اتباع الصحابة ومن اتبعهم بإحسان واعتمد على فهمه القاصر ، ومنهم من اتخذ العلماء أرباباً من دون الله ، والوسط أن يُستدل بهم على الطريق فإن زاغ حكيم أو زل لزمت الحق فإن على الحق نوراً _كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه_ . وهؤلاءالعاذرون يحتجون بكلامٍ لابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب مشتبه في العذر بالجهل، فنأتيهم بكلام لهما واضح غاية الوضوح في عدم العذر بالجهل فتقابل القولان فتساقطا حتى يعلم الناسخ من المنسوخ منهما ونرجع للأدلة،وأيضاً نأتيهم بكلام من هو أجل منهما وبالأدلة الواضحة. فلا تغني عنهم بضاعتهم شيئاً؛ وإنما هم كما قال الأول :  ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ** سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا  والعالم لا يأتيه الرسوخ جملة واحدة وقد يخطئ، والمنقول إلينا لا يُدرى هل هو من قديم كلامه أو من حديثه. وقد يداري العالم ولا يداهن، فيأتي بكلام مجمل يحتمل معنيين لظرفٍ يمر به ، ولم يعلم أنه سيتخذ ديناً للجهال ؛ ولأجل هذه المعاني وغيرها كره أحمد وغيره كتابة فتاواه.  -ولابن تيمية رحمه الله كلام واضح في تسميتهم مشركين في الجزء العشرين من مجموع الفتاوى، وكذا للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كتاب مستقل في عدم العذر وهو "مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد" وحفيده وتلميذه عبدالرحمن بن حسن أشار إلى أن هذه المواضع المشتبهة كانت في ابتداء دعوته وكان يداري ويقول ( الله خير من زيد) ولا يمكنه إلا ذلك ، وابنه الشيخ إسحاق قال لمن احتج بهذه المواضع: أنت مثل الذباب لا يقع إلا على الجرح .. كما في رسالته في تكفير المعين  - قال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن النجدي:  "ولا نقول إلا كما قال مشائخنا: الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. وحفيده في رده على العراقي وكذلك هو قول أئمة الدين قبلهم، ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن المرجع في مسائل أصول الدين إلى الكتاب والسنة، وإجماع الأمة، وما عليه الصحابة، وليس المرجع في ذلك إلى عالم بعينه، فمن تقرر عنده هذا الأصل تقرراً لا يدفعه شبهة وأخذ بشراشير قلبه، هان عليه ما قد يراه من الكلام المتشابه في بعض مصنفات الأئمة؛ إذ لا معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم، ومسألتنا هذه في عبادة الله وحده لا شريك له، وأن من عبد مع الله غيره فقد أشرك الشرك الأكبر الذي ينقل عن الملة –هي أصل الأصول وبها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب وأقام الحجة على الناس بالرسول والقرآن؛ وهكذا تجد الجواب في مسائل الدين في هذا الأصل عند تكفير من أشرك بالله، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل –ولا يذكرون التعريف في مسائل الأصول؛ إنما يذكرون التعريف في المسائل الخفية التي يخفي دليلها على بعض المسلمين؛ كمسائل نازع بها بعض أهل البدع كالمرجئة، أو مسألة خفية كالصرف والعطف، وكيف يعرّفون عباد القبور وهم ليسوا بمسلمين؟"   المجموعة المحمودية: (ص15-16) الرسالة الثانية للشيخ إسحاق. ط/ الرياض. _____________  -يقول الشيخ سليمان بن سحمان النجدي في كتاب "منهاج أهل الحق والاتباع" مثبتاً التفريق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية في قضية الإعذار بالجهالة:  "وإنما قدمت لك هذه المقدمة لتعلم أن كثير من المتدينين في هذا الزمان لا يعرفون الكفر الذي يُخرِج من الملة، أو الكفر الذي لا يُخرج من الملة خصوصاً ممن ينتسب إلى العلم والمعرفة منهم، ممن يذهب إلى البادية يدعوهم إلى الله وهو لا يعرف تفاصيل ما قرره العلماء، وأوضحوه في مسائل التكفير، وما يُخرج من الملة، وكذلك مسألة الهجرة وأحكامها، ومسألة الهجر وما يترتب عليه من المصالح والمفاسد، ويستدلون على ما ذكروه بكلام بعض العلماء في مسألة التكفير في الأمور الظاهرة الجليلة، التي لا يمكن أحد جهلها ولا يعذر بذلك، مثل الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، وترك عبادة ما سواه، مما قد كان يعلم بالضرورة من دين الإسلام أن الرسول قد جاء به، يستدلون بذلك على بعض المسائل الخفية التي قد يخفى دليلها من الكتاب والسنة على كثير من البرية، وذلك بمجرد ظنونهم، وآرائهم القاصرة، وأفهامهم الحاسرة، وهذه المسائل الخفية التي لا يكفر بها من فعلها، أو قالها على أصح قولي العلماء حتى تقوم عليه الحجة الرسالية، فإذا تبين لك ما قدمت، انزاحت عنك شبهات كثيرة مما قد تعرض في هذه المقام، ويتكلم فيه من لا معرفة عنده بأحكام الإسلام، ومدارك الأحكام"  ___________________ منهاج أهل الحق واتباع في مخالفة أهل الجهل والابتداع سليمان بن سحمان (ص4)   وأقوال الرجال أهون ما يقف في وجه الحق الواضح .  -وأماشبهاتهم فهي أوهن من بيت العنكبوت وسبقنا سلفنا في ردها وتفنيدها حتي اننا نجد كل أدلتهم خارج محل النزاع،   وإنما التحدي الحقيقي الذي يرفع من مستوى قولهم،  لو أتوا بأمرين اثنين هما: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  *أن يأتوا برجل فعل الشرك الأكبر وجعل لله ندا دون إكراه وعذر لجهله وسمي مسلماً.  *أن يأتوا بدليل فرق الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم فيه بين المشرك المعاند والمشرك الجاهل.  وسننتظر حتى يأتوا بهذين الأمرين، فإن لم يفعلوا ولن يفعلوا، فلا كلام لنا معهم، قال تعالى: (وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون). ____________________________ جزء من مقال " رسالة الي العاذر بالجهل "‎

اعلم أن التوحيد والشرك نقيضان لا يجتمعان في شخص واحد ولا يرتفعان عن الشخص البته فكل عبد إما أن يكون مسلما وإما أن يكون مشركا كافرا ولا يخلو من أحد الوصفين ومحال أن يكون الشخص مسلم مشرك لأن اجتماع النقيضين محال عقلا وشرعا .

ولا يوجد في التوحيد جهل بل هو إعراض وتجاهل وأكثرهم للحق كارهون قال تعالى: (أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون) فقرر سبحانه أنهم لا يعلمون الحق ثم وصفهم الوصف المطابق لحالهم وهو الإعراض وقال تعالى: (قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا) .

-كل من أشرك بالله الشرك الأكبر فهو مفترٍ على الله؛ لأن المشرك هو المطالب بالدليل على شركه لا أنه معذور حتى يأتيه الدليل قال تعالى: (ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون) ، وقال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) ، وقال تعالى: (هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) ، وقال تعالى: (ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) . وأول كلمة تقولها الأنبياء لأقوامهم مع أنهم جهال: (اعبدوا الله مالكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون) ، وأهل العجل عبدوه بشبهة وتأويل وقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي ، وأضلهم السامري ومع ذلك هم مفترون قال تعالى: (إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين).

-قسم الله عباده ثلاثة أقسام في مواضع كثيرة من القرآن؛ ومنها ما جاء في آخر سورة العنكبوت حيث قال تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) فهذا مشرك جاهل أشرك بلا دليل، ثم قال تعالى: (أو كذب بالحق لما جاءه) فهذا مشرك جاءه الحق فرده وعاند ،ثم بيَّن سبحانه وتعالى حكم الصنفين فقال تعالى: (أليس في جهنم مثوى للكافرين) ثم بين النوع الثالث فقال : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) ، فمن لم يُهد للتوحيد لم يجاهد في الله ويبحث عنه كما أمرناالله .
وسلمان الفارسي رضي الله عنه كان في أدغال إيران فجاهد فهدي وهذه الأصناف الثلاثة هي المذكورة في أم القرآن السبع المثاني وهم المنعم عليهم : الذين طلبوا الحق ولزموه، والمغضوب عليهم : الذين جاءهم الحق فردوه، والضالون : وهم الجهال،
ومن عذر بالجهل في التوحيد فإنه يلغي القسم الثالث ولا يعترف إلا بالمغضوب عليهم فقط .

-لا يوجد فرق بين جهال اليهود والنصارى وبين مشركي العرب والعجم من المنتسبين للإسلام زوراً وبهتاناً فإن قيل هؤلاء تلفظوا بالشهادة ، فالجواب : الشهادة من اركانها العلم بمعناها، والعمل بمقتضاها، فإن كان قالها بلا علم لم تنفعه ، وإن قالها بعلم واستمر على شركه فهو مغضوب عليه لم يدخل الإسلام.

فإن عذرتم بالجهل فاعذروا كل جهال العالم ، وإلا فقد جعلتم علة التكفير ليست هي الكفر كما قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مفيد المستفيد قال تعالى: (أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر).

-لا فرق بين المشركين الذين أرسل لهم رسولنا صلى الله عليه وسلم ومنهم والداه، وبين مشركي زماننا فكل عُذر يُعتذر به لأهل زماننا فأولئك أولى به قال تعالى: (لتنذر قوما ما أنذر ءاباؤهم فهم غافلون) وقال تعالى: (وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير) .

-كل من مات وهو يدعو من دون الله ندًا فهو في النار كما في حديث ابن مسعود الصحيح (من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار ومن مات وهو لا يدعو لله ندا دخل الجنة)، وقال تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعدما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) ، وقال تعالى: (فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم) .

-تأمل قوله تعالى: (الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون) ، وقوله تعالى: (ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين) ، فإن فيه دلالة على أن الميثاق حجة، ويدل على أن الرسل مكملة ومقررة للأدلة السابقة، قال تعالى : (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى) .

-إعذار المشرك شركاً أكبر بتلك الأعذار الواهية خطير للغاية على صاحبه لأنه لم يكفّر المشركين بلا دليل ولم يكفر بالطاغوت، وخطير للغاية على الناس؛ لأنه يعطل أثار التوحيد واركانه ولوازمه وحقوقه كلها، فالهجرة والجهاد والولاء والبراء والسفر والإقامة والذبائح والأنكحة والمواريث كلها متوقفة على هذه المسألة ، ولذا من أسباب نشرها وانتشارها اعتقادهم أنها باطل خفيف يوافق أهواء النفوس، وأيضاً فيه اتهام للرسول صل الله عليه وسلم بأنه قتل مشركين معذورين جهال قبل التفهيم وقيام الحجة عليهم .

-بناءً على ما تقدم لا يمكن أن تكون هذه المسألة خلافية البتة، ولو قاتل أهل التوحيد أهل الشرك _ونحن نعلم أن أكثرهم جهال، وأن الدعوة قبل القتال غير واجبة بعد انتشار الإسلام فنبينا صلى الله عليه وسلم بيّت قوما وهم غارون_، فلو قاتلهم أهل التوحيد، فهؤلاء العاذرون هل سيقاتلون مع الموحدين ضد إخوانهم الذين يرونهم مسلمين ؟ أم يقفون مع إخوانهم ضد أهل التوحيد ويعدونهم الفئة الباغية ؟ أم سيعدون هذا القتال الذي غايته: حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله يعدونه قتال فتنة ويعتزلوه ؟! ماذا سيكون موقفهم، وهل يتصور أن تكون هذه المسألة من مسائل الاجتهاد. والقرآن كله على النص عليها .

-أكثر من يلبس على الناس في هذه المسألة يتقي بأقوال الرجال ويبني دينه عليها وهذه علامة الإفلاس؛ لأن أقوال الرجال ضعيفة تحتاج إلى أن يحتج لها لا أن يحتج بها . ويجب أن يُعرف الحق أولاً ثم توزن الأقوال به، فالرجال يُعرفون بالحق وليس الحق هو الذي يُعرف بالرجال _كما قال عليَّ رضي الله عنه_ والرجال إنما هم أدلاء على الطريق فإذا رأيت أنوار المدينة لم تحتج للأدلاء قال تعالى : (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ، والناس في الرجال طرفان ووسط فمنهم من ترك اتباع الصحابة ومن اتبعهم بإحسان واعتمد على فهمه القاصر ، ومنهم من اتخذ العلماء أرباباً من دون الله ، والوسط أن يُستدل بهم على الطريق فإن زاغ حكيم أو زل لزمت الحق فإن على الحق نوراً _كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه_ .
وهؤلاءالعاذرون يحتجون بكلامٍ لابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب مشتبه في العذر بالجهل، فنأتيهم بكلام لهما واضح غاية الوضوح في عدم العذر بالجهل فتقابل القولان فتساقطا حتى يعلم الناسخ من المنسوخ منهما ونرجع للأدلة،وأيضاً نأتيهم بكلام من هو أجل منهما وبالأدلة الواضحة. فلا تغني عنهم بضاعتهم شيئاً؛ وإنما هم كما قال الأول :

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ** سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا

والعالم لا يأتيه الرسوخ جملة واحدة وقد يخطئ، والمنقول إلينا لا يُدرى هل هو من قديم كلامه أو من حديثه.
وقد يداري العالم ولا يداهن، فيأتي بكلام مجمل يحتمل معنيين لظرفٍ يمر به ، ولم يعلم أنه سيتخذ ديناً للجهال ؛ ولأجل هذه المعاني وغيرها كره أحمد وغيره كتابة فتاواه.

-ولابن تيمية رحمه الله كلام واضح في تسميتهم مشركين في الجزء العشرين من مجموع الفتاوى، وكذا للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كتاب مستقل في عدم العذر وهو "مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد"
وحفيده وتلميذه عبدالرحمن بن حسن أشار إلى أن هذه المواضع المشتبهة كانت في ابتداء دعوته وكان يداري ويقول ( الله خير من زيد) ولا يمكنه إلا ذلك ، وابنه الشيخ إسحاق قال لمن احتج بهذه المواضع:
أنت مثل الذباب لا يقع إلا على الجرح ..
كما في رسالته في تكفير المعين

- قال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن النجدي:

"ولا نقول إلا كما قال مشائخنا: الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. وحفيده في رده على العراقي وكذلك هو قول أئمة الدين قبلهم، ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن المرجع في مسائل أصول الدين إلى الكتاب والسنة، وإجماع الأمة، وما عليه الصحابة، وليس المرجع في ذلك إلى عالم بعينه، فمن تقرر عنده هذا الأصل تقرراً لا يدفعه شبهة وأخذ بشراشير قلبه، هان عليه ما قد يراه من الكلام المتشابه في بعض مصنفات الأئمة؛ إذ لا معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم، ومسألتنا هذه في عبادة الله وحده لا شريك له، وأن من عبد مع الله غيره فقد أشرك الشرك الأكبر الذي ينقل عن الملة –هي أصل الأصول وبها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب وأقام الحجة على الناس بالرسول والقرآن؛ وهكذا تجد الجواب في مسائل الدين في هذا الأصل عند تكفير من أشرك بالله، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل –ولا يذكرون التعريف في مسائل الأصول؛ إنما يذكرون التعريف في المسائل الخفية التي يخفي دليلها على بعض المسلمين؛ كمسائل نازع بها بعض أهل البدع كالمرجئة، أو مسألة خفية كالصرف والعطف، وكيف يعرّفون عباد القبور وهم ليسوا بمسلمين؟"

المجموعة المحمودية: (ص15-16) الرسالة الثانية للشيخ إسحاق. ط/ الرياض.
_____________

-يقول الشيخ سليمان بن سحمان النجدي في كتاب "منهاج أهل الحق والاتباع"مثبتاً التفريق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية في قضية الإعذار بالجهالة:

"وإنما قدمت لك هذه المقدمة لتعلم أن كثير من المتدينين في هذا الزمان لا يعرفون الكفر الذي يُخرِج من الملة، أو الكفر الذي لا يُخرج من الملة خصوصاً ممن ينتسب إلى العلم والمعرفة منهم، ممن يذهب إلى البادية يدعوهم إلى الله وهو لا يعرف تفاصيل ما قرره العلماء، وأوضحوه في مسائل التكفير، وما يُخرج من الملة، وكذلك مسألة الهجرة وأحكامها، ومسألة الهجر وما يترتب عليه من المصالح والمفاسد، ويستدلون على ما ذكروه بكلام بعض العلماء في مسألة التكفير في الأمور الظاهرة الجليلة، التي لا يمكن أحد جهلها ولا يعذر بذلك، مثل الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، وترك عبادة ما سواه، مما قد كان يعلم بالضرورة من دين الإسلام أن الرسول قد جاء به، يستدلون بذلك على بعض المسائل الخفية التي قد يخفى دليلها من الكتاب والسنة على كثير من البرية، وذلك بمجرد ظنونهم، وآرائهم القاصرة، وأفهامهم الحاسرة، وهذه المسائل الخفية التي لا يكفر بها من فعلها، أو قالها على أصح قولي العلماء حتى تقوم عليه الحجة الرسالية، فإذا تبين لك ما قدمت، انزاحت عنك شبهات كثيرة مما قد تعرض في هذه المقام، ويتكلم فيه من لا معرفة عنده بأحكام الإسلام، ومدارك الأحكام"
___________________
منهاج أهل الحق واتباع في مخالفة أهل الجهل والابتداع سليمان بن سحمان (ص4)

وأقوال الرجال أهون ما يقف في وجه الحق الواضح .

-وأماشبهاتهم فهي أوهن من بيت العنكبوت وسبقنا سلفنا في ردها وتفنيدها حتي اننا نجد كل أدلتهم خارج محل النزاع،

وإنما التحدي الحقيقي الذي يرفع من مستوى قولهم،

لو أتوا بأمرين اثنين هما:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أن يأتوا برجل فعل الشرك الأكبر وجعل لله ندا دون إكراه وعذر لجهله وسمي مسلماً.

*أن يأتوا بدليل فرق الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم فيه بين المشرك المعاند والمشرك الجاهل.

وسننتظر حتى يأتوا بهذين الأمرين، فإن لم يفعلوا ولن يفعلوا، فلا كلام لنا معهم، قال تعالى: (وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون).
____________________________
جزء من مقال "رسالة الي العاذر بالجهل "

رسالة الي العاذر بالجهـــل

$
0
0

Photo: ‎رسالة الي عاذر المشركين  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ  اعلم أن التوحيد والشرك نقيضان لا يجتمعان في شخص واحد ولا يرتفعان عن الشخص البته فكل عبد إما أن يكون مسلما وإما أن يكون مشركا كافرا ولا يخلو من أحد الوصفين ومحال أن يكون الشخص مسلم مشرك لأن اجتماع النقيضين محال عقلا وشرعا .  ولا يوجد في التوحيد جهل بل هو إعراض وتجاهل وأكثرهم للحق كارهون قال تعالى: (أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون) فقرر سبحانه أنهم لا يعلمون الحق ثم وصفهم الوصف المطابق لحالهم وهو الإعراض وقال تعالى: (قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا) .  -كل من أشرك بالله الشرك الأكبر فهو مفترٍ على الله؛ لأن المشرك هو المطالب بالدليل على شركه لا أنه معذور حتى يأتيه الدليل قال تعالى: (ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون) ، وقال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) ، وقال تعالى: (هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) ، وقال تعالى: (ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) . وأول كلمة تقولها الأنبياء لأقوامهم مع أنهم جهال: (اعبدوا الله مالكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون) ، وأهل العجل عبدوه بشبهة وتأويل وقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي ، وأضلهم السامري ومع ذلك هم مفترون قال تعالى: (إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين).  -قسم الله عباده ثلاثة أقسام في مواضع كثيرة من القرآن؛ ومنها ما جاء في آخر سورة العنكبوت حيث قال تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) فهذا مشرك جاهل أشرك بلا دليل، ثم قال تعالى: (أو كذب بالحق لما جاءه) فهذا مشرك جاءه الحق فرده وعاند ،ثم بيَّن سبحانه وتعالى حكم الصنفين فقال تعالى: (أليس في جهنم مثوى للكافرين) ثم بين النوع الثالث فقال : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) ، فمن لم يُهد للتوحيد لم يجاهد في الله ويبحث عنه كما أمرناالله . وسلمان الفارسي رضي الله عنه كان في أدغال إيران فجاهد فهدي وهذه الأصناف الثلاثة هي المذكورة في أم القرآن السبع المثاني وهم المنعم عليهم : الذين طلبوا الحق ولزموه، والمغضوب عليهم : الذين جاءهم الحق فردوه، والضالون : وهم الجهال، ومن عذر بالجهل في التوحيد فإنه يلغي القسم الثالث ولا يعترف إلا بالمغضوب عليهم فقط .  -لا يوجد فرق بين جهال اليهود والنصارى وبين مشركي العرب والعجم من المنتسبين للإسلام زوراً وبهتاناً فإن قيل هؤلاء تلفظوا بالشهادة ، فالجواب : الشهادة من اركانها العلم بمعناها، والعمل بمقتضاها، فإن كان قالها بلا علم لم تنفعه ، وإن قالها بعلم واستمر على شركه فهو مغضوب عليه لم يدخل الإسلام.  فإن عذرتم بالجهل فاعذروا كل جهال العالم ، وإلا فقد جعلتم علة التكفير ليست هي الكفر كما قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مفيد المستفيد قال تعالى: (أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر).  -لا فرق بين المشركين الذين أرسل لهم رسولنا صلى الله عليه وسلم ومنهم والداه، وبين مشركي زماننا فكل عُذر يُعتذر به لأهل زماننا فأولئك أولى به قال تعالى: (لتنذر قوما ما أنذر ءاباؤهم فهم غافلون) وقال تعالى: (وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير) .  -كل من مات وهو يدعو من دون الله ندًا فهو في النار كما في حديث ابن مسعود الصحيح (من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار ومن مات وهو لا يدعو لله ندا دخل الجنة)، وقال تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعدما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) ، وقال تعالى: (فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم) .  -تأمل قوله تعالى: (الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون) ، وقوله تعالى: (ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين) ، فإن فيه دلالة على أن الميثاق حجة، ويدل على أن الرسل مكملة ومقررة للأدلة السابقة، قال تعالى : (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى) .  -إعذار المشرك شركاً أكبر بتلك الأعذار الواهية خطير للغاية على صاحبه لأنه لم يكفّر المشركين بلا دليل ولم يكفر بالطاغوت، وخطير للغاية على الناس؛ لأنه يعطل أثار التوحيد واركانه ولوازمه وحقوقه كلها، فالهجرة والجهاد والولاء والبراء والسفر والإقامة والذبائح والأنكحة والمواريث كلها متوقفة على هذه المسألة ، ولذا من أسباب نشرها وانتشارها اعتقادهم أنها باطل خفيف يوافق أهواء النفوس، وأيضاً فيه اتهام للرسول صل الله عليه وسلم بأنه قتل مشركين معذورين جهال قبل التفهيم وقيام الحجة عليهم .  -بناءً على ما تقدم لا يمكن أن تكون هذه المسألة خلافية البتة، ولو قاتل أهل التوحيد أهل الشرك _ونحن نعلم أن أكثرهم جهال، وأن الدعوة قبل القتال غير واجبة بعد انتشار الإسلام فنبينا صلى الله عليه وسلم بيّت قوما وهم غارون_، فلو قاتلهم أهل التوحيد، فهؤلاء العاذرون هل سيقاتلون مع الموحدين ضد إخوانهم الذين يرونهم مسلمين ؟ أم يقفون مع إخوانهم ضد أهل التوحيد ويعدونهم الفئة الباغية ؟ أم سيعدون هذا القتال الذي غايته: حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله يعدونه قتال فتنة ويعتزلوه ؟! ماذا سيكون موقفهم، وهل يتصور أن تكون هذه المسألة من مسائل الاجتهاد. والقرآن كله على النص عليها .  -أكثر من يلبس على الناس في هذه المسألة يتقي بأقوال الرجال ويبني دينه عليها وهذه علامة الإفلاس؛ لأن أقوال الرجال ضعيفة تحتاج إلى أن يحتج لها لا أن يحتج بها . ويجب أن يُعرف الحق أولاً ثم توزن الأقوال به، فالرجال يُعرفون بالحق وليس الحق هو الذي يُعرف بالرجال _كما قال عليَّ رضي الله عنه_ والرجال إنما هم أدلاء على الطريق فإذا رأيت أنوار المدينة لم تحتج للأدلاء قال تعالى : (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ، والناس في الرجال طرفان ووسط فمنهم من ترك اتباع الصحابة ومن اتبعهم بإحسان واعتمد على فهمه القاصر ، ومنهم من اتخذ العلماء أرباباً من دون الله ، والوسط أن يُستدل بهم على الطريق فإن زاغ حكيم أو زل لزمت الحق فإن على الحق نوراً _كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه_ . وهؤلاءالعاذرون يحتجون بكلامٍ لابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب مشتبه في العذر بالجهل، فنأتيهم بكلام لهما واضح غاية الوضوح في عدم العذر بالجهل فتقابل القولان فتساقطا حتى يعلم الناسخ من المنسوخ منهما ونرجع للأدلة،وأيضاً نأتيهم بكلام من هو أجل منهما وبالأدلة الواضحة. فلا تغني عنهم بضاعتهم شيئاً؛ وإنما هم كما قال الأول :  ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ** سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا  والعالم لا يأتيه الرسوخ جملة واحدة وقد يخطئ، والمنقول إلينا لا يُدرى هل هو من قديم كلامه أو من حديثه. وقد يداري العالم ولا يداهن، فيأتي بكلام مجمل يحتمل معنيين لظرفٍ يمر به ، ولم يعلم أنه سيتخذ ديناً للجهال ؛ ولأجل هذه المعاني وغيرها كره أحمد وغيره كتابة فتاواه.  -ولابن تيمية رحمه الله كلام واضح في تسميتهم مشركين في الجزء العشرين من مجموع الفتاوى، وكذا للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كتاب مستقل في عدم العذر وهو "مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد" وحفيده وتلميذه عبدالرحمن بن حسن أشار إلى أن هذه المواضع المشتبهة كانت في ابتداء دعوته وكان يداري ويقول ( الله خير من زيد) ولا يمكنه إلا ذلك ، وابنه الشيخ إسحاق قال لمن احتج بهذه المواضع: أنت مثل الذباب لا يقع إلا على الجرح .. كما في رسالته في تكفير المعين  - قال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن النجدي:  "ولا نقول إلا كما قال مشائخنا: الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. وحفيده في رده على العراقي وكذلك هو قول أئمة الدين قبلهم، ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن المرجع في مسائل أصول الدين إلى الكتاب والسنة، وإجماع الأمة، وما عليه الصحابة، وليس المرجع في ذلك إلى عالم بعينه، فمن تقرر عنده هذا الأصل تقرراً لا يدفعه شبهة وأخذ بشراشير قلبه، هان عليه ما قد يراه من الكلام المتشابه في بعض مصنفات الأئمة؛ إذ لا معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم، ومسألتنا هذه في عبادة الله وحده لا شريك له، وأن من عبد مع الله غيره فقد أشرك الشرك الأكبر الذي ينقل عن الملة –هي أصل الأصول وبها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب وأقام الحجة على الناس بالرسول والقرآن؛ وهكذا تجد الجواب في مسائل الدين في هذا الأصل عند تكفير من أشرك بالله، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل –ولا يذكرون التعريف في مسائل الأصول؛ إنما يذكرون التعريف في المسائل الخفية التي يخفي دليلها على بعض المسلمين؛ كمسائل نازع بها بعض أهل البدع كالمرجئة، أو مسألة خفية كالصرف والعطف، وكيف يعرّفون عباد القبور وهم ليسوا بمسلمين؟"   المجموعة المحمودية: (ص15-16) الرسالة الثانية للشيخ إسحاق. ط/ الرياض. _____________  -يقول الشيخ سليمان بن سحمان النجدي في كتاب "منهاج أهل الحق والاتباع" مثبتاً التفريق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية في قضية الإعذار بالجهالة:  "وإنما قدمت لك هذه المقدمة لتعلم أن كثير من المتدينين في هذا الزمان لا يعرفون الكفر الذي يُخرِج من الملة، أو الكفر الذي لا يُخرج من الملة خصوصاً ممن ينتسب إلى العلم والمعرفة منهم، ممن يذهب إلى البادية يدعوهم إلى الله وهو لا يعرف تفاصيل ما قرره العلماء، وأوضحوه في مسائل التكفير، وما يُخرج من الملة، وكذلك مسألة الهجرة وأحكامها، ومسألة الهجر وما يترتب عليه من المصالح والمفاسد، ويستدلون على ما ذكروه بكلام بعض العلماء في مسألة التكفير في الأمور الظاهرة الجليلة، التي لا يمكن أحد جهلها ولا يعذر بذلك، مثل الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، وترك عبادة ما سواه، مما قد كان يعلم بالضرورة من دين الإسلام أن الرسول قد جاء به، يستدلون بذلك على بعض المسائل الخفية التي قد يخفى دليلها من الكتاب والسنة على كثير من البرية، وذلك بمجرد ظنونهم، وآرائهم القاصرة، وأفهامهم الحاسرة، وهذه المسائل الخفية التي لا يكفر بها من فعلها، أو قالها على أصح قولي العلماء حتى تقوم عليه الحجة الرسالية، فإذا تبين لك ما قدمت، انزاحت عنك شبهات كثيرة مما قد تعرض في هذه المقام، ويتكلم فيه من لا معرفة عنده بأحكام الإسلام، ومدارك الأحكام"  ___________________ منهاج أهل الحق واتباع في مخالفة أهل الجهل والابتداع سليمان بن سحمان (ص4)   وأقوال الرجال أهون ما يقف في وجه الحق الواضح .  -وأماشبهاتهم فهي أوهن من بيت العنكبوت وسبقنا سلفنا في ردها وتفنيدها حتي اننا نجد كل أدلتهم خارج محل النزاع،   وإنما التحدي الحقيقي الذي يرفع من مستوى قولهم،  لو أتوا بأمرين اثنين هما: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  *أن يأتوا برجل فعل الشرك الأكبر وجعل لله ندا دون إكراه وعذر لجهله وسمي مسلماً.  *أن يأتوا بدليل فرق الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم فيه بين المشرك المعاند والمشرك الجاهل.  وسننتظر حتى يأتوا بهذين الأمرين، فإن لم يفعلوا ولن يفعلوا، فلا كلام لنا معهم، قال تعالى: (وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون). ____________________________ جزء من مقال " رسالة الي العاذر بالجهل "‎
الحمدُ للهِ معزِّ الإسلامِ بنصره، ومُذلِّ الشركِ بقهره، ومصرِّف الأمور بأمره، ومستدرجِ الكافرين بمكره، الذي قدر الأيام دولاً بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، والصلاةُ والسلام على من أعلى اللهُ منارَ الإسلامِ بسيفه، أمَّا بعد؛

ايمانآ منا وخاصة بعد التجربة الطويله بأن أول خطوة في العمل الصحيح هي تصحيح المنهج والاعتقاد والتصور وقياما منا بما أوجب الله علينا من قول الحق والجهر به - واسهاما في هذا البناء الشامخ الذي بدأته ثلة مباركة من علماء هذه الامة الولوده بفضل الله من بيان عور المناهج المنحرفة وفضح كل طاغوت ومرقع له أحببت الاسهام في هذا العطاء الذي لاينقطع ,, بتلك الرسالة ،فياأيها القارئ لك غنم مافي رسالتي وعلينا الغرم ولك ثمرتها وعلينا تبعتها فما وجدت فيها من صواب وحق فاقبله ولاتلتفت الي قائله بل انظر الي ماقال لا الي من قال واعلم ان الله تعالي قد ذم من يرد الحق اذا جاء به من يبغضه ويقبله اذا قاله من يحبه وقد قال بعض الصحابة (اقبل الحق ممن قاله وان كان بغيضا . ورد الباطل علي من قاله وان كان حبيبا ) فان وجدت من خطأ فان قائله لم يأل جهد الاصابة ويأبي الله الا ان يتفرد بالكمال

(والنقص في أصل الطبيعة كامن . وكيف يعصم من الخطأ من خلق ظلوما جهولا . ولكن من عدت غلطاته أقرب الي الصواب ممن عدت اصابته )


وأنا اتمثل هنا قول ابن الوزير النفيس حيث قال .
__________________________

(وقد قصدت وجه الله في الذب عن السنن النبويه والقواعد الدينيه . وليس يضرني وقوف اهل المعرفة علي مابي من التقصير ومعرفتهم ان باعي في هذا الميدان قصير لاعترافي باني لست من فرسان هذا الميدان . لكني لم اجد من الاصحاب من تصدي لهذا الباب فتصديت لذلك من غير اعجاب . ومن عدم الماء تيمم بالتراب . وانا اعلم اني لو كنت باري قوسها ونبالها وعنترة فوارسها ونزالها فلن يخلوا كلامي من الخطأ عند الانتقاد ولايصفو جوابي من الكدر عند النقاد . فالكلام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هو كلام الله الحكيم ومن شهد بعصمته القران الكريم وكل كلام بعد ذلك فخطأ وصواب وقشر ولباب ولو أن العلماء تركوا الذب عن الحق خوفا من كلام الخلق لكانوا قد أضاعوا كثيرا وخافوا حقيرا . وان أخطئ فمن ذا الذي عصم ؟ والقاصد لوجه الله تعالي لا يخاف أن ينقد عليه خلل في كلامه بل يحب الحق من حيث أتاه ويقبل الهدي ممن اهداه . بل المخاشنة بالحق والنصيحة احب اليّ من المداهنة علي الاقوال القبيحه . وصديقك من صدقك لا من صدّقك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فهرس الحديث

- الاصول التي ترجع اليها مسألة العذر بالجهــل !

-رسالة الي العاذر بالجهل بيان وتوضيح

-الشرع لايفرق بين متماثلين ولايجمع بين نقيضين

- الرد علي دعوي انتساب الناس الي الاسلام في تفريقهم بين جاهل وجاهل !

- إسم الإسلام دون حقيقته لا ينفع !

- حقيقة الخلاف !

- هل فاعل الكفر الأكبرالمعين لايكفر إلا بعد البيان أوإقامة الحجة؟

- هذا واقعهم فهل يعذرون ؟
___________________

لتحميل الرســالة

http://www.gulfup.com/?jPnpCW

المقدسي يشهد على نفسه

$
0
0

المقدسي يشهد على نفسه ((1)) 

أولا يجب علينا معرفة أن المقدسي يعتبر الديمقراطية دين مناقض للتوحيد .
قال في كتابه الديمقراطية دين :((فالديمقراطية على أي الوجهين كفرٌ بالله العظيم وشركٌ بربِّ السماوات والأرضين ومناقضةٌ لملِّةِ التوحيد ودين المرسلين...)) ومعلوم اضطرارا من دين الإسلام أن من انتسب الى غير دين الله فهو مشرك كافر.

ولكن أنظر إلى جواب المقدسي على سؤال وجه له حول شخصيات جزائرية
((أريد أن أعرف يا شيخ ما قولكم في موضوع الجزائر .. وأقصد على بلحاج وعباس مدني اللذان دعوا الناس أن ينتخبوهم ويرشحوهم في الانتخابات هناك في الجزائر))
الجـواب.. 

((وصلتني رسالتك وصلك الله بحفظه وتوفيقه وتسألني فيه هل أكفر الشيخين ( عباس مدني ) و ( على بالحاج ) لمشاركتهما بالانتخابات البرلمانية ودعوتهم الناس إلى المشاركة فيها وانتخابهم .. 

ومن ثم فأنا وإن كنت أكفر النواب المشاركين في انتخابات البرلمانات التشريعية فذلك إنما أفعله لقبولهم ، أو لاستشرافهم وسعيهم الجاد والحثيث إلى قبول هذه الوظيفة التشريعية والتزامهم واصطلاحهم وتواطؤهم وقبولهم لما تحويه من أسباب كفر واضحة وصريحة ومتعددة .. 

من ذلك قبول حق التشريع المطلق الذي يمنحه الطاغوت لهذه الوظيفة وينص عليه الدستور ، وقبول الاحتكام إلى نصوص الدستور وإرادة التحاكم إلى أحكام الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ،والقبول بالقسم على احترام نصوص الدستور والولاء لأربابه وعبيده ، وغير ذلك من المكفرات الظاهرة التي بسطناها في كتاباتنا في هذا الباب .. 

ومن ثم فإن وجد في بعض البلاد أوبعض البرلمانات أو بعض الظروف من لا يوجد في مشاركته شيء من هذه المكفرات الظاهرة أو غيرها من أسباب الكفر الصريحة ؛ فنحن لا نتعنت في الإصرار على تكفيره كما يفعل بعض الغلاة لمجرد مشاركته للبرلمانيين أو الديمقراطيين بالمسميات ، فالعبرة بالحقائق لا بالمسميات ، وإذ لم يشاركوهم فعلا بأسباب التكفير التي نكفرهم بها فعلام نكفرهم ؟ 

وبأي شيء نكفرهم ؟ 

أوتظن أخي الفاضل أن مهمتنا هي فقط إخراج العباد من دين الله كيفما كان ؟؟ 

أو أننا نفعل ما يفتريه علينا خصومنا ويروجونه للصد عن دعوتنا ؛ من دعوى التكفير بالعموم من غير أدلة ولا ضوابط ودون مراعاة لموانع التكفير أو شروطه ؟؟ 

وعليه فإن ما أعرفه ـ من طريق بعض إخواننا الجزائريين ـ عن حقيقة مشاركة الشيخين المذكورين ؛ أن واقع المشاركة في برلمانات الجمهوريات يفارق واقعها في الملكيات ونحوها من الإمارات والدويلات التي تتشبه بالملكيات في نظام حكمها ، ((حيث أخبرت بأن المترشح للبرلمان هناك إذا فاز حزبه بالأغلبية يقوم بتولي الرئاسة وحل الحكومة ووضع دستور جديد وفقا لما يطرحه ويدعو إليه من
مبادئ .. ))فإن كان الأمر كما قال هؤلاء الاخوة ـ إذ معرفة الواقع نصف العلم الذي يصيب المفتي به الحق في فتواه ـ فلا أرى انطباق ما نكفر به البرلمانيين من أسباب تكفير على الشيخين ومن نهج نهجهما في تلك الانتخابات ، ما داموا يصرّحون بأنهم يسعون إلى الحكم بشرع الله وتغيير النظام الحاكم بغير ما أنزل الله وتغيير دستوره لا إقراره واحترامه وتولي أعدائه كما هو واقع البرلمانيين الذين نكفرهم ، وهذا لا يعني بحال استحسان نهجهم أو تسويغه أو الجدال عنه وإنما كلامنا في التكفير ـ كما هو مطلب السؤال ـ ومعاذ الله أن نستحسن غير منهج الأنبياء ودعوة المرسلين وملة إبراهيم في الدعوة والجهاد والسعي إلى إقامة حكم الله في الأرض ، فكل طريق مخالفة لذلك فهي طريق ضالة مضلة ومنحرفة وغير موصلة إلى مرضاة الله وإن استحسنها من استحسنها من الناس بعقولهم واستصلاحاتهم .. 

هذا ما عندي جوابا على سؤالك وهو قولي منذ أن سمعت بالشيخين وما حصل معهما لم أقل بغيره ، ولذلك فقد أخطأ وتسرع من نسب إلي غير ذلك من دعوى تكفيرهما أو حاول إلزامي به فهو لا يلزمني لأنني لا أكفر بالعموم دون تفصيل ولا بالأوصاف غير المنضبطة ، بل لا أكفر إلا بأسباب التكفير الظاهرة والمنضبطة ، كما أفرق بين التكفير المطلق وتكفير المعين وما يلزم في كل منهما.. 

وعلى كل حال فإن ظهر لي أن هذا الذي بلغنا من إخواننا الجزائريين غير صحيح وأن حال الشيخين المذكورين هو عين حال البرلمانيين المشرعين المشركين ؛ فلن نتحرج ساعتها من الحكم عليهم بما يستحقونه من تكفير ما لم يتوبوا ويؤوبوا ويراجعوا ؛ فدين الله لا يجامل ولا يحابي أحدا ))منبر التوحيد والجهاد

فالشرك في الدول الملكية يصبح توحيدا في الدول الجمهورية,والديمقراطية التي ينتج عنها تحكيم الشرع كما يقول المقدسي لا شيء على صاحبها, ولكن إنظر أيها المنصف إلى قوله قبل ذلك:
((يقال له-أي الداخل للبرلمانات بحجة تحكيم الشرع- : إن كان هذا العمل على دفع أخبث الطاغوتين من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ومن طريقته في الدعوة إلى الله والبراءة من الشرك وأهله وجهادهم فهذا هو الطريق المشروع وقطعاً ليس هو من عبادة الطاغوت، وهو يعلم وكل أحد يعلم أن هذا ليس هو عمل وطريقة دعاة الديمقراطية ومجاهدي التشريع والقانون ..
وإن كان هذا العمل المذكور من خلال الدستور والقانون الذي أمر الله تعالى بالكفر به ومن خلال المشاركة في تشريعه فهو نفسه قد قرر فيما نقلنا عنه أن ذلك عبادة للطاغوت .. وكل أحد يعلم أن هذا هو العمل الذي يقوم به المشاركون في هذه البرلمانات .. فلما عجز هؤلاء القوم عن مقارعة السلاح ومصاولة الرماح وقعدوا عن ميادين القتال والنضال؛ وهو السبيل الحقيقي والصحيح الذي يجب الإعداد له والإمداد لصد مد العلمانيين واليهود والصليبيين والمرتدين والروافض وغيرهم من الأعداء عن المسلمين؛ أقول لما عجز أولئك عن الجهاد الشرعي السني؛ صاروا إلى هذا الجهاد البدعي الشركي الذي سموه بجهاد الصوت والجهاد الدستوري والكفاح البرلماني والنضال القانوني ونحوه من السخافات التي زينها لهم طواغيت الجن والإنس .. ولا أشك أن هذا من طمس البصائر وانتكاس الفطر وانقلاب الموازين، فكيف يعد الإشراك بالله جهاداً ؟!
ومن كان يجهل أن المشاركة في البرلمانات التشريعية شرك بالله العظيم فليراجع ما كتبناه وكتبه غيرنا من المشايخ في بيان حقيقة الديمقراطية ومجالسها التشريعية فهذا الأمر قد صار مشتهراً معروفاً بفضل الله، ومن ذلك كتابنا ( الديمقراطية دين) فقد رددنا على أمثال هذه الشبه المتهافتة التي تمسك بها الشيخ المذكور .. وكذلك تجد في كتابنا ( القول النفيس في التحذير من خديعة إبليس ) فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية يرد فيها على سؤال عن شيخ جمع بعض قطاع الطرق وأصحاب الكبائر على سماع بدعي ليهديهم سواء السبيل .. فبيّن شيخ الإسلام أن هذا الشيخ جاهل بالطرق الشرعية وأن طريقته بدعية غير سنية، وأنه لا يعدل عن الطرق الشرعية إلى الطرق البدعية إلا جاهل ضال .. وهذا لا شك دون وأهون مما ذكره السائل عن صاحب الجهاد الصوتي البرلماني الشركي .. من تجويزه دفع الكفر بارتكاب كفر آخر .. ))اللقاء المفتوح

م.ن.ق.و.ل

الاصطلاح مع الواقع .. الصنم الجديد

$
0
0

إن مصيبتهم مصيبة على الناس عامة والشباب خاصة

فهم دعاة ضلال وشرك وإن حسبوا أنهم يحسنون صنعا
مشكلتهم الأساسية وسبب تضارب إعتقادهم وتخبطهم أنهم
إعتقدوا باطلهم أولاً ثم إستدلوا بما اشتبه عليهم أنه سيكون دليلهم
إعتقدوا أن الأصل فى الناس الاسلام ما دامت الديار كانت تحكم بشرع الله 
إعتقدوا أن الناس مسلمين بالوراثة وأن فعلهم للشرك عن جهل لا يخرجهم من دائرة الاسلام 
هل سألت نفسك سؤالا . لماذا هم كذلك؟
لأنهم أرادوا الاصطلاح مع الواقع ... نعم الاصطلاح مع المجتمع الكافر ، الاصطلاح مع ابائهم المشركين ، الاصطلاح مع أمهاتهم المؤمنين بالطواغيت ، الاصطلاح مع جيرانهم عباد الاوثان ، الاصطلاح مع عامة الناس المستهزئين بالله ورسوله ودينه ، الاصطلاح مع دعاة القبور ، الاصطلاح مع عباد طواغيت الحكم بغير ما أنزل الله 
الاصطلاح مع الواقع ، مع المجتمع الذى يعيشون فيه حتى لا يحدث تصادم 
هل ما أبتدعتموه يا معشر تنظيم القاعدة من باب المساومة على دين الله؟
وهل هذه المساومة عرضها عليكم المشركون كما فعلوا مع رسول الله من قبل؟
أم أنكم أنتم الذين إقترحتموها عليهم؟
عمتا إذا كنتم المقترحين أم هم فقد إتفقتم وتصالحتم ولم تتخذوا من رسول الله أسوة حسنة
بينما النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة اعترضه الأسود بن المطلب والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف والعاص بن وائل، وكانوا من زعماء قريش.

فقالوا: يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيرًا مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيرًا مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه، فأنزل الله تعالى فيهم: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}

عاد وفد قريش ليطرح على النبي صلى الله عليه وسلم خطة معدلة، فقالوا له: يا محمد ( صلى الله عليه وسلم) تعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة، فأنزل الله :{قُلْ أَفَغَيْرَ الله ِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} [الزمر:64] 

لم ييأس زعماء قريش، فقرروا أن يطرحوا مشروعاً جديداً معدلاً على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: {ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ} فرد الله سبحانه وتعالى عليهم قائلاً: { قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} 

أنتم يا معشر القاعدة بدلتموه من تلقاء أنفسكم ولم تخافو الله ودعوتم الناس إلى هذا الدين الجديد المبدل ولم تتقوا الله.
نحن هنا بصدد أن نذكركم ونأخذ بأيديكم إلى العودة إلى صراط الله المستقيم 
عودوا إلى الله وكونوا له دعاة مخلصين
عودوا إلى الله وكونوا له جندا عن دينه مدافعين ولرايته رافعين 
إنتهجو نهج رسول الله مع قريش ولا تنتهجوا نهج قريش مع رسول الله
نعم هذا الكلام موجه لكم انتم أتباع بن لادن و الظواهرى والمقدسى وكل من نهج نهجهم واستن بسنتهم ومدعى السلفية عامه وكل من إدعى انه كفر بالطاغوت وآمن بالله

م.ن.ق.و.ل

حكم صلاة الجمعة في دار الكفر

$
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم 
وبه نستعين والصلاة والسلام على أشرف الأبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 
أما بعد: 
الأخوة الكرام :.
هذا سؤال نريد رد قاطع على من يستدل بسورة الجمعة والاحاديث الواردة بشأن فضل الجمعة واداءه على وجه الوجوب فما هي الادلة على الرد على هؤلاء المشركين المجادلين في امور الدين وخاصتاً في هذا الوقت وفي هذا الزمان لأن منهم من مقتنع بأمور كثيرة جداً ولكنه يأتي الي صلاة الجمعة يقول فيه ما يقول ويستدل بسورة الجمعة على بطلان ما ندعوا الي التوحيد والي عدم وجوب الجمعة في دار الكفر والحرب ويستدل بحديث الرسول من تخلف عن الجمعة ثلاث طبع على قلبه منافق 
فبارك الله فيك ما هي الادلة لقطع حجج هؤلاء بالكتاب والسنة واقوال العلماء بالتفصيل والتأصيل لنقطع هذه الشبهة ؟

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

لصلاة الجمعة أهمية كبرى في الإسلام لذلك فقد شدد الرسول عليه السلام على أدائها وحذر المتساهل فيها ، وكما بين الثواب الحاصل من أدائها . 
ولكن صلاة الجمعة تختلف عن باقي الصلوات فلها شروطها وأركانها ولا يجب أن نعاملها كباقي الصلوات. 
الثابت من السنة النبوية أن صلاة الجمعة فرضت في مكة قبل الهجرة . فصلاة الجمعة ليست صلاة سادسة بل هي صلاة خامسة تؤدى يوم الجمعة عوضاً عن صلاة الظهر . 
ومع أن صلاة الجمعة فرضت في مكة قبل الهجرة إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصلها هو والصحابة في مكة وفي هذه الأثناء كان المسلمون في المدينة يصلون الجمعة بإمامة مصعب بن عمير رضي الله عنه وبأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة في مكة لم يصلوا الجمعة مع أنها كانت فرض وكانوا يصلون الظهر يوم الجمعة استنتج العلماء أن صلاة الجمعة تختلف عن صلاة الظهر ، وأن لها شروط غير متحققة في مكة ومتحققة في المدينة . فاستنتجوا من هذه الحادثة شروطاً اتفقوا على بعضها واختلفوا في بعضها . ومن أهم الشروط التي اتفقوا عليها أن صلاة الجمعة لا يجوز أداؤها في البيوت . لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستطيع أن يؤديها هو والصحابة في بيت الأرقم ابن أبي الأرقم رضي الله عنه بدون أن يتعرضوا للأذية ولكنه لم يؤديها بل صلى الظهر 

وكذلك من الشروط التي اتفقوا عليها أن يستطيع المسلمون الاجتماع في مكان عام مفتوح لكل المسلمين لأداء الصلاة بدون خوف من تعرضهم لأي أذية وكذلك بشكل يستطيع الأمام في الخطبة أن يتحدث بما يهمّ أمر المسلمين في هذه الأثناء بدون أن يتعرض لأي أذية أو يُفرض عليه أن يتكلم بكلام يحدده له الحاكم الكافر . 

لهذا صلاة الجمعة غير واجبة على المسلمين الذين يعيشون في دولة يحكمها حاكم كافر يحكم بغير شرع الله ولا يعطي المسلمين الحرية الكاملة للتحدث بما يهم أمر المسلمين وخاصة التوحيد والجهاد .
ومن الظاهر الواضح البين أن الحكام اليوم في البلاد العربية وما يسمى بالإسلامية لا يحكمون شرع الله في كل كبيرة وصغيرة بل يحكمون القوانين الوضعية المستمدة من القوانين الفرنسية والإنجليزية وغيرها من زبالات أفكار البشر . ومع ذلك يدعون أنهم مسلمون ، وحتى ينطلي ذلك على العوام صنعوا لهم علماء أشهروهم ومنحوهم الشهادات والألقاب العالية في الشريعة ليخدعوا العوام وليلبسوا هؤلاء الحكام الطواغيت لباس أئمة المسلمين وولاة أمورهم .فأفتوا بما يهوى الحاكم الكافر التي صنعهم وأمدهم بالأموال وأعطاهم المناصب . هذا هو الحال في البلاد العربية وما يسمى بالبلاد الإسلامية . فمن الطبيعي أن لا يسمح هؤلاء الحكام الطواغيت للأمام الموحد أن يبين حقيقتهم في الخطبة على المنبر يوم الجمعة . 
في هذه الحالة شروط وجوب صلاة الجمعة غير متوفرة كما كانت غير متوفرة في مكة قبل الهجرة . لهذا يجب على المسلمين أن يصلوا الظهر الذي هو الفرض الأصلي في هذه الحالة كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة في مكة . ومن الخطأ الكبير أن يصلوا الجمعة في البيوت أو في الخلاء أو في مساجد واقعة تحت حكم الطاغوت لا يستطيعون فيها أن يبينوا التوحيد وموجباته ، ويتركون صلاة الظهر التي هي الأصل ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة لم يفعلوا ذلك . 
الأصل هي صلاة الظهر وتحل صلاة الجمعة محلها عند توفر شروط صلاة الجمعة فإذا لم تتوفر هذه الشروط فصلاة الظهر هي الفرض وإذا توفرت شروط صلاة الجمعة فالفرض هي صلاة الجمعة لا صلاة الظهر .
ولا يصار إلى الجمعة إلا حيث تكون الجمعة صحيحة مجزئة بإجماع ، وليست فريضة الجمعة كفريضة الظهر بل دونها . فإن فرض الظهر يتوجه إلى المكلف عند دخول الوقت بلا شروط تعتبر في وجوبه لأنه إنما وجب على الأعيان لنفس العبادة ، وفرض الجمعة يتوقف وجوبه على شروط منها المجمع عليه كالحرية والذكورية والحضرية، ومنها المختلف فيه كوجود الإمام والمصر والمسجد .
جاء في كتاب عون المعبود(ج 3 / ص 35) :
"ثُمَّ الْقَوْل بِأَنَّ الْأَصْل فِي يَوْم الْجُمُعَة صَلَاة الْجُمُعَة وَالظُّهْر بَدَل عَنْهَا قَوْل مَرْجُوح ، بَلْ الظُّهْر هُوَ الْفَرْض الْأَصْلِيّ الْمَفْرُوض لَيْلَة الْإِسْرَاء وَالْجُمُعَة مُتَأَخِّرٌ فَرْضهَا . ثُمَّ إِذَا فَاتَتْ وَجَبَ الظُّهْر إِجْمَاعًا فَهِيَ الْبَدَلُ عَنْهُ " 

يجوز صلاة الجمعة عوضاً عن صلاة الظهر في دار الحرب إذا استطاع المسلمون صلاتها علناً بحرية كاملة دون أن يتعرضوا لأي أذية وهذا مع الأسف غير متوفر في دور الحرب اليوم بما فيها الدول الغربية لمن أراد أن يجهر بالتوحيد ولوازمه .
لهذا شروط صلاة الجمعة في يومنا هذا غير متوفرة وينبغي على المسلمين أن يصلوا الظهر يوم الجمعة حتى تتوفر لهم شروطها . ومن ترك صلاة الظهر وهي الأصل وصلى الجمعة مع عدم توفر شروطها فقد أضاع صلاة الظهر التي هي فرض عليه في يومنا الحاضر في وضعنا الحاضر . لأن تأدية صلاة الجمعة بدون توفر شروطها لا يسقط على المكلف فرضية صلاة الظهر يوم الجمعة .
وقد جاء في "كشف الأوهام والألتباس " 
"وقد صرح الإمام أحمد فيما نقل عنه ابنه عبد الله وغيره أنه كان يعيد صلاة الجمعة وغيرها وقد يفعله المؤمن مع غيرهم من المرتدين إذا كان لهم شوكة ودولة والنصوص في ذلك معروفة مشهورة نحيل طالب العلم على أماكنها ومظانها ."
إن من يقول أن الجمعة كباقي الصلوات تصح من أي عدد في أي مكان على آية حالة كانوا ، قوله مخالف للشريعة ولأقوال السلف والخلف . وهذا القول يؤدي إلى هدم حكمة التشريع في إقامة الجمعة .
وما يشهد لهذا الحكم ويرد على من خالفه ، ما جاء في اجتماع العيد والجمعة . إذ خير النَّبي صلى الله عليه وسلم أهل الضواحي من المسلمين بين النزول إلى الجمعة وبين الاكتفاء بصلاة العيد .
ثم أخبرهم بأنه سيصلي الجمعة ، ولو كانت صلاة الجمعة تصح منهم في منازلهم وضواحيهم لأرشدهم إلى ذلك وأعفاهم من النزول سواء في يوم العيد الذي يكون في يوم الجمعة أو في الجمعة من غير يوم العيد ، بل كانوا ينزلون من أطراف المدينة كما هو معلوم .
وإليك الآن بعض ما جاء في كتب العلماء عن فرضية الجمعة : 
"فصل ولما ارتحل عليه السلام من قباء وهو راكب ناقته القصواء وذلك يوم الجمعة أدركه وقت الزوال وهو في دار بني سالم بن عوف، فصلى بالمسلمين الجمعة هنالك، في واد يقال له وادي رانواناء فكانت أول جمعة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين بالمدينة ، أو مطلقا لأنه والله أعلم لم يكن يتمكن هو وأصحابه بمكة من الاجتماع حتى يقيموا بها جمعة ذات خطبة وإعلان بموعظة وما ذاك إلا لشدة مخالفة المشركين له، وأذيتهم إياه." ( البداية والنهاية - (ج 3 / ص 259)

"وأخرج الطبراني في الكبير والأوسط عن أبي مسعود الأنصاري قال أول من قدم من المهاجرين المدينة مصعب بن عمير وهو أول من جمع بها يوم الجمعة جمعهم قبل أن يقدم رسول الله وهم اثنا عشر رجلا وفي إسناده صالح بن أبي الأخضر وهو ضعيف .
قال الحافظ ويجمع بين رواية الطبراني هذه ورواية أسعد بن زرارة التي عند المؤلف بأن أسعد كان آميراً وكان مصعب إماما .
وروى ابن سعد في الطبقات في ترجمة مصعب بن عمير من حديث الزهري وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعاصم بن عمر بن قتادة قال لما انصرف أهل العقبة الأولى وهم اثنا عشر رجلا وأسلم بعض الأنصار أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابعث إلينا رجلا يعلمنا القرآن وشرائع الدين فبعث إليهم مصعب بن عمير وكان يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام حتى فشا الإسلام في دور الأنصار فكتب مصعب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه في أن يجمع بهم فأذن له وكتب إليه أن انظر اليوم الذي تجهز اليهود فيه لسبتها فإذا زالت الشمس فأردف إلى الله بركعتين واخطب فيهم فجمع بهم مصعب بن عمير في دار سعد بن خيثمة وهم اثنا عشر رجلا فهو أول من جمع في الإسلام وروى قوم من الأنصار أن أول من جمعهم أبو أمامة اسعد بن زرارة " (تخريج الأحاديث والآثار ج:4 ص:13)
"روى كعب بن مالك أنه قال أسعد بن زرارة أول من جمع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له نقيع الخضمات رواه أبو داود وقال ابن جريج قلت لعطاء تعني إذا كان ذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم قال نعم . قال الخطابي حرة بني بياضة على ميل من المدينة ." ( تلخيص الحبير ج:2 ص:54 )
"قال البيهقي في المعرفة وروينا عن معاذ بن موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق أن النبي حين ركب من بني عمرو بن عوف في هجرته إلى المدينة مر على بني سالم وهي قرية بين قباء والمدينة فأدركته الجمعة فصلى فيهم الجمعة وكانت أول جمعة صلاها رسول الله حين قدم . "(عون المعبود ج:3 ص:283 )

"أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك ببغداد ثنا علي بن إبراهيم الواسطي ثنا وهب بن جرير ثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن أبي أمامة بن سهل عن أبيه عن عبد الرحمن بن كعب قال كنت قائد أبي حين ذهب بصره إذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان صلى على أبي أمامة أسعد بن زرارة واستغفر له فمكثت كثيرا لا يسمع أذان الجمعة إلا فعل ذلك فقلت يا أبي أرأيت استغفارك لأبي أمامة كلما سمعت الأذان للجمعة ما هو قال أي بني كان أول من جمع بنا بالمدينة في هزم النبت من حرة بني بياضة يقال لها نقيع الخضمات قال قلت كم كنتم يومئذ قال أربعين رجلا "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (المستدرك على الصحيحين ج:1 ص:417 )
"وجاء مبيناً في البخاري في كتاب الصلاة من رواية أنس رضي الله عنه قال فنزل ( يعني رسول الله ) بأعلى المدينة في حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف فقام فيهم أربع عشرة ليلة ثم خرج يوم الجمعة فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف في المسجد الذي في بطن الوادي وكانت أول جمعة صلاها (رسول الله ) بالمدينة . "( عمدة القاري ج:1 ص:244 )
قولهم : «فأدركته الجمعة» ، يدل على أن صلاة الجمعة كانت مشروعة يومئذٍ وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان عازماً أن يصليها بالمدينة فضاق عليه الوقت فأداها في مسجد بني سالم .
"وفي شرح المنهاج للعلامة ابن حجر إن صلاة الجمعة فرضت بمكة ولم تقم بها لفقد العدد أو لأن شعارها الإظهار وكان صلى الله عليه وسلم بها مستخفياً ، وأول من أقامها بالمدينة قبل الهجرة أسعد بن زرارة بقرية على ميل من المدينة . ( تفسير الألوسي)
وقال العلامة ابن حجر في «تحفة المحتاج» : فرضت يعني صلاة الجمعة بمكة ولم نقم بها لفقد العدد ، أو لأن شعارها الإظهار ، وكان صلى الله عليه وسلم بها مستخفياً ، وأول من أقامها بالمدينة قبل الهجرة أسعد بن زرارة بقرية على ميل من المدينة انتهى ، فلعلها فرضت ثم نزلت الآية كالوضوء للصلاة فإنه فرض أولاً بمكة مع الصلاة ثم نزلت آيته لكن يعكر على هذا ما أخرجه ابن ماجه عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال : "إن الله افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا في يومي هذا في شهري هذا في عامي هذا إلى يوم القيامة فمن تركها استخفافاً بها أو جحوداً بها فلا جمع الله شمله ولا بارك له في أمره ألا ولا صلاة له ولا زكاة له ولا حج له ولا صوم له ولا بر له حتى يتوب فمن تاب تاب الله عليه "فإن الظاهر أن هذه الخطبة كانت في المدينة بل ظاهر الخبر أنها بعد الهجرة بكثير إذ ظاهر قوله عليه الصلاة والسلام فيه : "لا حج له "أن الحج كان مفروضاً إذا ذاك ، وهو وإن اختلف في وقت فرضه فقيل : فرض قبل الهجرة ، وقيل : أول سنيها ، وقيل : ثانيها ، وهكذا إلى العاشرة لكن قالوا : إن الأصح أنه فرض في السنة السادسة فإما أن يقدح في صحة الحديث ، وإما أن يقال : مفاده افتراض الجمعة إلى يوم القيامة أي بهذا القيد ، ويقال : إن الحاصل قبل افتراضها غير مقيد بهذا القيد ثم ما تقدم من كون أسعد أول من جمع بالمدينة يخالفه ما أخرج الطبراني عن أبي مسعود الأنصاري قال : أول من قدم من المهاجرين المدينة مصعب ابن عمير ، وهو أول من جمع بها يوم الجمعة جمع بهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم اثنا عشر رجلاً . 
وأخرج البخاري على ما نقله السيوطي نحوه وكان ذلك بأمره عليه الصلاة والسلام ، فقد أخرج الدارقطني عن ابن عباس قال : أذن النبي عليه الصلاة والسلام بالجمعة قبل أن يهاجر ولم يستطع أن يجمع بمكة فكتب إلى مصعب بن عمير : أما بعد فانظر اليوم الذي تجهر فيه اليهود بالزبور فأجمعوا نساءكم وأبناءكم فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا إلى الله تعالى بركعتين قال : فهو أول من جمع حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فجمع عند الزوال من الظهر وأظهر ذلك فلعل ما يدل على كون أسعد أول من جمع أثبت من هذه الأخبار أو يجمع بأن أسعد أول من أقامها بغير أمر منه صلى الله عليه وسلم كما يدل عليه خبر ابن سيرين ، وصرح به ابن الهمام . ومصعباً أول من أقامها بأمره عليه الصلاة والسلام ، أو بأن مصعباً أول من أقامها في المدينة نفسها وأسعد أول من أقامها في قرية قرب المدينة ، وقولهم : في المدينة تسامح ، وقال الحافظ ابن حجر : يجمع بين الحديثين بأن أسعد كان أميراً ، ومصعباً كان إماماً وهو كما ترى ، ولم يصرح في شيء من الأخبار التي وقفت عليها فيمن أقامها قبل الهجرة بالمدينة بالخطبة التي هي أحد شروطها ، وكأن في خبر ابن سيرين رمزاً إليها بقوله : وذكرهم ، وقد يقال : إن صلاة الجمعة حقيقة شرعية في الصلاة المستوفية للشروط ، فمتى قيل : إن فلاناً أول من صلى الجمعة كان متضمناً لتحقق الشروط لكن يبعد كل البعد كون ما وقع من أسعد رضي الله تعالى عنه إن كان قبل فرضيتها مستوفياً لما هو معروف اليوم من الشروط ، ثم إني لا أدري هل صلى أسعد الظهر ذلك اليوم أم اكتفى بالركعتين اللتين صلاهما عنها ؟ وعلى تقدير الاكتفاء كيف ساغ له ذلك بدون أمره عليه الصلاة والسلام ؟ا وقصارى ما يظن أن الأنصار علموا فرضية الجمعة بمكة وعلموا شروطها وإغناءها عن صلاة الظهر فأرادوا أن يفعلوها قبل أن يؤمروا بخصوصهم فرغب خواصهم عوامهم على أحسن وجه وجاءوا إلى أسعد فصلى بهم وهو خلاف الظاهر جداً فتدبر والله تعالى الموفق .
وأما ما كان من صلاته عليه الصلاة والسلام إياها فقد روي أنه عليه الصلاة والسلام لما قدم المدينة مهاجراً نزل قباً على بني عمرو بن عوف وأقام بها يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ، وأسس مسجدهم ثم خرج يوم الجمعة إلى المدينة فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم فخطب وصلى الجمعة وهو أول جمعة صلاها عليه الصلاة والسلام"

جاء في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (باب الجمعة في القرى والمدن) 
"أي هذا باب في بيان حكم صلاة الجمعة في القرى والمدن 
- 892حدثنا ( محمد بن المثنى ) قال حدثنا ( أبو عامر العقدي ) قال حدثنا ( إبراهيم بن طهمان ) عن ( أبي جمرة الضبعي ) عن ( ابن عباس ) أنه قال إن أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين ( الحديث 892 - طرفه في 4371 (
ذكر ما يستفاد منه : استدلت الشافعية بهذا الحديث على أن الجمعة تقام في القرية إذا كان فيها أربعون رجلا أحرارا مقيمين حتى قال البيهقي باب العدد الذين إذا حضروا في قرية وجبت عليهم ثم ذكر فيه إقامة الجمعة بجواثى ، قلنا لا نسلم أنها قرية بل هي مدينة كما حكينا عن البكري وغيره حتى قيل كان يسكن فيها فوق أربعة آلاف نفس والقرية لا تكون كذلك وإطلاق القرية عليها من الوجه الذي ذكرناه ولئن سلمنا أنها قرية فليس في الحديث أنه اطلع على ذلك وأقرهم عليه واختلف العلماء في الموضع الذي تقام فيه الجمعة فقال مالك كل قرية فيها مسجد أو سوق فالجمعة واجبة على أهلها ولا يجب على أهل العمود وإن كثروا لأنهم في حكم المسافرين وقال الشافعي وأحمد كل قرية فيها أربعون رجلا أحرارا بالغين عقلاء مقيمين بها لا يظعنون عنها صيفا ولا شتاء إلا ظعن حاجة فالجمعة واجبة عليهم وسواء كان البناء من حجر أو خشب أو طين أو قصب أو غيرها بشرط أن تكون الأبنية مجتمعة فإن كانت متفرقة لم تصح وأما أهل الخيام فإن كانوا ينتقلون من موضعهم شتاء أو صيفا لم تصح الجمعة بلا خلاف وإن كانوا دائمين فيها شتاء وصيفا وهي مجتمعة بعضها إلى بعض ففيه قولان أصحهما لا تجب عليهم الجمعة ولا تصح منهم وبه قال مالك والثاني تجب عليهم وتصح منهم وبه قال أحمد وداود ومذهب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه لا تصح الجمعة إلا في مصر جامع أو في مصلى المصر ولا تجوز في القرى وتجوز في منى إذا كان الأمير أمير الحاج أو كان الخليفة مسافرا وقال محمد لا جمعة بمنى ولا تصح بعرفات في قولهم جميعا وقال أبو بكر الرازي في كتابه ( الأحكام ) اتفق فقهاء الأمصار على أن الجمعة مخصوصة بموضع لا يجوز فعلها في غيره لأنهم مجتمعون على أنها لا تجوز في البوادي ومناهل الأعراب وذكر ابن المنذر عن ابن عمر أنه كان يرى على أهل المناهل والمياه أنهم يجمعون .
ثم اختلف أصحابنافي المصر الذي تجوز فيه الجمعة فعن أبي يوسف هو كل موضع يكون فيه كل محترف ويوجد فيه جميع ما يحتاج إليه الناس من معايشهم عادة وبه قاض يقيم الحدود وقيل إذا بلغ سكانه عشرة آلاف وقيل عشرة آلاف مقاتل وقيل بحيث أن لو قصدهم عدو لأمكنهم دفعه وقيل كل موضع فيه أمير وقاض يقيم الحدود وقيل أن لو اجتمعوا إلى أكبر مساجدهم لم يسعهم وقيل أن يكون بحال يعيش كل محترف بحرفته من سنة إلى سنة من غير أن يشتغل بحرفة أخرى وعن محمد موضع مصرة الإمام فهو مصر حتى إنه لو بعث إلى قرية نائبا لإقامة الحدود والقصاص تصير مصراً فإذا عز له ودعاه يلحق بالقرى ..............
قال أخبرنا ( سالم بن عبد الله ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال سمعت رسول الله يقول كلكم راع وزاد الليث قال يونس كتب رزيق بن حكيم إلى ابن شهاب وأنا معه يومئذ بوادي القرى هل ترى أن أجمع ورزيق عامل على أرض يعملها وفيها جماعة من السودان وغيرهم ورزيق يومئذ على أيلة فكتب ابن شهاب وأنا أسمع يأمره أن يجمع يخبره أن سالما حدثه أن عبد الله بن عمر يقول سمعت رسول الله يقول كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته الإمام راع ومسؤل عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسؤل عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤلة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤل عن رعيته قال وحسبت أن قال والرجل راع في مال أبيه ومسؤل عن رعيته وكلكم راع ومسؤل عن رعيته
ذكر معناه قوله كلكم راع أصل راع راعي فاعل إعلال قاض من رعى رعاية وهو حفظ الشيء وحسن التعهد له والراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه وما هو تحت نظره فكل من كان تحت نظره شيء فهو مطلوب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته فإن وفى ما عليه من الرعاية حصل له الحظ الأوفر والجزاء الأكبر وإن كان غير ذلك طالبه كل أحد من رعيته بحقه ............
الثاني قال بعضهم في هذه القصة يعني القصة المذكورة في الحديث إيماء إلى أن الجمعة تنعقد بغير إذن من السلطان إذا كان في القوم من يقوم بمصالحهم قلت الذي يقوم بمصالح القوم هو المولى عليهم من جهة السلطان ومن كان مولى من جهة السلطان كان مأذونا بإقامة الجمعة لأنها من أكبر مصالحهم والعجب من هذا القائل أنه يستدل على عدم إذن السلطان لإقامة الجمعة بالإيماء ويترك ما دل على ذلك حديث جابر أخرجه ابن ماجه وفيه من تركها في حياتي أو بعدي وله إمام عادل أو جائر استخفافا بها وجحودا لها فلا جمع الله شمله ولا بارك له في أمره ألا ولا صلاة له ولا زكاة له ولا حج له ولا صوم له ولا بر له الحديث ورواه البزار أيضا ورواه الطبراني في ( الأوسط ) عن ابن عمر مثله فإن قلت في سند ابن ماجه عبد الله بن محمد العدوي وفي سند البزار علي بن زيد بن جدعان وكلاهما متكلم فيه قلت إذا روي الحديث من طرق ووجوه مختلفة تحصل له قوة فلا يمنع من الاحتجاج به ولا سيما اعتضد بحديث ابن عمر والقائل المذكور أشار بقوله إلى قول الشافعي فإن عنده إذن السلطان ليس بشرط لصحة الجمعة ولكن السنة أن لا تقام إلا بإذن السلطان وبه قال مالك وأحمد في رواية وعن أحمد أنه شرط كمذهبنا واحتجوا بما روي أن عثمان رضي الله تعالى عنه لما كان محصورا بالمدينة صلى علي رضي الله تعالى عنه الجمعة بالناس ولم يرو أنه صلى بأمر عثمان وكان الأمر بيده قلنا هذا الاحتجاج ساقط لأنه يحتمل أن عليا فعل ذلك بأمره أو كان لم يتوصل إلى إذن عثمان . ونحن أيضا نقول إذا لم يتوصل إلى إذن الإمام فللناس أن يجتمعوا ويقدموا من يصلي بهم فمن أين علم أن عليا فعل ذلك بلا إذن عثمان وهو بحيث يتوصل إلى إذنه 
وقال ابن المنذر مضت السنة بأن الذي يقيم الجمعة السلطان أو من قام بها بأمره فإذا لم يكن ذلك صلوا الظهر .
وقال الحسن البصري أربع إلى السلطان فذكر منها الجمعة وقال حبيب بن أبي ثابت لا تكون الجمعة إلا بأمير وخطبة وهو قول الأوزاعي ومحمد بن مسلمة ويحيى بن عمر المالكي .
وعن مالك إذا تقدم رجل بغير إذن الإمام لم يجزهم وذكر صاحب ( البيان ) قولا قديما للشافعي أنها لا تصح إلا خلف السلطان أو من أذن له وعن أبي يوسف إن لصاحب الشرطة أن يصلي بهم دون القاضي وقيل يصلي القاضي ........ أهـ

وإليك الآن بعض الفروق بين صلاة الظهر وصلاة الجمعة :
1ـ صلاة الجمعة لا تنعقدإلا بجمع على خلاف بين العلماء في عدده.
وصلاة الظهر تصح من الواحدوالجماعة.
2ـ صلاة الجمعة لا تقام إلا في القرى والأمصار.
وصلاة الظهر في كل مكان.
3ـ صلاة الجمعة لا تقام في الأسفارفلو مر جماعة مسافرون ببلد قد صلوا الجمعة لم يكن لهؤلاء الجماعة أن يقيموها.
وصلاة الظهر تقام في السفر والحضر.
4ـ صلاة الجمعة لا تقامإلا في مسجد واحد في البلد إلا لحاجة.
وصلاة الظهر تقام في كل مسجد.
5ـ صلاة الجمعة لا تقضى إذا فات وقتها ، وإنما تصلى ظهرا ؛ لأن منشرطها الوقت.
وصلاة الظهر تقضى إذا فات وقتها لعذر.
6ـ صلاةالجمعة لا تلزم النساء ، بل هي من خصائص الرجال.
وصلاة الظهر تلزم الرجالوالنساء.
7ـ صلاة الجمعة لا تلزم الأرقاء ، على خلاف في ذلك وتفصيل.
وصلاة الظهر تلزم الأحرار والعبيد.
8ـ صلاة الجمعة إذا فاتت الواحد قضاها ظهرا لا جمعة.
وصلاةالظهر إذا فاتت الواحد قضاها كما صلاها الإمام إلا من له القصر.
9ـ صلاة الجمعة يمكن فعلها قبل الزوال على قول كثير من العلماء.
وصلاة الظهرلا يجوز فعلها قبل الزوال بالاتفاق.
10ـ صلاة الجمعة تسن القراءةفيها جهرا.
وصلاة الظهر تسن القراءة فيها سرّا.
11ـ صلاة الجمعة تسبقها خطبتان.
وصلاة الظهر ليس لها خطبة.
12ـ صلاة الجمعة لا يصح البيع والشراء بعد ندائها الثاني ممن تلزمه.
وصلاة الظهر يصح البيع والشراء بعد ندائها ممن تلزمه.
13ـ صلاة الجمعة إذا فاتت في مسجد لا تعاد فيه ولا في غيره.
وصلاة الظهر إذافاتت في مسجد أعيدت فيه وفي غيره.
14ـ صلاة الجمعة يشترط لصحتها إذنالإمام على قول بعض أهل العلم.
وصلاة الظهر لا يشترط لها ذلك بالاتفاق.
15ـ صلاة الجمعة لا يصح جمعالعصر إليها في الحال التي يجوز فيها جمع العصر إلى الظهر.
وصلاة الظهريصح جمع العصر إليها حال وجود العذر المبيح.
هذا ولقد عد بعض العلماء الفروق إلى أكثرمن ثلاثين فرقاً .
م.ن.ق.و.ل

هل يدعي المسم إلي التوحيد !!

$
0
0
يقولون تماشيا مع واقع أمتهم بوجوب دعوتها إلى التوحيد، رغم أنهم يعتبرونها أمة مسلمة، فيدعى المسلم إلى الإسلام، وهو اعتراف ضمني بأنه كافر.
إن هذا الهراء ليستفز العقول السليمة، وتمجّه الفطر القويمة، لو عرضنا هذا الدين بهذه القواعد على عقلاء البشر لأنكروه، وحُقَّ لهم ذلك.
فكيف نقول للنصراني أن عبدة المسيح من قومه كفروا بالله، وعبدة الحسين وعبد القادر مسلمون؟! وكيف نبين له أن المسلم لا يشرك بالله، ثم نخرج به إلى الشارع ونقول له: هؤلاء إخوانك المسلمون، وهو يراهم يشركون بالله؟!
إن الكافر من الأمم الأخرى إذا دخل في دين التوحيد يكون مباشرة على هذا الإعتقاد، وهو نفي الإسلام عمن يشرك بالله جهلا وإن ادعى الإسلام، لأنه اعتقاد فطري عقلي، إلا أن يدعى إلى غيره.
كما يكون مباشرة على عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات، لأن عقائد أهل الكلام مبتدعة، لا تُنال إلا بالإطلاع على فلسفتهم.
ولذلك قال بعض السلف أن من علامة هداية الله للداخل في الإسلام أن يوفق إلى رجل من أهل السنة، لأنه إذا دعاه مبتدعة المسلمين إلى الإسلام أدخلوه في أهوائهم أيضا.
ذكر ابن الأثير في "الكامل في التاريخ" (8/14) في حوادث سنة 428هـ: (وفيها توفي مهيار الشاعر، وكان مجوسيا فأسلم سنة 394 هـ وصحب الشريف الرضي، وقال له أبو القاسم بن برهان: يا مهيار، قد انتقلت بإسلامك في النار من زاوية إلى زاوية، قال: وكيف؟ قال: لأنك كنت مجوسيا فصرت تسب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم).
ومثل هذا سيكون حال من يدعوه مشايخ الصوفية ومشايخ العلمانية فيتبع دينهم ظانا بأنه دين الإسلام، ولذلك يقول جمال الدين الأفغاني كما ذكر عبد الحليم محمود في "أوربا والإسلام" (33): (إذا أردنا أن ندعوا للإسلام فليكن أول ما نبدأ به أن نبرهن للغربيين أننا لسنا مسلمين).
فهذا الكلام –وإن كان غير منطقي– فإنه يلخص واقع هذه الأمة، التي تختفي وراء إسم الإسلام، فإذا دعونا اليهود والنصارى وغيرهم، يجب أن نبين لهم أن الإسلام الذي ندعوهم إليه يخالف تماما ما يفهمه الناس اليوم في بلاد العرب وغيرها.
وإذا احتج اليهود والنصارى بأفعال هؤلاء فلا ندافع عنهم، بل يجب أن نبرئ الإسلام منهم، حتى لا يكونوا حجة على الإسلام، ولا حرج في ذلك التبيان والتمييز، بل هو الواجب، هذا إذا كنا نخالفهم في دينهم، أما من يعتبرهم مسلمين، رغم اعترافه ببعدهم عن الإسلام، فإنه يناقض نفسه، ولا يعي ما يقول، وشر القول ما نقض بعضه بعضا.
وإذا دعونا الناس في هذه الأمة أو أهل الكتاب أو الملحدين يقولون: هؤلاء علماء الإسلام يرون أنكم على ضلال، وأن دينهم هو الحق، كما كانت قريش تستدل بعلماء أهل الكتاب، فينبغي أن نظهر للناس ضلال هؤلاء العلماء الذين عانى منهم الإسلام طويلا، ويجب أن نواجه هؤلاء العلماء بذلك، وبالحجج الدامغة لباطلهم، حتى إذا تحطمت صخرتهم لم تبق للعوام شبهة، فيجب أن نظهر كفرهم لهؤلاء الأتباع، حتى لا يظنوا أننا ندعوهم لدين علمائهم. 

فمن أين لهؤلاء بأن المسلم يدعى إلى الإسلام الذي لم يعرفه؟! وهو مسلم مسبقا بسبب كلمة يقولها دون فهم.!!م.ن.ق.و.ل

حوار طريف مع عنصر قتالي

$
0
0
ولتستبين سبيلهم أكثر:

لنفرض أن قوما يعبدون النار مع الله سبحانه، ويرددون بألسنتهم لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ويصلون ويصومون ويزكون ويحجون، وأن جماعة من هؤلاء القوم زعموا أنهم كفروا بعبادة النار ، (وأؤكد هنا على كلمة زعموا)، ومعلوم أن الذي يعبد النار مع الله سبحانه، هو كمن يعبد الطاغوت مع الله سبحانه (سواء طاغوت الديكتاتورية أو طواغيت الديمقراطية)، أو كمن يعبد الأبقار مع الله سبحانه، أو كمن يعبد الشمس مع الله تعالى، فلا فرق بين هؤلاء جميعا، واخترت هنا أن أغير معبود أقوامهم وآبائهم، الذي يعبدوه مع الله تعالى، من باب لعله يظهر لهم قبح ما هم عليه من الدين، دين إعذار أقوامهم بالجهل والتأويل،

ولنجري مع أحدهم هذا الحوار الافتراضي:

-مالذي حدث معك؟؟
كفرتُ بعبادة النار

-هل أسلمتَ؟؟ بحمد الله
وهل كنتُ كافرا حتى أسلم

-ماذا كان دينك قبل كفرك بعبادة النار؟؟
كنتُ مسلما

-هل كفر ابوك بعبادة النار؟؟
لا لم يكفر بعد

-ماهو دين أبيك إذن؟؟
أبي مسلم أيضا

-ماهو دين قومك الذين يعبدون النار؟؟
هم مسلمون أيضا

- هل تعقل ما تقول؟؟ هؤلاء يعبدون النار مع الله سبحانه؟؟!!
نعم هم مسلمون معذورون في عبادتهم للنار، أليسوا يقولون لا إله إلا الله، ويصلون ويصومون ويزكون ويحجون؟
إذن هم مسلمون.

- مسلمون مع عبادتهم للنار؟؟!!
معذورون في ذلك، منهم من عبدها جهلا ومنهم من عبدها تأولا...

-ومن يموت من قومك وهو يعبد النار مع الله سبحانه، ماذا يكون؟؟
يكون مات على ملة الإسلام

انتهى الحوار.

هل سمعتم ؟؟
يكون مات على ملة الإسلام!!! !!!
يعني: يكون مات على ملة إبراهيم حنيفا مسلما!!! !!!

ماذا بكم؟ وعلى أي شيء تبنون أحكامكم؟
حتى يستوي في ميزانكم وحكمكم:
الشرك والتوحيد؟!
الكفر والإسلام؟!
عبادة آلهة مع الله، وعبادة الله وحده لاشريك له؟!

يا قوم!!
الذي يعبد مع الله آلهة أخرى، جهلا أو تأولا أو تقليدا أو أو ، يكون –عندكم- هو في دين الله تعالى!!! مادام يقول بلسانه لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ويصلي و يصوم ويزكي ويحج.
وإن مات على هذا، مات على ملة الإسلام، وسيجزيه الله جنات عرضها السماوات والأرض، مكافئة له على عبادته مع الله آلهة أخرى؟؟!!!

(سبحانك اللهم ما أعجب دين المكذبين بالرسل!!)

كيف تجعلون الذي يعبد مع الله آلهة أخرى، هو في دين الله الذي بعث الله به رسله؟؟!!
وأنه معذور في شهادته أن مع الله آلهة أخرى، ما دام يردد بلسانه لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ويصلي ويصوم ويزكي ويحج،
أبهذا الدين بعث الله رسله يا قوم؟!!
أبعث الله رسله للعباد ليعذروهم في عبادتهم مع الله آلهة أخرى ، ويعتبرونهم في دين الله ؟؟!!
أم بعث إليهم رسله ليدعونهم إلى إفراد الله تعالى بالعبادة، والخروج من دين الكفر والدخول في دين الله تعالى؟؟
أيكون الذي يعبد غير الله سبحانه، ولو بأي عذر من الأعذار، هو في دين الله يا قوم؟!!
أيرضى الله بعبادة غيره معه؟!!
أيرضى الله أن يُعبد غيره معه؟!!
وفوق ذلك يقال أنهم في دين الله؟!!
وأن الذي يموت على هذا الدين يكون مات على ملة الإسلام!!
وفوق ذلك يكافؤهم الله بالجنة مكافأة لهم على موتهم على تلك الملة، ملة شهادتهم أن مع الله آلهة أخرى؟؟!!!!
تعالى الله عما تصفون علوا كبيرا،

قال الله مولانا تبارك وتعالى :
(ما لكم كيف تحكمون) ؟!!

م.ن.ق.و.ل

هل الأصل في الناس اليوم الكفر ام الإسلام ؟

$
0
0
س: (الأصل في الناس اليوم الكفر أم الإسلام) ما صحة هذه المقولة وما الأصل الأن !؟

الجواب: المراد بكلمة الأصل أحيانا هو الغالب أو ما دل عليه الدليل أو ما تـأصل عند الناس وطال أو ما توارثه الناس من الدين.

فمن وجد أناس أنتشر فيهم التوحيد بالقول والعمل والاعتقاد وكان هذا هو الظاهر الجلي والغالب والشائع فيهم وكانت الردة والكفر من القضايا العينية الخاصة التي لا تؤثر في أحكام العموم لأن أحكام العموم تبنى على الغالب والشائع والظاهر( أي معالم التوحيد هي الظاهرة كالانقياد لله بالعبودية في الشعائر والنسك والحكم والتشريع والولاية)
وأؤكد بحيث يكون هذا الأمر ظاهر جلي فهم المسلمون الموحدون وإن كان فيهم من يكتم نفاقه وكفره
و لا مانع أن نقول عنهم بأن الأصل فيهم الإسلام إلا من ثبت كفره

وأما إذا كان الشرك فاشيا بجميع أنواعه وكانت المظاهر العامة في هؤلاء القوم هو عبادة غير الله ولو كانت في عبادة واحدة فما بالك بانتشار الشرك والكفر والإلحاد وعبادة الطواغيت بجميع أنواعها
وأصبح هذا الأمر ظاهر جلي وأصبحت الدعوة إلي غير دين الله كما يحصل الأن من اعتناق أديان جديدة كالديمقراطية وعقائد فاسدة كالعذر بالجهل والتقرب إلي الله بالدساتير، واتّباع الأحبار والرهبان وولاة أمور الكفر والشرك وغيرها

وأصبح هذا الدين هو المتعارف عليه وهو الذي يعض عليه بالنواجد وأصبح الذي يريد إفراد الله بالحكم والتشريع يرمى بالتضليل والتبديع وأنه أتى بدين جديد وأنه من الشواذ فهذا دليل على انهم لا يعرفون حقيقة التوحيد ولا يميزون بينه وبين الشرك بل عندهم الشرك من أجل القربات كما كانت تفعل قريش.
وقد توارثوا هذا الدين جيلاً بعد جيل فهم كفار أصليون وليسوا بمرتدين وإن كان فيهم من يكتم إسلامه لأن الأحكام تجرى على الظاهر والله يتولى السرائر
فلا يوجد مانع من أن نقول عنهم أن الأصل فيهم الشرك إلا من ثبت إسلامه بالدليل الخاص والقرينة المعتبرة وليست المشتركة

ولعلك تفهم الآن مقولة الأئمة الأربعة عندما قالوا:

{الْأَصْلَ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي دَارٍ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا، يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُهُمْ مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى خِلَافِهِ دَلِيلٌ }

وليس المراد من الأصل بأن الناس لا يولدون على الفطرة ويولدون على الكفر فافهم هذا جيداً هداك الله لما يحبه ويرضاه
م.ن.ق.و.ل

العذر بالجهل

$
0
0
Photo: ‎الحمد لله وكفى وسلامُُُُ على عباده الذين اصطفى أما بعد. **  هذه مقولات العلماء فى نفى العذر بالجهل  (1) قال شيخ الاسلام فى كتابه درء تعارض العقل والنقل "أو تقولوا إنما اشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم افتهلكنا بما فعل المبطلون سورة الاعراف 173 ذكر لهم حجتين يدفعهما هذا الاشهاد إحداهما أن تقولوا انا كنا عن هذا غافلين فبين أن هذا علم فطري ضروري لا بد لكل بشر من معرفته وذلك يتضمن حجة الله في ابطال التعطيل وان القول بإثبات الصانع علم فطري ضروري وهو حجة على نفي التعطيل والثاني أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم فهذا حجة لدفع الشرك كما أن الأول حجة لدفع التعطيل فالتعطيل مثل كفر فرعون ونحوه والشرك مثل شرك المشركين من جميع الأمم وقوله أو تقولوا إنما اشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم افتهلكنا بما فعل المبطلون وهم آباؤنا المشركون وتعاقبنا بذنوب غيرنا وذلك لأنه لو قدر أنهم لم يكونوا عارفين بأن الله ربهم ووجدوا آباءهم مشركين وهم ذرية من بعدهم ومقتضى الطبيعة العادية أن يحتذى الرجل حذو ابيه حتى في الصناعات والمساكن والملابس والمطاعم إذ كان هو الذي رباه ولهذا كان ابواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ويشركانه فإذا كان هذا مقتضى العادة الطبيعية ولم يكن في فطرتهم وعقولهم ما يناقض ذلك قالوا نحن معذورون وآباؤنا هم الذين اشركوا ونحن كنا ذرية لهم بعدهم اتبعناهم بموجب الطبيعة المعتادة ولم يكن عندنا ما يبين خطأهم فإذا كان في فطرتهم ما شهدوا به من أن الله وحده هو ربهم كان معهم ما يبين بطلان هذا الشرك وهو التوحيد الذي شهدوا به على أنفسهم فإذا احتجوا بالعادة الطبيعة من اتباع الاباء كانت الحجة عليهم الفطرة الطبيعية العقلية السابقة لهذه العادة الابوية كما قال صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه فكانت الفطرة الموجبة للاسلام سابقة للتربية التي يحتجون بها وهذا يقتضي أن نفس العقل الذي به يعرفون التوحيد حجة (1/1) ________________________________________ في بطلان الشرك لا يحتاج ذلك إلى رسول فانه جعل ما تقدم حجة عليهم بدون هذا (أى بدون الرسول)وهذا لا يناقض قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا سورة الاسراء 15 فإن الرسول يدعو إلى التوحيد لكن أن لم يكن في الفطرة دليل عقلي يعلم به إثبات الصانع لم يكن في مجرد الرسالة حجة عليهم فهذه الشهادة على أنفسهم التي تتضمن اقرارهم بأن الله ربهم ومعرفتهم بذلك وان هذه المعرفة والشهادة أمر لازم لكل بني آدم به تقوم حجة الله تعالى في تصديق رسله فلا يمكن أحدا أن يقول يوم القيامة اني كنت عن هذا غافلا ولا أن الذنب كان لابي المشرك دونى لانه عارف بان الله ربه لا شريك له فلم يكن معذورا في التعطيل ولا الاشراك بل قام به ما يستحق به العذاب ثم أن الله بكمال رحمته واحسانه لا يعذب أحدا بعد ارسال رسول اليهم وان كانوا فاعلين لما يستحقون به الذم والعقاب كما كان مشركو العرب وغيرهم ممن بعث اليهم رسول فاعلين للسيئات والقبائح التي هي سبب الذم والعقاب والرب تعالى مع هذا لم يكن معذبا لهم حتى يبعث اليهم رسولا" درء تعارض العقل والنقل ج8 هذا الكلام من شيخ الاسلام يرد على من قال ان المشرك لو وقع فى الشرك فهو معذور لجهله وأنه لايخرج من الاسلام حتى تقام عليه الحجة (2) قال بن القيم فى أحكام أهل الذمة "ثم إن اللّه سبحانه - لكمال رحمته وإحسانه - لا يعذب أحداً إلا بعد إرسال الرسل إليه، وإن كان غافلاً لما يستحق به الذم والعقاب: فلله على عبده حجتان قد أعدهما عليه لا يعذبه إلا بعد قيامهما: إحداهما ما فطره عليه وخلقه عليه من الإقرار بأنه ربه ومليكه وفاطره، وحقُّه عليه لازم؛ والثانية إرسال رسله إليه بتفصيل ذلك وتقريره وتكميله فيقوم عليه شاهد الفطرة والشرعة، ويقر على نفسه بأنه كان كافراً كما قال تعالى: " وَشهَدُوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين) فلم ينفذ عليهم الحكم إلا بعد إقرار وشاهدين وهذا غاية العدلَ." (1/2) ________________________________________ (3) بن كثير فى تفسيره لأية الميثاق "ومما يدل على أن المراد بهذا هذا، أن جعل هذا الإشهاد حجة عليهم في الإشراك، فلو كان قد وقع هذا كما قاله من قال لكان كل أحد يذكره، ليكون حجة عليه. فإن قيل: إخبار الرسول به كاف في وجوده، فالجواب: أن المكذبين من المشركين يكذبون بجميع ما جاءتهم به الرسل من هذا وغيره. وهذا جعل حجة مستقلة عليهم، فدل على أنه الفطرة التي فُطِروا عليها من الإقرار بالتوحيد؛ ولهذا قال: { أَنْ يَقُولُوا } أي: لئلا يقولوا يوم القيامة: { إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا } أي: [عن] التوحيد" (4) قال شيخ الاسلام فى سؤال أجاب عليه فى الفتاوى "وَسُئِلَ : هَلْ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ ؟ أَوْ الْمُصِيبُ وَاحِدٌ وَالْبَاقِي مُخْطِئُونَ ؟ . الْجَوَابُ (1/3) ________________________________________ فَصْلٌ وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الرِّسَالَةِ وَمَا بَعْدَهَا فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ وَذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ : عَلَى مَنْ قَالَ : إنَّ الْأَفْعَالَ لَيْسَ فِيهَا حَسَنٌ وَقَبِيحٌ . وَمَنْ قَالَ : إنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ . أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ سَمَّاهُمْ ظَالِمِينَ وَطَاغِينَ وَمُفْسِدِينَ ؛ لِقَوْلِهِ : { اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى } وَقَوْلِهِ : { وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } { قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ } وَقَوْلِهِ : { إنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } فَأَخْبَرَ أَنَّهُ ظَالِمٌ وَطَاغٍ وَمُفْسِدٌ هُوَ وَقَوْمُهُ وَهَذِهِ أَسْمَاءُ ذَمِّ الْأَفْعَالِ ؛ وَالذَّمُّ إنَّمَا . يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ السَّيِّئَةِ الْقَبِيحَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ تَكُونُ قَبِيحَةً مَذْمُومَةً قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ إلَّا بَعْدَ إتْيَانِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ ؛ لِقَوْلِهِ : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } . وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ عَنْ هُودَ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ : { اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُهُ إنْ أَنْتُمْ إلَّا مُفْتَرُونَ } فَجَعَلَهُمْ مُفْتَرِينَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِحُكْمِ يُخَالِفُونَهُ ؛ لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَاسْمُ الْمُشْرِكِ ثَبَتَ قَبْلَ الرِّسَالَةِ ؛ فَإِنَّهُ يُشْرِكُ بِرَبِّهِ وَيَعْدِلُ بِهِ وَيَجْعَلُ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى (1/4) ________________________________________ وَيَجْعَلُ لَهُ أَنْدَادًا قَبْلَ الرَّسُولِ وَيُثْبِتُ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَهْلِ وَالْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ : جَاهِلِيَّةً وَجَاهِلًا قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ وَأَمَّا التَّعْذِيبُ فَلَا . وَالتَّوَلِّي عَنْ الطَّاعَةِ كَقَوْلِهِ : { فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى } { وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى } فَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الرَّسُولِ مِثْلَ قَوْلِهِ عَنْ فِرْعَوْنَ . { فَكَذَّبَ وَعَصَى } كَانَ هَذَا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى . { فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى } { فَكَذَّبَ وَعَصَى } وَقَالَ : { فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ }"مجموع الفتاوى (5)قال بن القيم رحمه الله فى مفتاح دار السعادة "قال تعالى ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لو لا أرسلت الينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين فأخبر تعالى أن ما قدمت أيديهم سبب لاصابة المصيبة إياهم وأنه سبحانه أرسل رسوله وأنزل كتابه لئلا يقولوا ربنا لو لا أرسلت الينا رسولا فنتبع آياتك فدلت الآية على بطلان قول الطائفتين جميعا الذين يقولون أن أعمالهم قبل البعثة ليست قبيحة لذاتها بل إنما قبحت بالنهي فقط والذين يقولون أنها قبيحة ويستحقون عليها العقوبة عقلا بدون البعثة فنظمت الآية بطلان قول الطائفتين ودلت على القول الوسط الذي اخترناه ونصرناه أنها قبيحة في نفسها ولا يستحقون العقاب إلا بعد إقامة الحجة بالرسالة فلا تلازم بين ثبوت الحسن والقبح العقليين وبين استحقاق الثواب والعقاب فالأدلة إنما اقتضت ارتباط الثواب والعقاب بالرسالة وتوقفهما عليها ولم تقتض توقف الحسن والقبح بكل اعتبار عليها وفرق بين الأمرين"وكلام بن القيم يدل على ان من أتى الشرك هو مشرك مذموم ولكن لا يستحق العقوبة الا بعد الرسالة (1/5) ________________________________________ (6) قال بن القيم فى(أحكام أهل الذمة) فى الرد على بن عبد البر "الوجه الثامن عشر: قوله: " ولا يخلو من مات في الفترة من أن يكون كافراً أو غير كافر، فإن كان كافراً فإن اللّه حرم الجنة على الكافرين، وإن كان معذوراً بأنه لم يأته رسول فَكيف يؤمر باقتحام النار؟ " . جوابه من وجوه: أحدها: أن يقال: هؤلاء لا يحكم لهم بكفر ولا إيمان، فإن الكفر هو جحود ما جاء به الرسول، فشرط تحققه بلوغ الرسالة، والإيمان هو تصديق الرسول فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، وهذا أيضاً مشروط ببلوغ الرسالة، ولا يلزم من انتفاء أحدهما وجود الآخر إلا بعد قيام سببه، فلما لم يكن هؤلاء في الدنيا كفاراً ولا مؤمنين كان لهم في الآخرة حكم آخر غير حكم الفريقين. فإن قيل: فأنتم تحكمون لهم بأحكام الكفار في الدنيا من التوارث والولاية والمناكحَة. قيل: إنما نحكم لهم بذلك في أحكام الدنيا لا في الثواب والعقاب، كما تقدم بيانه. الوجه الثاني: سلمنا أنهم كفار، لكن انتفاء العذاب عنهم لانتفاء شرطه وهو قيام الحجة عليهم، فإن اللّه تعالى لا يعذب إلا من قامت عليه حجته. الوجه الثالث: قوله: " وإن كان معذوراً كيف يؤمر أن يقتحم النار وهي أشد العذاب؟) فالذي قال هذا يوم الأمر عقوبة لهم، وهذا غلط، وإنما هو تكليف واختبار، فإن بادروا إلى الامتثال لم تضرهم النار شيئاً."انتهى وليس مراد الشيخ بأنهم(لا يحكم لهم بكفر ولا ايمان) أنهم مسلمون بل المراد أنهم مشركون ولكن لما لم يأتهم رسول لايحكم لهم بكفر ولا اسلام لأن الكفر هو جحود ما جاء به الرسول وبن القيم يفرق هنا بين الاسم والحكم الاسم أنهم مشركون أما الحكم وهو الكفر فاسم الشرك ثابت لكن اسم الكفر المستلزم للعقوبة لايثبت الا بعد الرسالة بدليل قوله"فان قيل فأنتم تحكمون لهم بأحكام الكفار فى الدنيا من التوارث والولاية والمناكحة" (7) قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب فى الدرر السنية (1/6) ________________________________________ " فجنس هؤلاء المشركين وأمثالهم ممن يعبد الأولياء والصالحين نحكم بأنهم مشركون، ونرى كفرهم إذا قامت عليهم الحجة الرسالية، وماعدا هذا من الذنوب التي دونه في الرتبة والمفسدة لا نُكَفِّر بها، ولا نحكم على أحد من أهل القبلة الذين باينوا عباد الأوثان والأصنام والقبور بمجرد ذنب ارتكبوه وعظيم جرم اجترحوه، وغلاة الجهمية والقدرية والرافضة ونحوهم ممن كفرهم السلف، لا نخرج فيهم عن أقوال أئمة الهدى والفتوى من سلف هذه الأمة، ونبرأ إلى الله مما أتت به الخوارج، وقالته في أهل الذنوب من المسلمين ."فالشيخ رحمه الله يفرق بين اسم الشرك واسم الكفر وأنه يحكم عليهم بأنهم مشركون لكن لا يحكم عليهم بأنهم كفار الا اذا قامت عليهم الحجة الرسالية ونفى اسم الكفر لا يلزم منه نفى اسم الشرك كما قال الشيخ"ولا نكفر من عبد الصنم الذى على عبد القادر"فليس معناه فلا نحكم على من عبد الصنم بأنه مشرك, ولكن الشيخ يقول هو مشرك ولكن لا يكفر الا اذا قامت عليه الحجة الرسالية ,كما فرق شيخ الاسلام بين اسم الكافر والمشرك بقوله"وَقَالَ عَنْ بلقيس أَنَّهَا قَالَتْ : { رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } فَالْإِسْلَامُ يَتَضَمَّنُ الِاسْتِسْلَامَ لِلَّهِ وَحْدَهُ ؛ فَمَنْ اسْتَسْلَمَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ كَانَ مُشْرِكًا وَمَنْ لَمْ يَسْتَسْلِمْ لَهُ كَانَ مُسْتَكْبِرًا عَنْ عِبَادَتِهِ وَالْمُشْرِكُ بِهِ وَالْمُسْتَكْبِرُ عَنْ عِبَادَتِهِ كَافِرٌ"مجموع الفتاوى (8) قال شيخ الاسلام فى مجموع الفتاوى (1/7) ________________________________________ ". فَكُلُّ مُكَذِّبٍ لِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ فَهُوَ كَافِرٌ . وَلَيْسَ كُلُّ كَافِرٍ مُكَذِّبًا بَلْ قَدْ يَكُونُ مُرْتَابًا إنْ كَانَ نَاظِرًا فِيهِ أَوْ مُعْرِضًا عَنْهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا فِيهِ وَقَدْ يَكُونُ غَافِلًا عَنْهُ لَمْ يَتَصَوَّرْهُ بِحَالِ لَكِنْ عُقُوبَةُ هَذَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى تَبْلِيغِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ ."  قال شيخ الاسلام فى الرد على الأخنائى "ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية: " من دعا غير الله، وحج إلى غير الله هو أيضاً مشرك، والذي فعله كفر، لكن قد لا يكون عالماً بأن هذا شرك محرم، كما أن كثيراً من الناس دخلوا في الإسلام من التتار وغيرهم، وعندهم أصنام لهم، صغار من لبد وغيره، وهم يتقربون إليها ويعظمونها، ولا يعلمون أن ذلك محرم في دين الإسلام، ويتقربون إلى النار أيضاً، ولا يعلمون أن ذلك محرم، فكثير من أنواع الشرك قد يخفى على بعض من دخل في الإسلام ولا يعلم أنه شرك، فهذا ضال، وعمله الذي أشرك فيه باطل، لكن لا يستحق العقوبة حتى تقوم عليه الحجة" (10) قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله (1/8) ________________________________________ "فَإِنَّ حَالَ الْكَافِرِ : لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ يَتَصَوَّرَ الرِّسَالَةَ أَوْ لَا ؛ فَإِنْ لَمْ يَتَصَوَّرْهَا فَهُوَ فِي غَفْلَةٍ عَنْهَا وَعَدَمِ إيمَانٍ بِهَا . كَمَا قَالَ : { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا } وَقَالَ : { فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ } لَكِنَّ الْغَفْلَةَ الْمَحْضَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الرِّسَالَةُ وَالْكُفْرُ الْمُعَذَّبُ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الرِّسَالَةِ"الفتاوى وشيخ الاسلام يعلق حكم الكفر على بلوغ الرسالة ولكنه لم يعلق حكم الشرك على بلوغ الرسالة أبدا (11) قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله (1/9) ________________________________________ " فَصْلٌ : وَكَثِيرًا مَا يَتَصَوَّرُ الشَّيْطَانُ بِصُورَةِ الْمَدْعُوِّ الْمُنَادَى الْمُسْتَغَاثِ بِهِ إذَا كَانَ مَيِّتًا . وَكَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ حَيًّا وَلَا يَشْعُرُ بِاَلَّذِي نَادَاهُ ؛ بَلْ يَتَصَوَّرُ الشَّيْطَانُ بِصُورَتِهِ فَيَظُنُّ الْمُشْرِكُ الضَّالُّ الْمُسْتَغِيثُ بِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنَّ الشَّخْصَ نَفْسَهُ أَجَابَهُ وَإِنَّمَا هُوَ الشَّيْطَانُ وَهَذَا يَقَعُ لِلْكُفَّارِ الْمُسْتَغِيثِينَ بِمَنْ يُحْسِنُونَ بِهِ الظَّنَّ مِنْ الْأَمْوَاتِ وَالْأَحْيَاءِ كَالنَّصَارَى الْمُسْتَغِيثِينَ بجرجس وَغَيْرِهِ مِنْ قَدَادِيسِهِمْ وَيَقَعُ لِأَهْلِ الشِّرْكِ وَالضَّلَالِ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْإِسْلَامِ الَّذِينَ يَسْتَغِيثُونَ بِالْمَوْتَى وَالْغَائِبِينَ يَتَصَوَّرُ لَهُمْ الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ ذَلِكَ الْمُسْتَغَاثِ بِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ . وَأَعْرِفُ عَدَدًا كَثِيرًا وَقَعَ لَهُمْ فِي عِدَّةِ أَشْخَاصٍ يَقُولُ لِي كُلٌّ مِنْ الْأَشْخَاصِ : أَنِّي لَمْ أَعْرِفْ أَنَّ هَذَا اسْتَغَاثَ بِي وَالْمُسْتَغِيثُ قَدْ رَأَى ذَلِكَ الَّذِي هُوَ عَلَى صُورَةِ هَذَا وَمَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ إلَّا هَذَا . وَذَكَرَ لِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُمْ اسْتَغَاثُوا بِي كُلٌّ يَذْكُرُ قِصَّةً غَيْرَ قِصَّةِ صَاحِبِهِ فَأَخْبَرْت كُلًّا مِنْهُمْ أَنِّي لَمْ أُجِبْ أَحَدًا مِنْهُمْ وَلَا عَلِمْت بِاسْتِغَاثَتِهِ فَقِيلَ : هَذَا يَكُونُ مَلَكًا فَقُلْت : الْمَلَكُ لَا يُغِيثُ الْمُشْرِكَ إنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ أَرَادَ أَنْ يُضِلَّهُ" مجموع الفتاوى (12)قال شيخ الاسلام فى مجموع الفتاوى (1/10) ________________________________________ " وَقَدْ كَانَتْ " الشَّيَاطِينُ " تَتَمَثَّلُ فِي صُورَةِ مَنْ يُعْبَدُ كَمَا كَانَتْ تُكَلِّمُهُمْ مِنْ الْأَصْنَامِ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا وَكَذَلِكَ فِي وَقْتِنَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْإِسْلَامِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ مِمَّنْ أَشْرَكَ بِبَعْضِ مَنْ يُعَظِّمُهُ مِنْ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ مِنْ الْمَشَايِخِ وَغَيْرِهِمْ فَيَدْعُوهُ وَيَسْتَغِيثُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ فَيَرَاهُ قَدْ أَتَاهُ وَكَلَّمَهُ وَقَضَى حَاجَتَهُ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ تَمَثَّلَ عَلَى صُورَتِهِ لِيُغْوِيَ هَذَا الْمُشْرِكَ" (13)قال شيخ الاسلام فى مجموع الفتاوى (1/11) ________________________________________ " ثُمَّ لَوْ بَلَغَ الرَّجُلُ فِي " الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَالْعِلْمِ " مَا بَلَغَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنِ وَلَا وَلِيٍّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَعُبَّادِهِمْ : وَكَذَلِكَ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالتُّرْكِ وَالْهِنْدِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ كَانَ مِنْ حُكَمَاءِ الْهِنْدِ وَالتُّرْكِ وَلَهُ عِلْمٌ أَوْ زُهْدٌ وَعِبَادَةٌ فِي دِينِهِ وَلَيْسَ مُؤْمِنًا بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَإِنْ ظَنَّ طَائِفَةٌ أَنَّهُ وَلِيٌّ لِلَّهِ كَمَا كَانَ حُكَمَاءُ الْفَرَسِ مِنْ الْمَجُوسِ كُفَّارًا مَجُوسًا . وَكَذَلِكَ حُكَمَاءُ " الْيُونَانِ " مِثْلُ أَرِسْطُو وَأَمْثَالِهِ كَانُوا مُشْرِكِينَ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ وَالْكَوَاكِبَ وَكَانَ أَرِسْطُو قَبْلَ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ وَكَانَ وَزِيرًا لِلْإِسْكَنْدَرِ بْنِ فَيَلْبَس الْمَقْدُونِيِّ وَهُوَ الَّذِي تُؤَرِّخُ بِهِ تَوَارِيخُ الرُّومِ وَالْيُونَانِ وَتُؤَرِّخُ بِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ؛ وَلَيْسَ هَذَا هُوَ ذُو الْقَرْنَيْنِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ كَمَا يَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ أَرِسْطُو كَانَ وَزِيرًا لِذِي الْقَرْنَيْنِ لَمَّا رَأَوْا أَنَّ ذَاكَ اسْمُهُ الْإِسْكَنْدَرُ وَهَذَا قَدْ يُسَمَّى بِالْإِسْكَنْدَرِ ظَنُّوا أَنَّ هَذَا ذَاكَ كَمَا يَظُنُّهُ ابْنُ سِينَا وَطَائِفَةٌ مَعَهُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ؛ بَلْ هَذَا الْإِسْكَنْدَرُ الْمُشْرِكُ الَّذِي قَدْ كَانَ أَرِسْطُو وَزِيرَهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ ذَاكَ وَلَمْ يَبْنِ هَذَا السَّدَّ (1/12) ________________________________________ وَلَا وَصَلَ إلَى بِلَادِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهَذَا الْإِسْكَنْدَرُ الَّذِي كَانَ أَرِسْطُو مِنْ وُزَرَائِهِ يُؤَرَّخُ لَهُ تَارِيخُ الرُّومِ الْمَعْرُوفِ ."فانظر الى كلام شيخ الاسلام كيف حكم على ارسطو والاسكندر بأنهم مشركين على التعيين مع أنه رحمه الله يقول " وَكَانَ أَرِسْطُو قَبْلَ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ" أى أن دعوة المسيح لم تبلغه. (14) قال شيخ الاسلام فى مجموع الفتاوى " { إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَتُبْ فَالشِّرْكُ لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ وَمَا دُونَ الشِّرْكِ أَمْرُهُ إلَى اللَّهِ إنْ شَاءَ عَاقَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ . وَمِنْ الشِّرْكِ أَنْ يَدْعُوَ الْعَبْدُ غَيْرَ اللَّهِ كَمَنْ يَسْتَغِيثُ فِي الْمَخَاوِفِ وَالْأَمْرَاضِ والفاقات بِالْأَمْوَاتِ وَالْغَائِبِينَ . فَيَقُولُ : يَا سَيِّدِي الشَّيْخُ فُلَانٌ لِشَيْخِ مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ فَيَسْتَغِيثُ بِهِ وَيَسْتَوْصِيه وَيَطْلُبُ مِنْهُ مَا يَطْلُبُ مِنْ اللَّهِ مِنْ النَّصْرِ وَالْعَافِيَةِ ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنْ الشِّرْكِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ . وَهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ قَدْ يَتَمَثَّلُ لِأَحَدِهِمْ صُورَةُ الشَّيْخِ الَّذِي اسْتَغَاثَ بِهِ . فَيَظُنُّ أَنَّهُ الشَّيْخُ أَوْ مَلَكٌ جَاءَ عَلَى صُورَتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ تَمَثَّلَ لَهُ لِيُضِلَّهُ وَيُغْوِيَهُ لَمَّا دَعَا غَيْرَ اللَّهِ" (15) قال شيخ الاسلام فى مجموع الفتاوى (1/13) ________________________________________ " وَلِهَذَا كَانَ كُلُّ مَنْ لَمْ يَعْبُدْ اللَّهَ وَحْدَهُ ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَابِدًا لِغَيْرِهِ . يَعْبُدُ غَيْرَهُ فَيَكُونُ مُشْرِكًا . وَلَيْسَ فِي بَنِي آدَمَ قِسْمٌ ثَالِثٌ . بَلْ إمَّا مُوَحِّدٌ ، أَوْ مُشْرِكٌ ، أَوْ مَنْ خَلَطَ هَذَا بِهَذَا كَالْمُبَدِّلِينَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ : النَّصَارَى وَمَنْ أَشَبَهَهُمْ مِنْ الضُّلَّالِ ، الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْإِسْلَامِ" (16) قال شيخ الاسلام فى مجموع الفتاوى " وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِمَلِكِ وَلَا نَبِيٍّ وَلَا شَيْخٍ - سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا - اغْفِرْ ذَنْبِي وَلَا اُنْصُرْنِي عَلَى عَدُوِّي وَلَا اشْفِ مَرِيضِي وَلَا عَافِنِي أَوْ عَافِ أَهْلِي أَوْ دَابَّتِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَمَنْ سَأَلَ ذَلِكَ مَخْلُوقًا كَائِنًا مَنْ كَانَ فَهُوَ مُشْرِكٌ بِرَبِّهِ مَنْ جِنْسِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالتَّمَاثِيلَ الَّتِي يُصَوِّرُونَهَا عَلَى صُوَرِهِمْ وَمِنْ جِنْسِ دُعَاءِ النَّصَارَى لِلْمَسِيحِ وَأُمِّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ } الْآيَةُ وَقَالَ تَعَالَى : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } (17)قال شيخ الاسلام فى العقيدة الواسطية: (1/14) ________________________________________" فإن المسلمين متفقون على ما علموه بالإضطرار من دين الإسلام أن العبد لا يجوز له أن يعبد, ولا يدعو ولا يستغيث, ولا يتوكل إلا على الله؛ وأن من عبد ملكاً مقرباً أو نبياً مرسلاً أو دعاه أو استغاث به فهو مشرك. فلا يجوز عند أحد من المسلمين أن يقول القائل يا جبرائيل أو يا ميكائيل أو يا إبراهيم أو يا موسى أو يا رسول الله, اغفر لي أو ارحمني أو ارزقني أو انصرني أو أغثني أو أجرني من عدوي, أو نحو ذلك؛ بل هذا كله من خصائص الإلهية." (18) قال شيخ الاسلام فى الرد على البكرى: " وأعرف من يستغيث برجال أحياء فيتصورون له و يدفعون عنه ما كان يحذر و يحصل له ما كان يطلب والأحياء الذين استغاث بهم لا يشعرون بشيء من ذلك وإنما هي شياطين تمثلت على صورهم لتضل ذلك الداعي المشرك كما كانت الإنس تستعيذ بالجن" فحكم عليه بالشرك على التعيين ولم يعلقه على اقامة الحجة‎


الحمد لله وكفى وسلامُُُُ على عباده الذين اصطفى أما بعد. **

هذه مقولات العلماء فى نفى العذر بالجهل

(1) قال شيخ الاسلام فى كتابه درء تعارض العقل والنقل
"أو تقولوا إنما اشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم افتهلكنا بما فعل المبطلون سورة الاعراف 173 ذكر لهم حجتين يدفعهما هذا الاشهاد إحداهما أن تقولوا انا كنا عن هذا غافلين فبين أن هذا علم فطري ضروري لا بد لكل بشر من معرفته وذلك يتضمن حجة الله في ابطال التعطيل وان القول بإثبات الصانع علم فطري ضروري وهو حجة على نفي التعطيل والثاني أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم فهذا حجة لدفع الشرك كما أن الأول حجة لدفع التعطيل فالتعطيل مثل كفر فرعون ونحوه والشرك مثل شرك المشركين من جميع الأمم وقوله أو تقولوا إنما اشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم افتهلكنا بما فعل المبطلون وهم آباؤنا المشركون وتعاقبنا بذنوب غيرنا وذلك لأنه لو قدر أنهم لم يكونوا عارفين بأن الله ربهم ووجدوا آباءهم مشركين وهم ذرية من بعدهم ومقتضى الطبيعة العادية أن يحتذى الرجل حذو ابيه حتى في الصناعات والمساكن والملابس والمطاعم إذ كان هو الذي رباه ولهذا كان ابواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ويشركانه فإذا كان هذا مقتضى العادة الطبيعية ولم يكن في فطرتهم وعقولهم ما يناقض ذلك قالوا نحن معذورون وآباؤنا هم الذين اشركوا ونحن كنا ذرية لهم بعدهم اتبعناهم بموجب الطبيعة المعتادة ولم يكن عندنا ما يبين خطأهم فإذا كان في فطرتهم ما شهدوا به من أن الله وحده هو ربهم كان معهم ما يبين بطلان هذا الشرك وهو التوحيد الذي شهدوا به على أنفسهم فإذا احتجوا بالعادة الطبيعة من اتباع الاباء كانت الحجة عليهم الفطرة الطبيعية العقلية السابقة لهذه العادة الابوية كما قال صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه فكانت الفطرة الموجبة للاسلام سابقة للتربية التي يحتجون بها وهذا يقتضي أن نفس العقل الذي به يعرفون التوحيد حجة
(1/1)
________________________________________
في بطلان الشرك لا يحتاج ذلك إلى رسول فانه جعل ما تقدم حجة عليهم بدون هذا
(أى بدون الرسول)وهذا لا يناقض قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا سورة الاسراء 15 فإن الرسول يدعو إلى التوحيد لكن أن لم يكن في الفطرة دليل عقلي يعلم به إثبات الصانع لم يكن في مجرد الرسالة حجة عليهم فهذه الشهادة على أنفسهم التي تتضمن اقرارهم بأن الله ربهم ومعرفتهم بذلك وان هذه المعرفة والشهادة أمر لازم لكل بني آدم به تقوم حجة الله تعالى في تصديق رسله فلا يمكن أحدا أن يقول يوم القيامة اني كنت عن هذا غافلا ولا أن الذنب كان لابي المشرك دونى لانه عارف بان الله ربه لا شريك له فلم يكن معذورا في التعطيل ولا الاشراك بل قام به ما يستحق به العذاب ثم أن الله بكمال رحمته واحسانه لا يعذب أحدا بعد ارسال رسول اليهم وان كانوا فاعلين لما يستحقون به الذم والعقاب كما كان مشركو العرب وغيرهم ممن بعث اليهم رسول فاعلين للسيئات والقبائح التي هي سبب الذم والعقاب والرب تعالى مع هذا لم يكن معذبا لهم حتى يبعث اليهم رسولا"درء تعارض العقل والنقل ج8
هذا الكلام من شيخ الاسلام يرد على من قال ان المشرك لو وقع فى الشرك فهو معذور لجهله وأنه لايخرج من الاسلام حتى تقام عليه الحجة
(2) قال بن القيم فى أحكام أهل الذمة
"ثم إن اللّه سبحانه - لكمال رحمته وإحسانه - لا يعذب أحداً إلا بعد إرسال الرسل إليه، وإن كان غافلاً لما يستحق به الذم والعقاب: فلله على عبده حجتان قد أعدهما عليه لا يعذبه إلا بعد قيامهما: إحداهما ما فطره عليه وخلقه عليه من الإقرار بأنه ربه ومليكه وفاطره، وحقُّه عليه لازم؛ والثانية إرسال رسله إليه بتفصيل ذلك وتقريره وتكميله فيقوم عليه شاهد الفطرة والشرعة، ويقر على نفسه بأنه كان كافراً كما قال تعالى: "وَشهَدُوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين) فلم ينفذ عليهم الحكم إلا بعد إقرار وشاهدين وهذا غاية العدلَ."
(1/2)
________________________________________
(3) بن كثير فى تفسيره لأية الميثاق
"ومما يدل على أن المراد بهذا هذا، أن جعل هذا الإشهاد حجة عليهم في الإشراك، فلو كان قد وقع هذا كما قاله من قال لكان كل أحد يذكره، ليكون حجة عليه. فإن قيل: إخبار الرسول به كاف في وجوده، فالجواب: أن المكذبين من المشركين يكذبون بجميع ما جاءتهم به الرسل من هذا وغيره. وهذا جعل حجة مستقلة عليهم، فدل على أنه الفطرة التي فُطِروا عليها من الإقرار بالتوحيد؛ ولهذا قال: { أَنْ يَقُولُوا } أي: لئلا يقولوا يوم القيامة: { إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا } أي: [عن] التوحيد"
(4) قال شيخ الاسلام فى سؤال أجاب عليه فى الفتاوى
"وَسُئِلَ : هَلْ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ ؟ أَوْ الْمُصِيبُ وَاحِدٌ وَالْبَاقِي مُخْطِئُونَ ؟ .
الْجَوَابُ
(1/3)
________________________________________
فَصْلٌ وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الرِّسَالَةِ وَمَا بَعْدَهَا فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ وَذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ : عَلَى مَنْ قَالَ : إنَّ الْأَفْعَالَ لَيْسَ فِيهَا حَسَنٌ وَقَبِيحٌ . وَمَنْ قَالَ : إنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ . أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ سَمَّاهُمْ ظَالِمِينَ وَطَاغِينَ وَمُفْسِدِينَ ؛ لِقَوْلِهِ : { اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى } وَقَوْلِهِ : { وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } { قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ } وَقَوْلِهِ : { إنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } فَأَخْبَرَ أَنَّهُ ظَالِمٌ وَطَاغٍ وَمُفْسِدٌ هُوَ وَقَوْمُهُ وَهَذِهِ أَسْمَاءُ ذَمِّ الْأَفْعَالِ ؛ وَالذَّمُّ إنَّمَا . يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ السَّيِّئَةِ الْقَبِيحَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ تَكُونُ قَبِيحَةً مَذْمُومَةً قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ إلَّا بَعْدَ إتْيَانِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ ؛ لِقَوْلِهِ : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } . وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ عَنْ هُودَ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ : { اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُهُ إنْ أَنْتُمْ إلَّا مُفْتَرُونَ } فَجَعَلَهُمْ مُفْتَرِينَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِحُكْمِ يُخَالِفُونَهُ ؛ لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَاسْمُ الْمُشْرِكِ ثَبَتَ قَبْلَ الرِّسَالَةِ ؛ فَإِنَّهُ يُشْرِكُ بِرَبِّهِ وَيَعْدِلُ بِهِ وَيَجْعَلُ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى
(1/4)
________________________________________
وَيَجْعَلُ لَهُ أَنْدَادًا قَبْلَ الرَّسُولِ وَيُثْبِتُ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَهْلِ وَالْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ : جَاهِلِيَّةً وَجَاهِلًا قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ وَأَمَّا التَّعْذِيبُ فَلَا . وَالتَّوَلِّي عَنْ الطَّاعَةِ كَقَوْلِهِ : { فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى } { وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى } فَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الرَّسُولِ مِثْلَ قَوْلِهِ عَنْ فِرْعَوْنَ . { فَكَذَّبَ وَعَصَى } كَانَ هَذَا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى . { فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى } { فَكَذَّبَ وَعَصَى } وَقَالَ : { فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ }"مجموع الفتاوى
(5)قال بن القيم رحمه الله فى مفتاح دار السعادة
"قال تعالى ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لو لا أرسلت الينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين فأخبر تعالى أن ما قدمت أيديهم سبب لاصابة المصيبة إياهم وأنه سبحانه أرسل رسوله وأنزل كتابه لئلا يقولوا ربنا لو لا أرسلت الينا رسولا فنتبع آياتك فدلت الآية على بطلان قول الطائفتين جميعا الذين يقولون أن أعمالهم قبل البعثة ليست قبيحة لذاتها بل إنما قبحت بالنهي فقط والذين يقولون أنها قبيحة ويستحقون عليها العقوبة عقلا بدون البعثة فنظمت الآية بطلان قول الطائفتين ودلت على القول الوسط الذي اخترناه ونصرناه أنها قبيحة في نفسها ولا يستحقون العقاب إلا بعد إقامة الحجة بالرسالة فلا تلازم بين ثبوت الحسن والقبح العقليين وبين استحقاق الثواب والعقاب فالأدلة إنما اقتضت ارتباط الثواب والعقاب بالرسالة وتوقفهما عليها ولم تقتض توقف الحسن والقبح بكل اعتبار عليها وفرق بين الأمرين"وكلام بن القيم يدل على ان من أتى الشرك هو مشرك مذموم ولكن لا يستحق العقوبة الا بعد الرسالة
(1/5)
________________________________________
(6) قال بن القيم فى(أحكام أهل الذمة) فى الرد على بن عبد البر
"الوجه الثامن عشر: قوله: "ولا يخلو من مات في الفترة من أن يكون كافراً أو غير كافر، فإن كان كافراً فإن اللّه حرم الجنة على الكافرين، وإن كان معذوراً بأنه لم يأته رسول فَكيف يؤمر باقتحام النار؟ " .
جوابه من وجوه: أحدها: أن يقال: هؤلاء لا يحكم لهم بكفر ولا إيمان، فإن الكفر هو جحود ما جاء به الرسول، فشرط تحققه بلوغ الرسالة، والإيمان هو تصديق الرسول فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، وهذا أيضاً مشروط ببلوغ الرسالة، ولا يلزم من انتفاء أحدهما وجود الآخر إلا بعد قيام سببه، فلما لم يكن هؤلاء في الدنيا كفاراً ولا مؤمنين كان لهم في الآخرة حكم آخر غير حكم الفريقين.
فإن قيل: فأنتم تحكمون لهم بأحكام الكفار في الدنيا من التوارث والولاية والمناكحَة.
قيل: إنما نحكم لهم بذلك في أحكام الدنيا لا في الثواب والعقاب، كما تقدم بيانه.
الوجه الثاني: سلمنا أنهم كفار، لكن انتفاء العذاب عنهم لانتفاء شرطه وهو قيام الحجة عليهم، فإن اللّه تعالى لا يعذب إلا من قامت عليه حجته.
الوجه الثالث: قوله: "وإن كان معذوراً كيف يؤمر أن يقتحم النار وهي أشد العذاب؟) فالذي قال هذا يوم الأمر عقوبة لهم، وهذا غلط، وإنما هو تكليف واختبار، فإن بادروا إلى الامتثال لم تضرهم النار شيئاً."انتهى
وليس مراد الشيخ بأنهم(لا يحكم لهم بكفر ولا ايمان) أنهم مسلمون بل المراد أنهم مشركون ولكن لما لم يأتهم رسول لايحكم لهم بكفر ولا اسلام لأن الكفر هو جحود ما جاء به الرسول
وبن القيم يفرق هنا بين الاسم والحكم
الاسم أنهم مشركون أما الحكم وهو الكفر
فاسم الشرك ثابت لكن اسم الكفر المستلزم للعقوبة لايثبت الا بعد الرسالة بدليل قوله"فان قيل فأنتم تحكمون لهم بأحكام الكفار فى الدنيا من التوارث والولاية والمناكحة"
(7) قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب فى الدرر السنية
(1/6)
________________________________________
"فجنس هؤلاء المشركين وأمثالهم ممن يعبد الأولياء والصالحين نحكم بأنهم مشركون، ونرى كفرهم إذا قامت عليهم الحجة الرسالية، وماعدا هذا من الذنوب التي دونه في الرتبة والمفسدة لا نُكَفِّر بها، ولا نحكم على أحد من أهل القبلة الذين باينوا عباد الأوثان والأصنام والقبور بمجرد ذنب ارتكبوه وعظيم جرم اجترحوه، وغلاة الجهمية والقدرية والرافضة ونحوهم ممن كفرهم السلف، لا نخرج فيهم عن أقوال أئمة الهدى والفتوى من سلف هذه الأمة، ونبرأ إلى الله مما أتت به الخوارج، وقالته في أهل الذنوب من المسلمين ."فالشيخ رحمه الله يفرق بين اسم الشرك واسم الكفر وأنه يحكم عليهم بأنهم مشركون لكن لا يحكم عليهم بأنهم كفار الا اذا قامت عليهم الحجة الرسالية ونفى اسم الكفر لا يلزم منه نفى اسم الشرك كما قال الشيخ"ولا نكفر من عبد الصنم الذى على عبد القادر"فليس معناه فلا نحكم على من عبد الصنم بأنه مشرك, ولكن الشيخ يقول هو مشرك ولكن لا يكفر الا اذا قامت عليه الحجة الرسالية ,كما فرق شيخ الاسلام بين اسم الكافر والمشرك بقوله"وَقَالَ عَنْ بلقيس أَنَّهَا قَالَتْ : { رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
فَالْإِسْلَامُ يَتَضَمَّنُ الِاسْتِسْلَامَ لِلَّهِ وَحْدَهُ ؛ فَمَنْ اسْتَسْلَمَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ كَانَ مُشْرِكًا وَمَنْ لَمْ يَسْتَسْلِمْ لَهُ كَانَ مُسْتَكْبِرًا عَنْ عِبَادَتِهِ وَالْمُشْرِكُ بِهِ وَالْمُسْتَكْبِرُ عَنْ عِبَادَتِهِ كَافِرٌ"مجموع الفتاوى
(8) قال شيخ الاسلام فى مجموع الفتاوى
(1/7)
________________________________________
". فَكُلُّ مُكَذِّبٍ لِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ فَهُوَ كَافِرٌ . وَلَيْسَ كُلُّ كَافِرٍ مُكَذِّبًا بَلْ قَدْ يَكُونُ مُرْتَابًا إنْ كَانَ نَاظِرًا فِيهِ أَوْ مُعْرِضًا عَنْهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا فِيهِ وَقَدْ يَكُونُ غَافِلًا عَنْهُ لَمْ يَتَصَوَّرْهُ بِحَالِ لَكِنْ عُقُوبَةُ هَذَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى تَبْلِيغِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ ."

قال شيخ الاسلام فى الرد على الأخنائى
"ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية: "من دعا غير الله، وحج إلى غير الله هو أيضاً مشرك، والذي فعله كفر، لكن قد لا يكون عالماً بأن هذا شرك محرم، كما أن كثيراً من الناس دخلوا في الإسلام من التتار وغيرهم، وعندهم أصنام لهم، صغار من لبد وغيره، وهم يتقربون إليها ويعظمونها، ولا يعلمون أن ذلك محرم في دين الإسلام، ويتقربون إلى النار أيضاً، ولا يعلمون أن ذلك محرم، فكثير من أنواع الشرك قد يخفى على بعض من دخل في الإسلام ولا يعلم أنه شرك، فهذا ضال، وعمله الذي أشرك فيه باطل، لكن لا يستحق العقوبة حتى تقوم عليه الحجة"
(10) قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله
(1/8)
________________________________________
"فَإِنَّ حَالَ الْكَافِرِ : لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ يَتَصَوَّرَ الرِّسَالَةَ أَوْ لَا ؛ فَإِنْ لَمْ يَتَصَوَّرْهَا فَهُوَ فِي غَفْلَةٍ عَنْهَا وَعَدَمِ إيمَانٍ بِهَا . كَمَا قَالَ : { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا } وَقَالَ : { فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ } لَكِنَّ الْغَفْلَةَ الْمَحْضَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الرِّسَالَةُ وَالْكُفْرُ الْمُعَذَّبُ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الرِّسَالَةِ"الفتاوى وشيخ الاسلام يعلق حكم الكفر على بلوغ الرسالة ولكنه لم يعلق حكم الشرك على بلوغ الرسالة أبدا
(11) قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله
(1/9)
________________________________________
"فَصْلٌ : وَكَثِيرًا مَا يَتَصَوَّرُ الشَّيْطَانُ بِصُورَةِ الْمَدْعُوِّ الْمُنَادَى الْمُسْتَغَاثِ بِهِ إذَا كَانَ مَيِّتًا . وَكَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ حَيًّا وَلَا يَشْعُرُ بِاَلَّذِي نَادَاهُ ؛ بَلْ يَتَصَوَّرُ الشَّيْطَانُ بِصُورَتِهِ فَيَظُنُّ الْمُشْرِكُ الضَّالُّ الْمُسْتَغِيثُ بِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنَّ الشَّخْصَ نَفْسَهُ أَجَابَهُ وَإِنَّمَا هُوَ الشَّيْطَانُ وَهَذَا يَقَعُ لِلْكُفَّارِ الْمُسْتَغِيثِينَ بِمَنْ يُحْسِنُونَ بِهِ الظَّنَّ مِنْ الْأَمْوَاتِ وَالْأَحْيَاءِ كَالنَّصَارَى الْمُسْتَغِيثِينَ بجرجس وَغَيْرِهِ مِنْ قَدَادِيسِهِمْ وَيَقَعُ لِأَهْلِ الشِّرْكِ وَالضَّلَالِ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْإِسْلَامِ الَّذِينَ يَسْتَغِيثُونَ بِالْمَوْتَى وَالْغَائِبِينَ يَتَصَوَّرُ لَهُمْ الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ ذَلِكَ الْمُسْتَغَاثِ بِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ . وَأَعْرِفُ عَدَدًا كَثِيرًا وَقَعَ لَهُمْ فِي عِدَّةِ أَشْخَاصٍ يَقُولُ لِي كُلٌّ مِنْ الْأَشْخَاصِ : أَنِّي لَمْ أَعْرِفْ أَنَّ هَذَا اسْتَغَاثَ بِي وَالْمُسْتَغِيثُ قَدْ رَأَى ذَلِكَ الَّذِي هُوَ عَلَى صُورَةِ هَذَا وَمَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ إلَّا هَذَا . وَذَكَرَ لِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُمْ اسْتَغَاثُوا بِي كُلٌّ يَذْكُرُ قِصَّةً غَيْرَ قِصَّةِ صَاحِبِهِ فَأَخْبَرْت كُلًّا مِنْهُمْ أَنِّي لَمْ أُجِبْ أَحَدًا مِنْهُمْ وَلَا عَلِمْت بِاسْتِغَاثَتِهِ فَقِيلَ : هَذَا يَكُونُ مَلَكًا فَقُلْت : الْمَلَكُ لَا يُغِيثُ الْمُشْرِكَ إنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ أَرَادَ أَنْ يُضِلَّهُ"مجموع الفتاوى
(12)قال شيخ الاسلام فى مجموع الفتاوى
(1/10)
________________________________________
"وَقَدْ كَانَتْ "الشَّيَاطِينُ "تَتَمَثَّلُ فِي صُورَةِ مَنْ يُعْبَدُ كَمَا كَانَتْ تُكَلِّمُهُمْ مِنْ الْأَصْنَامِ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا وَكَذَلِكَ فِي وَقْتِنَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْإِسْلَامِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ مِمَّنْ أَشْرَكَ بِبَعْضِ مَنْ يُعَظِّمُهُ مِنْ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ مِنْ الْمَشَايِخِ وَغَيْرِهِمْ فَيَدْعُوهُ وَيَسْتَغِيثُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ فَيَرَاهُ قَدْ أَتَاهُ وَكَلَّمَهُ وَقَضَى حَاجَتَهُ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ تَمَثَّلَ عَلَى صُورَتِهِ لِيُغْوِيَ هَذَا الْمُشْرِكَ"
(13)قال شيخ الاسلام فى مجموع الفتاوى
(1/11)
________________________________________
"ثُمَّ لَوْ بَلَغَ الرَّجُلُ فِي "الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَالْعِلْمِ "مَا بَلَغَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنِ وَلَا وَلِيٍّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَعُبَّادِهِمْ : وَكَذَلِكَ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالتُّرْكِ وَالْهِنْدِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ كَانَ مِنْ حُكَمَاءِ الْهِنْدِ وَالتُّرْكِ وَلَهُ عِلْمٌ أَوْ زُهْدٌ وَعِبَادَةٌ فِي دِينِهِ وَلَيْسَ مُؤْمِنًا بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَإِنْ ظَنَّ طَائِفَةٌ أَنَّهُ وَلِيٌّ لِلَّهِ كَمَا كَانَ حُكَمَاءُ الْفَرَسِ مِنْ الْمَجُوسِ كُفَّارًا مَجُوسًا . وَكَذَلِكَ حُكَمَاءُ "الْيُونَانِ "مِثْلُ أَرِسْطُو وَأَمْثَالِهِ كَانُوا مُشْرِكِينَ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ وَالْكَوَاكِبَ وَكَانَ أَرِسْطُو قَبْلَ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ وَكَانَ وَزِيرًا لِلْإِسْكَنْدَرِ بْنِ فَيَلْبَس الْمَقْدُونِيِّ وَهُوَ الَّذِي تُؤَرِّخُ بِهِ تَوَارِيخُ الرُّومِ وَالْيُونَانِ وَتُؤَرِّخُ بِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ؛ وَلَيْسَ هَذَا هُوَ ذُو الْقَرْنَيْنِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ كَمَا يَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ أَرِسْطُو كَانَ وَزِيرًا لِذِي الْقَرْنَيْنِ لَمَّا رَأَوْا أَنَّ ذَاكَ اسْمُهُ الْإِسْكَنْدَرُ وَهَذَا قَدْ يُسَمَّى بِالْإِسْكَنْدَرِ ظَنُّوا أَنَّ هَذَا ذَاكَ كَمَا يَظُنُّهُ ابْنُ سِينَا وَطَائِفَةٌ مَعَهُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ؛ بَلْ هَذَا الْإِسْكَنْدَرُ الْمُشْرِكُ الَّذِي قَدْ كَانَ أَرِسْطُو وَزِيرَهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ ذَاكَ وَلَمْ يَبْنِ هَذَا السَّدَّ
(1/12)
________________________________________
وَلَا وَصَلَ إلَى بِلَادِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهَذَا الْإِسْكَنْدَرُ الَّذِي كَانَ أَرِسْطُو مِنْ وُزَرَائِهِ يُؤَرَّخُ لَهُ تَارِيخُ الرُّومِ الْمَعْرُوفِ ."فانظر الى كلام شيخ الاسلام كيف حكم على ارسطو والاسكندر بأنهم مشركين على التعيين مع أنه رحمه الله يقول
"وَكَانَ أَرِسْطُو قَبْلَ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ"أى أن دعوة المسيح لم تبلغه.
(14) قال شيخ الاسلام فى مجموع الفتاوى
" { إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَتُبْ فَالشِّرْكُ لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ وَمَا دُونَ الشِّرْكِ أَمْرُهُ إلَى اللَّهِ إنْ شَاءَ عَاقَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ . وَمِنْ الشِّرْكِ أَنْ يَدْعُوَ الْعَبْدُ غَيْرَ اللَّهِ كَمَنْ يَسْتَغِيثُ فِي الْمَخَاوِفِ وَالْأَمْرَاضِ والفاقات بِالْأَمْوَاتِ وَالْغَائِبِينَ . فَيَقُولُ : يَا سَيِّدِي الشَّيْخُ فُلَانٌ لِشَيْخِ مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ فَيَسْتَغِيثُ بِهِ وَيَسْتَوْصِيه وَيَطْلُبُ مِنْهُ مَا يَطْلُبُ مِنْ اللَّهِ مِنْ النَّصْرِ وَالْعَافِيَةِ ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنْ الشِّرْكِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ . وَهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ قَدْ يَتَمَثَّلُ لِأَحَدِهِمْ صُورَةُ الشَّيْخِ الَّذِي اسْتَغَاثَ بِهِ . فَيَظُنُّ أَنَّهُ الشَّيْخُ أَوْ مَلَكٌ جَاءَ عَلَى صُورَتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ تَمَثَّلَ لَهُ لِيُضِلَّهُ وَيُغْوِيَهُ لَمَّا دَعَا غَيْرَ اللَّهِ"
(15) قال شيخ الاسلام فى مجموع الفتاوى
(1/13)
________________________________________
"وَلِهَذَا كَانَ كُلُّ مَنْ لَمْ يَعْبُدْ اللَّهَ وَحْدَهُ ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَابِدًا لِغَيْرِهِ . يَعْبُدُ غَيْرَهُ فَيَكُونُ مُشْرِكًا . وَلَيْسَ فِي بَنِي آدَمَ قِسْمٌ ثَالِثٌ . بَلْ إمَّا مُوَحِّدٌ ، أَوْ مُشْرِكٌ ، أَوْ مَنْ خَلَطَ هَذَا بِهَذَا كَالْمُبَدِّلِينَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ : النَّصَارَى وَمَنْ أَشَبَهَهُمْ مِنْ الضُّلَّالِ ، الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْإِسْلَامِ"
(16) قال شيخ الاسلام فى مجموع الفتاوى
"وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِمَلِكِ وَلَا نَبِيٍّ وَلَا شَيْخٍ - سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا - اغْفِرْ ذَنْبِي وَلَا اُنْصُرْنِي عَلَى عَدُوِّي وَلَا اشْفِ مَرِيضِي وَلَا عَافِنِي أَوْ عَافِ أَهْلِي أَوْ دَابَّتِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَمَنْ سَأَلَ ذَلِكَ مَخْلُوقًا كَائِنًا مَنْ كَانَ فَهُوَ مُشْرِكٌ بِرَبِّهِ مَنْ جِنْسِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالتَّمَاثِيلَ الَّتِي يُصَوِّرُونَهَا عَلَى صُوَرِهِمْ وَمِنْ جِنْسِ دُعَاءِ النَّصَارَى لِلْمَسِيحِ وَأُمِّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ } الْآيَةُ وَقَالَ تَعَالَى : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }
(17)قال شيخ الاسلام فى العقيدة الواسطية:
(1/14)
________________________________________
"فإن المسلمين متفقون على ما علموه بالإضطرار من دين الإسلام أن العبد لا يجوز له أن يعبد, ولا يدعو ولا يستغيث, ولا يتوكل إلا على الله؛ وأن من عبد ملكاً مقرباً أو نبياً مرسلاً أو دعاه أو استغاث به فهو مشرك. فلا يجوز عند أحد من المسلمين أن يقول القائل يا جبرائيل أو يا ميكائيل أو يا إبراهيم أو يا موسى أو يا رسول الله, اغفر لي أو ارحمني أو ارزقني أو انصرني أو أغثني أو أجرني من عدوي, أو نحو ذلك؛ بل هذا كله من خصائص الإلهية."
(18) قال شيخ الاسلام فى الرد على البكرى:
"وأعرف من يستغيث برجال أحياء فيتصورون له و يدفعون عنه ما كان يحذر و يحصل له ما كان يطلب والأحياء الذين استغاث بهم لا يشعرون بشيء من ذلك وإنما هي شياطين تمثلت على صورهم لتضل ذلك الداعي المشرك كما كانت الإنس تستعيذ بالجن"فحكم عليه بالشرك على التعيين ولم يعلقه على اقامة الحجة



الإرجاء وتأثيره في غياب الإسلام

$
0
0




إن المرجئة الأوّلين الذين ابتدعوا بذرته الأولى لم يؤثر في عملهم، بل كانوا مجتنبين للذنوب وإن كانوا يعتقدون أن إتيانها لا يؤثر في دينهم، ولم يكن يدور بخلدهم أنه سيأتي أقوام يصلّون لله ويقولون في سجودهم : يا عبد القادر انصرنا ! ولم يكونوا ليقبلوا به أبدًا، ولم يكن القوم يومئذ يختلفون في العمل بالتوحيد إن كان من الإيمان أولا يدخل في مسمّاه، وإنما اختلفوا في الشرائع الفرعية.
لقد هدّمت عقيدة المرجئة التوحيد عندما جعلت الشرك والكفر أمرًا لا يؤبه له مادام الإنسان - ولا نقول المسلم - يتلفّظ بـ » لا إله إلا الله« ، وبذلك أفرغت الإسلام من محتواه وميّعته وصيّرته كالطبل الأجوف.
وأما تطوّرها الأفقي فيتمثل في أنها لم تبق محصورة في طائفة معيّنة تدعى باسمها كغيرها من الفرق، بل اتسع نطاقها لتتغلغل وسط الأمة، وممّا سهّل في ذلك كونها ميسورة جدًا لا عناء فيها، فما هو إلا ترديد لكلمة صغيرة حتى يبقى قائلها مسلما ويكون من أهل الجنّة والرضوان، وليفعل بعدها ما شاءت له نفسه من كفر ومعاص.
فشملت سائر الأمة على تعدّد مذاهبها وفرقها، إذ لم ينج منها حتى الذين كانوا يسمّون بأهل السّنة والجماعة وهم قد باض فيهم الشرك وفرّخ، حتى وإن كانت هذه العقيدة تنسب إلى مؤسسيها وهم المرجئة فإنها كانت تسيطر على أذهان الناس شرقا وغربا، فأصبحوا يشركون بالله وكلّهم يظن أنه مسلم ولا يرى كفره ذاك كفرًا ينفي عنه الإسلام، وهذا هو معنى عقيدة المرجئة وروحها.
إلا أن كفار المرجئة قد سمحوا بالكفر والشرك مع العلم به أنه كفر، أما سائر الأمة فتسامحوا معه جهلا بذلك، وجرى الإعتقاد بين من كانوا ينتسبون إلى السنة وغيرهم أن مشركي الأمة مسلمون، ماداموا يجهلون أن فعلهم شرك، وماداموا يقولون » لا إله إلا الله« قولا دون عمل، ودون اعتقاد أيضا بما أنهم يجهلون معناها، وفي هذا الأمر فاقوا المرجئة ضلالا، لأن المرجئة قالوا بإسلام المشرك الذي يفهم معناها.
وأكثر من ذلك فإنهم لم يتخلّوا عن تكفير الجاهل فقط، بل حتى عن تكفير من عرف أنه يشرك بالله من القبوريين وغيرهم، وإن كانوا يقولون بأنهم لا يكفّرون إلا من أقيمت عليه الحجة فأباها فإنهم لم يكفّروا الإثنين، فإن دعوا الناس إلى التوحيد وترك الشرك فإن من استجاب فهو مسلم، ومن أبى فهو مسلم كذلك مادام يدّعي الإسلام.
إلا أن عامة الأمة لازالوا يدركون التفاضل في الإيمان بين المسلمين على عكس المرجئة، ويعتقدون أنه يتبعض فيزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، ويحاسب المسلم على معاصيه، وهذا لاهتمامهم بالفروع دون الأصل دوما، وتناسيهم الكفر الذي وقعوا فيه.
إن هذه العقيدة لم تكن تجادل في إطار الإسلام، فلم يكن مدار حديثها حول صفات الله أو القدر، بل كانت تخالف الكتاب والسنة في أصل الدين وأساسه، وبذلك قطعت شوطا لا يستهان به في الإنحطاط بالأمة نحو الجاهلية، وبعد بضعة قرون فقط - وإن كانت هذه العقيدة تحملها طائفة تجادل عنها وتدعو إليها - ما لبثت أن اعتـنقتها شرائح واسعة من الأمة وكانت تدين بها حقيقة، وإن لم تكن مأخوذة من عقائد المرجئة بالذات، فإن حالة الدين في ذلك الوقت هي التي أملت عليهم هذا الإعتقاد، وهي وجود الكفر والجهل به مع تمسّكهم بالإنتساب إلى المسلمين.
ولذلك لم يبق لهذه العقيدة كيان محدّد في فرقة ما، وقد كان السنّية والشيعة والخوارج والمعتزلة وغيرهم على خلاف المرجئة يقولون بأن الإيمان اعتقاد وقول وعمل، لكن لمّا دخلوا جميعًا في دين الشرك لم يبق لهذا القول معنى، فكانوا يخالفونهم قولا ويردون عليهم وهم يحملون حقيقة عقيدتهم.
ولقد أصبحت هذه العقيدة روح الكفر في الأمة ومنبعه، والتطبيق العمليّ له هو عبادة القبور، وتولّي الكافرين والإعتقاد في إسلامهم كالفرق الكافرة، واتباع شرائع عوضا عن شرائع الله، إذ كان لابدّ لوجود الكفر من مبرّرات ودوافع تقنع فاعليه، ولذلك ساهمت هذه العقيدة بالقسط الأوفر في خلط الإسلام بالكفر.


م.ن.ق.و.ل

الدولة السعودية تحكم بكتاب الله كما يقول علماؤها فما هو سبب تكفيرها ؟؟

$
0
0
Photo: ‎السؤال: الدولة السعودية تحكّم كتاب الله كما يقول علماؤها، فما هو سبب تكفيرها ؟       الإسلام لا ينحصر في الحكم ونظام الدولة، وليس المطلوب من الناس اليوم الحكم بما أنزل الله فقط كما تتصور بعض الحركات المعارضة سلميا أو بالسلاح.     فكفر هذه الدولة حكومة وشعبا مثل كل الكافرين الذين يعملون بأحكام الشريعة التفصيلية، فيصلون ويصومون، ويحرّمون الخمر وربما يقيمون الحد على شاربها، وهم مخِلّون بدين التوحيد، فلا يكفرون بشرع الطاغوت، بل يعتبرونه كفرا أصغر، ويعتقدون أن فاعليه مسلمين عصاة، أو يتركون عبادة القبور ويعتقدون أن عابديها مسلمين.     كما لا يصح القول أنها تحكّم كتاب الله، فإطلاق هذه العبارة يُفهم منه أنها لا تحكّم غيره، وهناك فرق بين أن يكون الكتاب والسنة المصدر الوحيد للتشريع أو أنهما مصدر رئيسي فقط كما يقولون، بمعنى أنهما مصدر من جملة المصادر المستقلة عنهما.     ففي هذه الدولة توجد مخدرات وهي محرمة في قانونها، وتوجد بنوك الربا وهي مباحة قانونا، وهذا هو الكفر، وهو يفوق بكثير المعنى المذكور في قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) (البقرة: 279)، لأن هذا خطاب للمؤمنين إذا وقعوا في هذه المعصية الكبيرة، والتوبة منها تكون باستخلاص رؤوس الأموال دون الزيادة.     أما ما فعله هؤلاء فالتوبة منه هي توبة من الكفر بتحريم الربا في قانونهم وعدم إعطائه الشرعية القانونية، أي لا بد من تغيير الشرع، وتغيير الشرع هو نفسه تغيير الدين، قال الله تعالى: (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) (يوسف: 76)، (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ) (النور: 2).     ولأنهم لا يعتقدون أن العلمانية دين من أديان الكفر انخرطوا في المنظمات الدولية كالأمم المتحدة وغيرها، واحتكموا إلى محاكمها الدولية وأقروا بمبادئها الماسونية وقوانينها المخالفة لشرع الله دون تحرّج.‎
السؤال:
الدولة السعودية تحكّم كتاب الله كما يقول علماؤها، فما هو سبب تكفيرها ؟

الإسلام لا ينحصر في الحكم ونظام الدولة، وليس المطلوب من الناس اليوم الحكم بما أنزل الله فقط كما تتصور بعض الحركات المعارضة سلميا أو بالسلاح.
فكفر هذه الدولة حكومة وشعبا مثل كل الكافرين الذين يعملون بأحكام الشريعة التفصيلية، فيصلون ويصومون، ويحرّمون الخمر وربما يقيمون الحد على شاربها، وهم مخِلّون بدين التوحيد، فلا يكفرون بشرع الطاغوت، بل يعتبرونه كفرا أصغر، ويعتقدون أن فاعليه مسلمين عصاة، أو يتركون عبادة القبور ويعتقدون أن عابديها مسلمين.
كما لا يصح القول أنها تحكّم كتاب الله، فإطلاق هذه العبارة يُفهم منه أنها لا تحكّم غيره، وهناك فرق بين أن يكون الكتاب والسنة المصدر الوحيد للتشريع أو أنهما مصدر رئيسي فقط كما يقولون، بمعنى أنهما مصدر من جملة المصادر المستقلة عنهما.
ففي هذه الدولة توجد مخدرات وهي محرمة في قانونها، وتوجد بنوك الربا وهي مباحة قانونا، وهذا هو الكفر، وهو يفوق بكثير المعنى المذكور في قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) (البقرة: 279)، لأن هذا خطاب للمؤمنين إذا وقعوا في هذه المعصية الكبيرة، والتوبة منها تكون باستخلاص رؤوس الأموال دون الزيادة.
أما ما فعله هؤلاء فالتوبة منه هي توبة من الكفر بتحريم الربا في قانونهم وعدم إعطائه الشرعية القانونية، أي لا بد من تغيير الشرع، وتغيير الشرع هو نفسه تغيير الدين، قال الله تعالى: (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) (يوسف: 76)، (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ) (النور: 2).
ولأنهم لا يعتقدون أن العلمانية دين من أديان الكفر انخرطوا في المنظمات الدولية كالأمم المتحدة وغيرها، واحتكموا إلى محاكمها الدولية وأقروا بمبادئها الماسونية وقوانينها المخالفة لشرع الله دون تحرّج.

م.ن.ق.و.ل

كيف لا تعادي الأنظمة الطاغوتية أهل التوحيد مثلما تعادي الدعوات الأخري

$
0
0
Photo: ‎لو نظرنا في سيَر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والدعاة كلهم لوجدنا أن أقوامهم لم يقابلوهم بنفس الطريقة ولا بنفس الدرجة من العداء، فحتى فرعون قد سمح لموسى عليه الصلاة والسلام بملاقاة الناس والمناظرة العامة.     قال الله عز وجل: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) (إبراهيم: 13).     وقال: (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا) (الكهف: 20).     عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْنَا مَكَّةُ وَأُوذِيَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفُتِنُوا وَرَأَوْا مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْبَلاءِ وَالْفِتْنَةِ فِي دِينِهِمْ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَسْتَطِيعُ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَعَمِّهِ، لا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَكْرَهُ مَا يَنَالُ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لا يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ فَالْحَقُوا بِبِلادِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ) (رواه البيهقي).     عن أبي برزة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا إلى حي من أحياء العرب، فسبّوه وضربوه، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أن أهل عُمان أتيتَ ما سبّوك ولا ضربوك) (رواه مسلم وأحمد).     في حديث الغلام والملك الجبّار قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ: اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلامُ: يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ) (رواه مسلم).     لكن يوسف عليه السلام وجد فيه الفراعنة ما جعلهم يسلّمونه خزائن بلادهم ثم صار ملكا عليهم.     فقد تكون هناك قواسم مشتركة مع المسلمين تجعل الكفار لا يقمعونهم، كمصلحة اقتصادية أو صلة قرابة أو قومية أو وطنية، وقد تتاح فرصة للمسلمين نتيجة صراع بين قوى الجاهلية.     قال صفوان بن أمية يوم حنين وهو على شركه: (لأَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ـ يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم ـ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ) (رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن).     وعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن كفار قريش كتبوا إلى ابن أبَيّ ومن كان يعبد معه الأوثان من الأوس والخزرج ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر: إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه أو لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح نساءكم، فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبيّ ومن كان معه من عبدة الأوثان اجتمعوا لقتال النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لقيَهم فقال: (لقد بلغ وعيد قريش منكم المَبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم)، فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم تفرقوا. (رواه أبو داود بإسناد صحيح).     قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ) (رواه البخاري).     وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ورحمة الله على لوط أن كان ليأوي إلى ركن شديد، إذ قال لقومه: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد، وما بعث الله من بعده من نبي إلا في ثروة من قومه) (رواه أحمد وابن حبان).     وذكر الله عز وجل قولهم لنبيهم: (وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا) (هود: 92).     فيختلف رد فعل المشركين على دعوة الإسلام بين محارب ومتردد وساكت ومناصر يدافع عن المسلمين.     والحق يستمد مشروعيته من ذاته لا من رد فعل أهل الباطل، وإن كانت عادتهم مواجهته كقاعدة عامة، فهناك استثناءات تؤكد الأصل، ومحاولة تغيير الواقع لا بد لها من رد فعل، والأذى موجود بشكل أو بآخر.     وقد يكون السكوت إلى حين، فالحكومات لو كانت تبيد كل من يعارضها لما استطاعت الإستمرار في هذا العصر، كما أن مناصبة العداء لمن لا تتجاوز قدرته حدود الصفر يعد إشهارا مجانيا له يساهم في تقويته كنتيجة عكسية.     وحتى المعارضة المسماة بالإسلامية والتي تؤمن بالديمقراطية تهدد النظام القائم على المدى البعيد، ولكنه يستطيع احتواءها والإستفادة منها ولو بمشاركتها في الحكم، فهناك الكثير من الدعوات المخالفة للنظام العام، ولكنه مسكوت عنها لعدم قدرتها على التغيير الفعلي.      ففي المجتمع يوجد ما لا حصر له من الدعوات التي تهدد السلطة، لكنها في عصرنا توجه المجتمع ككل مع هذا الكم الهائل من التناقضات والأخطار نحو وجهة معينة تضيع معها الدعوات قليلة الإنتشار، وتتوارى عن الأنظار، ولا يكون عليها إقبال حقيقي يؤدي إلى تغيير جذري، لا سيما إن لم تكن تخاطب شهوات الجماهير.‎
لو نظرنا في سيَر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والدعاة كلهم لوجدنا أن أقوامهم لم يقابلوهم بنفس الطريقة ولا بنفس الدرجة من العداء، فحتى فرعون قد سمح لموسى عليه الصلاة والسلام بملاقاة الناس والمناظرة العامة.
قال الله عز وجل: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) (إبراهيم: 13).
وقال: (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا) (الكهف: 20).
عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْنَا مَكَّةُ وَأُوذِيَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفُتِنُوا وَرَأَوْا مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْبَلاءِ وَالْفِتْنَةِ فِي دِينِهِمْ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَسْتَطِيعُ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَعَمِّهِ، لا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَكْرَهُ مَا يَنَالُ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لا يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ فَالْحَقُوا بِبِلادِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ) (رواه البيهقي).
عن أبي برزة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا إلى حي من أحياء العرب، فسبّوه وضربوه، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أن أهل عُمان أتيتَ ما سبّوك ولا ضربوك) (رواه مسلم وأحمد).
في حديث الغلام والملك الجبّار قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ: اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلامُ: يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ) (رواه مسلم).
لكن يوسف عليه السلام وجد فيه الفراعنة ما جعلهم يسلّمونه خزائن بلادهم ثم صار ملكا عليهم.
فقد تكون هناك قواسم مشتركة مع المسلمين تجعل الكفار لا يقمعونهم، كمصلحة اقتصادية أو صلة قرابة أو قومية أو وطنية، وقد تتاح فرصة للمسلمين نتيجة صراع بين قوى الجاهلية.
قال صفوان بن أمية يوم حنين وهو على شركه: (لأَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ـ يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم ـ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ) (رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن).
وعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن كفار قريش كتبوا إلى ابن أبَيّ ومن كان يعبد معه الأوثان من الأوس والخزرج ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر: إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه أو لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح نساءكم، فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبيّ ومن كان معه من عبدة الأوثان اجتمعوا لقتال النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لقيَهم فقال: (لقد بلغ وعيد قريش منكم المَبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم)، فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم تفرقوا. (رواه أبو داود بإسناد صحيح).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ) (رواه البخاري).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ورحمة الله على لوط أن كان ليأوي إلى ركن شديد، إذ قال لقومه: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد، وما بعث الله من بعده من نبي إلا في ثروة من قومه) (رواه أحمد وابن حبان).
وذكر الله عز وجل قولهم لنبيهم: (وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا) (هود: 92).
فيختلف رد فعل المشركين على دعوة الإسلام بين محارب ومتردد وساكت ومناصر يدافع عن المسلمين.
والحق يستمد مشروعيته من ذاته لا من رد فعل أهل الباطل، وإن كانت عادتهم مواجهته كقاعدة عامة، فهناك استثناءات تؤكد الأصل، ومحاولة تغيير الواقع لا بد لها من رد فعل، والأذى موجود بشكل أو بآخر.
وقد يكون السكوت إلى حين، فالحكومات لو كانت تبيد كل من يعارضها لما استطاعت الإستمرار في هذا العصر، كما أن مناصبة العداء لمن لا تتجاوز قدرته حدود الصفر يعد إشهارا مجانيا له يساهم في تقويته كنتيجة عكسية.
وحتى المعارضة المسماة بالإسلامية والتي تؤمن بالديمقراطية تهدد النظام القائم على المدى البعيد، ولكنه يستطيع احتواءها والإستفادة منها ولو بمشاركتها في الحكم، فهناك الكثير من الدعوات المخالفة للنظام العام، ولكنه مسكوت عنها لعدم قدرتها على التغيير الفعلي. 
ففي المجتمع يوجد ما لا حصر له من الدعوات التي تهدد السلطة، لكنها في عصرنا توجه المجتمع ككل مع هذا الكم الهائل من التناقضات والأخطار نحو وجهة معينة تضيع معها الدعوات قليلة الإنتشار، وتتوارى عن الأنظار، ولا يكون عليها إقبال حقيقي يؤدي إلى تغيير جذري، لا سيما إن لم تكن تخاطب شهوات الجماهير.

م.ن.ق.و.ل

صحوة عوراء

$
0
0







صحـوة عـوراء:

ولئن كانت الفرق التي قامت في القرون الأولى وبالا على الأمة، لأنها فرقت شملها، بعد أن بدلت وتركت ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والذي بقي سائدا بعدهم، فإنها اليوم بخلاف ذلك، إذ أنها انطلقت من الخراب لا من البناء السليم، فلا يصح التعامل معها كالأولى.
وإذا كانت الأولى تسقط فهذه ترتفع، فهي تسير من الأسوأ إلى السيء على الأقل في جوانب عديدة، ولكنها ترتفع وهي دون درجة الصفر، إذ لم تصل لحد الآن إلى معرفة أصل الإسلام، فالأولى كانت مسلمة، وكانت تبحث عن الظلام وهي في النور، والأخرى غير مسلمة تبحث عن النور وسط الظلام.
فقد كانت الأمة على الفطرة والسنة كما علّمها النبي صلى الله عليه وسلم، وشذت عنها عناصر ضالة، لكن هذه الأمة اليوم قد ضلت أكثر من تلك الفرق، بل إن ضلالها هو استمرار وتطور لضلال تلك الفرق الأولى، ثم تخرج اليوم عناصر هي أفضل من الأمة وتقع في ضلالات أخرى.
هذه الدعوات اليوم قائمة -مثل الأولى- على ردود الفعل بينها، وعلى استخلاص الدروس، فانظر -مثلا- إلى الدعوة النجدية التي قامت منكرة عبادة القبور، وامتدت إلى سائر الأقطار بنسب متفاوتة، لأن ذلك الداء كان منتشرا.
ولما ظهر الإحتكام إلى شرائع الطاغوت بفعل الإحتلال الأوروبي وقابلته هذه الأمة بالرضى، سكت أتباع تلك الدعوة عن ذلك ولم يعتبروه كفرا بالله، وهذا مثل الذين يدعون نصارى اليوم إلى الإسلام، وينكرون عليهم نصرانيتهم من عبادة للمسيح، وينسون علمانيتهم، حتى إذا أرادوا الدخول في الإسلام فهموه في إطار العلمانية.
وكان من أبرز من تفطنوا لها مبكرا المودودي في الهند، وذلك لأن حكامها كانوا هندوسا ولاّهم الإنجليز حكم البلاد، فظهر له بصورة واضحة أن اتباع شرائع الطاغوت كفر بالله وقد كان محاميا، ومن جهة أخرى لم يُعر اهتماما كبيرا ما كان يفعله أهل الهند الذين يتسمّون بالمسلمين من عبادة للأوثان كعبادة الهندوس.
وكذلك أحمد شاكر في مصر، الذي كان قاضيا فيما كان يسمى بالمحكمة الشرعية، التي بقيت لها بعض الإختصاصات تحكم فيها بشرع الله، عكس "المحكمة الأهلية"التي كانت تزحف وتتسع مجالاتها إلى أن ألغَت غريمتها واكتسحتها.
ثم سيد قطب الذي احتك بالأوساط السياسية العلمانية، وكان متأثرا في بداية أمره بحركة الإخوان، التي جعلت نصب عينيها تغيير الأنظمة الحاكمة مع اتباع للديمقراطية والشرائع الطاغوتية متناسية عبادة القبور، بل كانت تحض عليها وتبيحها لأتباعها.
يقول سيد قطب في "معالم في الطريق" (62): (وأخيرًا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها "مسلمة"وهذه المجتمعات لا تدخل في هذا الإطار لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله، ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله أيضا، ولكنها تدخل في هذا الإطار لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتها، فهي -وإن لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله- تعطي أخص خصائص الألوهية لغير الله، فتدين بحاكمية غير الله، فتتلقى من هذه الحاكمية نظامها وشرائعها وقيمها وموازينها وعاداتها وتقاليدها وكل مقومات حياتها تقريبا).
وهذا ردًا منه على ظاهرة العلمنة التي تحصر الدين في الشعائر، فأراد أن يوضح أن الشرك يشمل صورًا أخرى، فهو أوسع دائرة من عبادة الأوثان، ثم تجاوز عبادة الأوثان وتناساها.
فهؤلاء اعتقدوا أن عبادة الأوثان في طريقها إلى الزوال، فلا داعي لإنكارها، ونسوا أن على الناس أن يكفروا بها ابتداء حتى يكونوا مؤمنين بالله.
فالكفر لا يسقط بالتقادم إن لم يتب منه صاحبه، ومن جهل أن عبادة القبور شرك بالله وأن فاعليها غير مسلمين وهو لم يعبدها، فليس بموحد حتى يعلم ويؤمن ويتبع، وليس مجرد موافقته للإسلام عن غير قصد تثبت له الإسلام.
هذا مثال عن ردود الفعل بين التيارات المنتسبة إلى دعوة الإسلام وإن قفزت قفزة نوعية في كشف كثير من عقائد الإسلام المطموسة، فكلا الدعوتين لم تستطع التمييز بين المسلمين والكفار، حتى تتضح سبيل المجرمين، ويبين أولياء الرحمان من أولياء الشيطان.
وكل ذلك لاعتبارها جاهل الإسلام مسلما إذا قال: لا إله إلا الله، وبذلك هدمت كل ما بنت، رغم علمها بأن شهادة الناس قول لا يغير شيئا من دينهم.
والدخول في الإسلام يكون فردًا فردًا، كما كان الخروج منه، ثم يتسع وينتشر، وقد كان المجتمع الأول يسير ببطء من الخير إلى الشر، ومجتمع اليوم ينتقل جزئيا من الشر إلى الخير

م.ن.ق.و.ل

محمد علي الجزولي وعدم تكفيره للمشركين

$
0
0




يقول محمد علي الجزولي في محاضرات الشهود الحضاري(110) مستنكرا : (( وهناك من الناس من يقول نحن نعذر بالتأويل في مسائل الفقه أما من يدخل في الديمقراطية متأولا أو يتحاكم للقوانين الوضعية متأولا أو يدعو غير الله متأولا أو يذهب للكهنة أو يقرأ الأبراج متأولا هؤلاء جميعا لا يعذرون لأنهم تأولوا في أمور متعلقة بالعقيدة))


ويقول مبينا رأيه في موضوع التأويل في محاضرة مقدمات فكرية في العذر بالتأويل:
((آخر مسألة معنا في درس اليوم إلى أن نواصل يوم اﻷحد القادم هو أن هذا العذر بالتأويل في سائر المسائل التي يمكن أن يخطئ فيها المجتهد, سواء كانت من مسائل اﻷصول أو سائر الفروع,
وسواء كانت في المسائل العلمية أو المسائل العملية.
ﻷن بعض المتحكمين بالنص يقولون لا عذر في مسائل اﻷصول ؛ مسائل العقيدة يقولون لا عذر فيها وإنما العذر في مسائل الشريعة؛ تحريم الخمرة ، مسائل النقاب ، مسائل اﻹسبال ، مسائل اللحية ، مسائل الموسيقى ؛ هذا يعذر فيها اﻹنسان أما مسائل التوحيد فقالوا لاعذر فيها,وهذا تخصيص بلا نص.
إن الحاكم إذا اجتهد فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر..... والتفريق بين مسائل الأصول والفروع ؛ هذا تفريق مبتدع حادث لم يأت عليه دليل من كتاب ولا سنة ))


ثم يستدل بقول لشيخ الإسلام ابن تيمية حول التفريق بين مسائل الأصول والفروع.
فكل مجتهد عندهم له أجر حتى لو اجتهد في جعل الله ثالث ثلاثة أو أحل الذبح لغير الله أو لو اجتهد في تجويز الدخول في جيوش الطواغيت فما دام له شبهة فلا يكفر حتى لو كان ذلك في الأصول أو حتى في أصل الأصول ألا وهو التوحيد.
فإن قال ليس هذا مما يعذر به المرء لوضوح أدلته قلنا له :لقد عممت على كل الأمور فكيف تخصص هاهنا,ثم هل هناك أوضح من التوحيد الذي عليه مدار الدين كله.
وليت شعري أين سيجد من يتحاكم للطاغوت أو يدعو غير الله نصا في كتاب الله أو سنة نبيه عليه السلام يدعوه لهذا الكفر أو يرخصه له فعن أي توحيد يتكلم هؤلاء القوم ؟!


قال الإمام ابن قدامة رحمه الله : ((وزعم الجاحظ أن مخالف ملة الإسلام، إذا نظر فعجز عن إدراك الحق، فهو معذور غير آثم.)) وقول الجاحظ هو عين قول الجزولي.
فقال ابن قدامة في الرد على ذلك : ((أما ما ذهب إليه الجاحظ، فباطل يقينا، وكفر بالله تعالى، ورد عليه وعلى رسوله.))
ويلزم الجزولي وأمثاله أن يعذروا هذا الجاحظ الكافر,بل وأن يعذروا من يتكلم الجاحظ عنه ممن لا يدين بالإسلام ولكنه بذل وسعه وعجز عن إدراك الحق.
بل ونلزمهم بأشد من هذا بإعذار كل مشرك على وجه الأرض لأنه لا يوجد مشرك إلا وله شبه ,وأصل كل شرك في العالم هو الشبه الباطلة والتأويلات.


وقد بين الشيخ عبداللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله افتراءات المدلسين على ابن تيمية فيما نقلوه عنه فقال : ((إذا عرفت أن استثناءه واستدراكه على كلام الشيخ برأي أكثر المتأخرين في عدم الاعتداد والعذر بالشبه في العقائد، فاعلم أن هذا الاستدراك مبني على فهم فاسد، وعدم تحقيق. فإن الشيخ لم يرد ما قاله العراقي من المسائل الاعتقادية التي تعلم من الدين بالضرورة. وإنما يريد ما فيه شبهة يخفى دليلها على مثل القائل بها، ولا تقوم عليه حجة يكفر مخالفها إلا بتوقيف وكشف، ولا فرق في ذلك بين المسائل الاعتقادية والعملية.
وأما مسألة عبادة القبور ودعائها مع الله، فهي مسألة وفاقية التحريم، وإجماعية المنع والتأثيم، فلم تدخل في كلام الشيخ لظهور برهانها، ووضوح أدلتها؛ وعدم اعتبار الشبهة فيها.
هذا وجه الإخراج والاستدراك، لا ما زعمه الغبي، فإن الخوارج لا يكفرهم الشيخ، ولا كثير من أهل العلم، وقد سئل علي رضي الله عنه عن الخوارج: "أكفّار هم؟ قال: من الكفر فرّوا"، فما أخرجه العراقي غير خارج، ما أدخله غير داخل، فكلامه مجرد تخبيط لا يروج على النّقّاد)). التأسيس والتقديس


ويكفينا لبيان موقف الشيخ ابن تيمية رحمه الله في هذا الأمر هو قوله الواضح والصريح في مجموع الفتاوى : ((وهذا إذا كان في المقالات الخفية فقد يقال: إنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها؛ لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي تعلم العامة والخاصة من المسلمين أنها من دين المسلمين؛ بل اليهود والنصارى يعلمون: أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث بها وكفر مخالفها؛ مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له ونهيه عن عبادة أحد سوى الله من الملائكة والنبيين والشمس والقمر والكواكب والأصنام وغير ذلك؛ فإن هذا أظهر شعائر الإسلام ومثل أمره بالصلوات الخمس وإيجابه لها وتعظيم شأنها ومثل معاداته لليهود والنصارى والمشركين والصابئين والمجوس ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ونحو ذلك)).
والحمد لله رب العالمين.


الحوت المشعطي

ديار الكــفر

$
0
0
Photo: ‎ديار الكــفر  ــــــــــــــــ  يقول الشــــيخ حمد بن عتيق رحمـــــــه الله  __________________________  " وأما إذا كان الشرك فاشيا، مثل دعاء الكعبة والمقام والحطيم، ودعاء الأنبياء والصالحين، وإفشاء توابع الشرك، مثل الزنى والربا، وأنواع الظلم، ونبذت السنة وراء الظهر، وفشت البدع والضلالات، وصار التحاكم إلى الأئمة الظلمة، ونواب المشركين، وصارت الدعوة إلى غير القرآن والسنة، وصار هذا معلوما في أي بلد كان، فلا يشك من له أدنى علم: أن هذه البلاد، محكوم عليها بأنها بلاد كفر وشرك; لا سيما إذا كانوا معادين لأهل التوحيد، وساعين في إزالة دينهم، ومعينين في تخريب بلاد الإسلام; وإذا أردت إقامة الدليل على ذلك، وجدت القرآن كله فيه، وقد أجمع عليه العلماء، فهو معلوم بالضرورة عند كل عالم.  ... أرأيتم لو قال رجل منكم لمن يدعو الكعبة، أو المقام، أو الحطيم، أو يدعو الرسول، أو الصحابة: يا هذا لا تدع غير الله! أو أنت مشرك، هل تراهم يسامحونه؟ أم يكيدونه؟ فليعلم المجادل أنهم ليسوا على توحيد الله; فوالله ما عرف التوحيد، ولا تحقق بدين الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن له مشاركة فيما قرره المحققون، قد اطلع على أن البلد، إذا ظهر فيها الشرك، وأعلنت فيها المحرمات، وعطلت فيها معالم الدين، تكون بلاد كفر، تغنم أموال أهلها، وتستباح دماؤهم.  وقد زاد أهل هذا البلد، في إظهار المسبة له ولدينه، ووضعوا قوانين ينفذونها في الرعية، مخالفة لكتاب الله وسنة نبيه؛ وقد علمت أن هذه كافية وحدها، في إخراج من أتى بها من الإسلام; هذا ونحن نقول: قد يوجد فيها من لا يحكم بكفره في الباطن، من مستضعف ونحوه، وأما في الظاهر فالأمر - ولله الحمد - واضح.   ولا تغتر بما عليه الجهال، وما يقوله أهل الشبهات.فإنه قد بلغني أن بعض الناس يقول: إن في الأحساء من هو مظهر دينه، لأنه لا يرد عن المساجد والصلاة، وأن هذا عندهم هو إظهار الدين، وهذه زلة فاحشة، غايتها: أن أهل بغداد وأهل بنبي وأهل مصر، قد أظهر من هو عندهم دينه، فإنهم لا يمنعون من صلى، ولا يردون عن المساجد.  فيا عباد الله أين عقولكم؟ فإن النّزاع بيننا وبين هؤلاء، ليس هو في الصلاة، وإنما هو في تقرير التوحيد والأمر به، وتقبيح الشرك والنهي عنه، والتصريح بذلك. ___________‎
يقول الشــــيخ حمد بن عتيق رحمـــــــه الله
__________________________

"وأما إذا كان الشرك فاشيا، مثل دعاء الكعبة والمقام والحطيم، ودعاء الأنبياء والصالحين، وإفشاء توابع الشرك، مثل الزنى والربا، وأنواع الظلم، ونبذت السنة وراء الظهر، وفشت البدع والضلالات، وصار التحاكم إلى الأئمة الظلمة، ونواب المشركين، وصارت الدعوة إلى غير القرآن والسنة، وصار هذا معلوما في أي بلد كان، فلا يشك من له أدنى علم: أن هذه البلاد، محكوم عليها بأنها بلاد كفر وشرك; لا سيما إذا كانوا معادين لأهل التوحيد، وساعين في إزالة دينهم، ومعينين في تخريب بلاد الإسلام; وإذا أردت إقامة الدليل على ذلك، وجدت القرآن كله فيه، وقد أجمع عليه العلماء، فهو معلوم بالضرورة عند كل عالم.
...
أرأيتم لو قال رجل منكم لمن يدعو الكعبة، أو المقام، أو الحطيم، أو يدعو الرسول، أو الصحابة: يا هذا لا تدع غير الله! أو أنت مشرك، هل تراهم يسامحونه؟ أم يكيدونه؟ فليعلم المجادل أنهم ليسوا على توحيد الله; فوالله ما عرف التوحيد، ولا تحقق بدين الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن له مشاركة فيما قرره المحققون، قد اطلع على أن البلد، إذا ظهر فيها الشرك، وأعلنت فيها المحرمات، وعطلت فيها معالم الدين، تكون بلاد كفر، تغنم أموال أهلها، وتستباح دماؤهم.

وقد زاد أهل هذا البلد، في إظهار المسبة له ولدينه، ووضعوا قوانين ينفذونها في الرعية، مخالفة لكتاب الله وسنة نبيه؛ وقد علمت أن هذه كافية وحدها، في إخراج من أتى بها من الإسلام; هذا ونحن نقول: قد يوجد فيها من لا يحكم بكفره في الباطن، من مستضعف ونحوه، وأما في الظاهر فالأمر - ولله الحمد - واضح.

ولا تغتر بما عليه الجهال، وما يقوله أهل الشبهات.فإنه قد بلغني أن بعض الناس يقول: إن في الأحساء من هو مظهر دينه، لأنه لا يرد عن المساجد والصلاة، وأن هذا عندهم هو إظهار الدين، وهذه زلة فاحشة، غايتها: أن أهل بغداد وأهل بنبي وأهل مصر، قد أظهر من هو عندهم دينه، فإنهم لا يمنعون من صلى، ولا يردون عن المساجد.

فيا عباد الله أين عقولكم؟ فإن النّزاع بيننا وبين هؤلاء، ليس هو في الصلاة، وإنما هو في تقرير التوحيد والأمر به، وتقبيح الشرك والنهي عنه، والتصريح بذلك.

لو كان أكثر الناس اليوم على الحق، لم يكن الإسلام غريباً، وهو والله اليوم في غاية الغربة.

$
0
0

قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين:
________________________________

(والإنسان إذا تبين له الحق، لم يستوحش من قلّة الموافقين، وكثرة المُخالفين، لا سيما في آخر هذا الزمان. وقول الجاهل: لو كان هذا حقاً ما خفي على فلان وفلان ، هذه دعوى الكفار، في قولهم: {لو كان خيراً ما سبقونا إليه} [الأحقاف/11] {أهؤلاء مَنَّ اللهُ عليهم من بيننا} [الأنعام/53] وقد قال عليّ رضي الله عنه، اعرف الحق تعرف أهله، وأما الذي في حيرةٍ ولبس، فكل شبهة تروج عليه، فلو كان أكثر الناس اليوم على الحق، لم يكن الإسلام غريباً، وهو والله اليوم في غاية الغربة. ولمّا ذكر أبن القيم رحمه الله: نوع الشرك وظهوره، قال: فما أعز من تخلص من هذا، بل ما أعز من لا يعادي من أنكره؟ يعني: ما أقل من لا يُعادي من أنكره، وهذا قوله في زمانه، ولا يأتي عام إلاَّ وما بعده شرٌ منه، كما قال النبي صلي الله عليه وسلم) اهـ


S

هل أقمت عليه الحجــة ؟

$
0
0

شبهــات وردود 
ـــــــــــــــــــــ

هل أقمت عليه الحجــة ؟

يبادر مرجئة العصر أي رجل سمعوه يكفر أي كافر بقولهم المشهور المنشور: هل أقمت عليه الحجة ؟!
______________________

فنقول : 

أولاً : من الذي يُقيم الحجة ؟ أهو المفتي والقاضي فحسب أم هو المسلم العالم بالأمر الذي سيتكلم فيه :
لا شك ولا ريب أنه المسلم الذي يعلم ما يتكلم فيه، وقد قال الأصوليون : "من علم حجة على من لم يعلم " .
قال من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع التي حضرها بشر كثير : ( ليبلغ الشاهد الغائب ) فلنا أن نسأل هنا سؤال: هل كل من حضر هذه الخطبة من المفتين والقضاة ؟
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم ( بلغوا عني ولو آية ) [ أخرجه البخاري ]
وقال أيضاً : ( نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه ) [ أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم )فبهذه الأحاديث وغيرها الكثير، يتضح للمسلم اللبيب أنه لا يشترط في الذي يقيم الحجة أن يكون كأحمد بن حنبل أو كأحمد ابن تيمية !

قال الإمام عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين في معرض كلامه في الرد على الأخ إبراهيم بن عجلان في بعض هفواته فقال : وقولك : حتى تقوم عليه الحجة الإسلامية من إمام أو نائبه، معناه أن الحجة الإسلامية لا تقبل إلا من إمام أو نائبه، وهذا خطأ فاحش، لم يقله أحد من العلماء، بل الواجب على كل أحد قبول الحق، ممن قاله كائناً من كان . أهـ [ الدرر السنية 10/ 394 ]

أيها القارئ لك أن تتصور كم ابن عجلان في هذه الأزمان، والله المستعان .

ثانياً : إن قيام الحجة غير فهمها، بل لا يلزم فهم الحجة وإنما اللازم بلوغ الحجة:
قال الله تعالى : ( ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وإن يروا كل آيةٍ لا يُؤمنوا بها ) [ الأنعام : 25 ]
وقال تعالى( إنا جعلنا على قُلوبِهم أكنةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذاً أبدا ) [ الكهف : 57 ] ومعلوم أن الفقه هو الفهم . قال قتادة : يسمعون بآذانهم ولا يعون منه شيئاً كمثل البهيمة التي تسمع النداء ولا تدري ما يقال لها . أهـ 

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب مفتاح دار السعادة في قوله تعالى : ( وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كُنا في أصحاب الجحيم ) : فهذا السمع المنفي عنهم سمع الفهم والفقه ، وقوله تعالى : ( ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ) أي لأفهمهم ، والسمع هنا سمع فهم ، وإلاَّ فسمع الصوت حاصل لهم ، وبه قامت حجة الله عليهم.أهـ [ 1/81 ]

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : ولكن أصل الإشكال أنكم لم تُفرقوا بين قيام الحجة وبين فهم الحُجة ، فإن أكثر الكُفار والمُنافقين من المسلمين لم يفهموا حُجة الله مع قيامها عليهم ، كما قال تعالى : ( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلاَّ كالأنعام بل هم أضل سبيلا ) [ الفرقان : 44 ] .
وقيام الحجة نوع وبلوغها نوع وقد قامت عليهم ، وفهمهم إياها نوع آخر ، وكفرهم ببلوغها إياهم وإن لم يفهموها ، إن أشكل عليكم ذلك فانظروا قوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج : ( أينما لقيتموهم فاقتلوهم ) وقوله : ( شر قتلى تحت أديم السماء ) مع كونهم في عصر الصحابة ، ويحقر الإنسان عمل الصحابة معهم ، ومع إجماع الناس : أن الذي أخرجهم من الدين هو التشدد والغلو والاجتهاد ، وهم يظنون أنهم يُطيعون الله وقد بلغتهم الحجة ولكن لم يفهموها.أهـ [ الدرر السنية 10/93 ]

وقال الشيخ سليمان بن سحمان في كشف الشبهتين ص 91 : قال شيخنا الشيخ عبد اللطيف رحمه الله : وينبغي أن يُعلم الفرق بين قيام الحُجة وفهم الحُجة ، فإن من بلغته دعوة الرُسل فقد قامت عليه الحجة إذا كان على وجه يمكن معه العلم ، ولا يُشترط في قيام الحجة أن يفهم عن الله ورسوله ما يفهمه أهل الإيمان والقبول والانقياد لما جاء به الرسول .

فأفهم هذا يكشف عنك شُبُهات كثيرة في مسألة قيام الحجة ، قال الله تعالى : ( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلاَّ كالأنعام بل هم أضل سبيلا ) [ الفرقان : 44 ] وقال تعالى : ( وختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غِشاوة ولهم عذابٌ عظيم ) [ البقرة : 7 ] ، انتهى 

قلت : ومعنى قوله رحمه الله تعالى: إذا كان على وجه يمكن معه العلم ، فمعناه : أن لا يكون عديم العقل والتمييز كالصغير والمجنون ، أو يكون ممن لا يفهم الخطاب ولم يحضر ترجمان يُترجم له ، ونحو هؤلاء ، فمن بلغته رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وبلغه القرآن فقد قامت عليه الحُجة . أهـ 

وقال المشائخ عبد الله وإبراهيم أبناء الشيخ عبد اللطيف وسليمان بن سحمان : وأما قوله : - أي أحد المجادلين عن المشركين - وهؤلاء ما فهموا الحجة ؛ فهذا مما يدل على جهله ، وأنه لم يُفرق بين فهم الحجة وبلوغ الحجة ، ففهمها نوع وبلوغها نوع آخر، فقد تقوم الحجة على من لم يفهمها . أهـ [ الدرر السنية 10/433 ]

وقال الشيخ محمد بن ناصر بن معمر في كتاب النبذة الشريفة النفيسة : فكل من بلغه القرآن فليس بمعذور فإن الأصول الكبار التي هي أصل دين الإسلام قد بينها الله ووضحها وأقام بها الحجة على عباده ، وليس المراد بقيام الحجة أن يفهمها الإنسان فهماً جلياً كما يفهمها من هداه الله ووفقه وانقاد لأمره ، فإن الكفار قد قامت عليهم حجة الله مع إخباره بأنه جعل على قلوبهم أكنةً أن يفقهوا كلامه ، فقال : ( وجعلنا على قلوبهم أكنةً أن يفقهوه وفي آذنهم وقراً ) [ الأنعام : 25 ] …

والآيات في هذا المعنى كثيرة ، يخبر سبحانه أنهم لم يفهموا القرآن ولم يفقهوه وأنه عاقبهم بجعل الأكنة على قلوبهم والوقر في آذانهم وأنه ختم على قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم ، فلم يعذرهم مع هذا كله بل حكم بكفرهم . أهـ 

وهنا نسأل مرجئة العصر ومن لف لفهم عن فاعل الكفر ورؤوس الطواغيت الذين يجادلون عنهم ويمارون دون تكفيرهم : هل بلغهم القرآن أم لم يبلغهم ؟
ثالثاً : هل تقام الحجة في المسائل الواضحات 

قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الإخوان ، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد : ما ذكرتم من قول الشيخ : كل من جحد كذا وكذا ، وقامت عليه الحجة ؛ وأنكم شاكون في هؤلاء الطواغيت وأتباعهم هل قامت عليهم الحجة ، فهذا من العجب ، كيف تشكون في هذا وقد أوضحته لكم مراراً ؟! فإن الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام والذي نشأ ببادية بعيدة ، أو يكون ذلك في مسألة خفية مثل الصرف والعطف فلا يُكفَّر حتى يُعرَّف ، وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه فإن حُجة الله هي القرآن ، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحُجة . أهـ [ الدرر السنية 10/93 ]

وقال الشيخ عبد الله أبا بطين : معلقاً على قول ابن تيميه في معرض ردّه على الذي يدعي أن شيخ الإسلام ابن تيميه وابن القيم يقولان أن من فعل هذه الأشياء ـ أي الشرك ـ لا يُطلق عليه أنه كافر مُشرك حتى تقوم عليه الحُجة ، قال : إن من فعل شيئاً من هذه الأمور الشركية لا يُطلق عليه أنه كافر مشرك حتى تقوم عليه الحجة الإسلامية فهو لم يقل ذلك في الشرك الأكبر وعبادة غير الله ونحوه من الكفر ، وإنما قال هذا في المقالات الخفية كما قدمنا من قوله : وهذا إذا كان في المقالات الخفية فقد يُقال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها .
فلم يجزم بعدم كفره وإنما قد يُقال ، لكن يقع ذلك في طوائف منهم في أمور يعلم العامة والخاصة بل اليهود والنصارى يعلمون أن محمداً بُعث بها وكفَّر من خالفها من عبادة الله وحده لا شريك له ونهيه عن عبادة غيره فإن هذا أظهر شعائر الإسلام . ومثل أمره بالصلوات الخمس، ومثل معاداة المشركين وأهل الكتاب، ومثل تحريم الفواحش والربا والميسر ..

يعني فهذا لا يمكن أن يُقال لم تقم عليه الحجة التي يكفر تاركها . أهـ [ مجموعة الرسائل والمسائل النجدية ج 4 القسم الثاني ص 474 ، 475 ]
______________

والقول ( بأن فاعل الشرك الأكبر لا يكفر إلا بعد البيان ) إن كان حقاً وصدقاً وقاعدة في صلب هذه الشريعة الغرَّاء، لكان مقتضى ذلك أن يكون عليها العمل في تطبيقاتها الجزئية. فإذا خرجت التطبيقات الجزئية عن مقتضى هذا العموم سقط ادعاء كون ذلك قاعدة في العمل وسقط ادعاء صدق القول بها؛ وذلك كالحال الذي ادعاه اليهود في مواجهة القرآن الكريم، وكيف ردَّ الله تعالى عليهم بما يسقط ادعاءهم ويثبت كذبه، وذلك في وقوله تعالى: 
"وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ اللّهُ عَلَىَ بَشَرٍ مّن شَيْءٍ
قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىَ نُوراً وَهُدًى لّلنّاسِ "الأنعام:91

فادعاؤهم الكاذب بأن:"مَآ أَنزَلَ اللّهُ عَلَىَ بَشَرٍ مّن شَيْءٍ "سقط بإثبات قضية جزئية يعلمون صدقها وإيمانهم بها، وذلك حين رد عليهم فقال: "قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىَ"وهي التوراة، وقد كانوا يؤمنون بها.
قال ابن كثير رحمه الله: سلبهم العام بإثبات قضية جزئية موجبة ( مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىَ )وهو التوراة الذي قد علمتم وكل أحد علم أن الله قد أنزلها على موسي ابن عمران نوراً وهدي للناس أ.هـ. 
فهكذا كل من ادَّعى قاعدة في أي أمر من الأمور، وادَّعى فيها ما يدعي: 
- إذا لم يأت عليها بالدليل الصادق. 
- وإذا لم تنقاد لها قضاياها الجزئية. 
كان ذلك من الدليل القاطع للخصومة بأن هذا القول لا هو أصل ولا هو قاعدة. 
وهذا القول أو الادعاء بأن: ( فاعل الكفر أو الشرك الأكبر لا يحكم بكفره إلا بعد البيان ). 
يلزم للقول بصدقه وادعاء التقعيد له أو اعتباره حاكما على أفعال وأقوال الشرك الأكبر أن يتأيد ذلك بالدليل الصريح الواضح من نصوص القرآن والسنة، وهو ما يعجز عنه أصحاب هذا القول يقيناً، وغاية ما لديهم أقوال لبعض العلماء قد وضعوها في غير مواضعها لتعلقها بأصحاب الكبائر العملية من زنا أو سرقة أو خلافه، أو بأصحاب الكبائر الاعتقادية البدعية لأهل البدع والأهواء، وحيث قد عُلم أن أحد أصول أهل السنة الكبار ( أنا لا نكفر المعين منهم إلا باستحلال ما جنت يداه من معاص) ، ( وأن البدع العقائدية من جنس هذه الذنوب والمعاصي ) وصاحب البدعة الاعتقادية قد دخل في حكم هذا الأصل الكبير من أصول أهل الإيمان من أنه لا يكفر إلا باستحلال ما دخل فيه، ولا يعلم ذلك عنه إلا بالبيان، ولذا قيل عن أهل الكبائر الاعتقادية أن الفعل كفر والفاعل لا يكفر إلا بعد البيان الذي يثبت به استحلاله لهذه الكبيرة، وهو أمر غير مجمع عليه عند علماء السنة؛ حيث أن كثير من أهل السنة لا تكفر صاحب البدعة المخطئ لا قبل البيان ولا بعده كالإمام الخطابي، وكما صرح بذلك الإمام البغوى في شرح السنة، وغيره كثير. 
فسوء الفهم عن الله وعن الرسول وعن علماء الأمة والسلف الصالح هو أصل كل ضلالة نشأت على أيدي أدعياء العلم فنسأل الله تعالى العفو والعافية.
ومن جانب آخر: أن القضايا الكلية والجزئية الكثيرة والعديدة بما لا يحصى والمنصوص عليها بنصوص الذكر الحكيم وسنة سيد المرسلين وقضايا الخلفاء الراشدين والصحابة الكرام الطيبين والأئمة الأعلام، بخلاف هذا الذي ادعوا فيه مثل هذه القاعدة، بل قد قطعت بأن مرتكب الشرك الأكبر يكفر بمجرده، بل ولعله لا يشعر بكفره إذا لم يشعر بخطورة فعله، وهو ما ذكره السلف في تفسير قوله تعالى: 
"يَـَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنّصَارَىَ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ
وَمَن يَتَوَلّهُمْ مّنكُمْ فَإِنّهُ مِنْهُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ "المائدة:51.
قال القرطبي رحمة الله في ذلك: "وَمَن يَتَوَلّهُمْ مّنكُمْ فَإِنّهُ مِنْهُمْ "أي هو مشرك مثلهم؛ لأن من رضي بالشرك فهو مشرك أ.هـ

شبهة إشتراط حفظ المتون والكتب للتحدث في أمور الكفر والمكفرات

$
0
0
شبهــات وردود
ـــــــــــــــــــــ

يقولون أن من يشتغل ويتكلم في أمور الكفر والمكفرات وتكفير الكفار كالحكام الجاثمين على رقاب الناس اليوم لا يحفظ من القرآن إلا جزء كذا وكذا، ولا من السنة إلا كذا وكذا، ولا يعرف كذا وكذا، ولا يحسن كذا وكذا، ولا يستطيع أن يعدد شروط أو أركان أو واجبات أو مندوبات كذا وكذا !!! ويُعيرونهم بذلك

وجواب هذا الكلام من أوجه :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوجه الأول : إن هذا من الكذب والظلم , وأهل السنة والجماعة يقولون الذي لهم والذي عليهم، وأما هذه الأساليب من تجهيل الخصوم فهذا ديدن من لا يريد أن يجابه الحجة بالحجة والدليل بالدليل، وهذه الأساليب لهي أكبر ستار للفرار من البحث العلمي. وكثيرٌ منهم تحمر أُنوفهم غيظاً لما يرون من سعت حفظ الشباب المبارك للمتون العلمية بل وبأرقام الصفحات، وفطنتهم في كثيرٍ من الفنون والمجالات ، لكن كما قيل : الإنصاف حُلت الأشراف، والأشراف أقل الأصناف . قال الإمام مالك رحمه الله في الإنصاف : لم أجد في الناس أقل منه، فأردت المداومة عليه . أهـ [ الديباج المذهب 1/96 ] هذا في زمانه رحمه الله فكيف بزماننا ؟!!
نحن ولله الحمد والمنة نمتثل أمر الله تعالى حين قال : ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين للهِ شُهداء بالقسط ولا يجرِمنكم شنئانُ قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هوَ أقربُ للتقوى ) [ المائدة : 8 ] متأسين بسلفنا الأوائل ؛ قال أبو عمر ابن عبد البر : من بركة العلم وآدابه الإنصاف فيه، ومن لم ينصف لم يفهم ولم يتفهم . أهـ [ جامع بيان العلم وفضله ص 208 ] وقال الزيلعي : ما تحلى طالب العلم بأحسن من الإنصاف.أهـ [ نصب الراية 1/355 ]
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله : حدثني ابن الخضيري عن والده الخضيري, إمام الحنفية في زمنه، قال : كان فقهاء بخارى يقولون في ابن سينا ، كان كافراً ذكياً . أهـ [ الدرر السنية 9/423 ] فبالرغم من تكفيرهم إياه إلا أنهم شهدوا له بالذكاء, فشتان : بين إنصاف السلف، وإجحاف الخلف ؟!
ولك يا أخا المنهج والعقيدة أن تتمثل ببيت أبي العلاء المعري حين قال:
لما رأيت الجهل في الناس فاشياً تجاهلتُ حتى ظُنّ أني جاهلُ !

الوجه الثاني :
_________

إننا لا ننكر وجود من يجهل الكثير من أمور الدين، وما ذلك إلا لاشتغالهم برأس الأمر ؛ التوحيد وأصول الدين، ودراسة هذه الأمور مقدمٌ في الشريعة على دراسة غيره، ولقد بينا في غير موضع أن تكفير الكافرين هو من اصول التوحيد التي لا يُنشغل عنها بغيرها، فالكفر بالطاغوت أولاً ثم الإيمان بالله ثم مباني الإسلام وشرائعه، فعلى المرء أن يتعلم الأهم فالمهم . قال تعالى ( ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلِّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ) [ آل عمران : 79 ] قال البخاري رحمه الله : ويقال: الربّاني الذي يُرَبِّي الناس بصِغار العلم قبل كباره. أهـ قال ابن حجر : والمراد بصغار العلم ما وضح من مسائله، وبكباره ما دقّ منها.أهـ [فتح الباري 1/160 – 162 ] ومسائل العقيدة من أوضح المسائل لذلك لم يختلف الصحابة في شيءٍ منها ومن أوضح مسائل العقيدة مسائل الكفر والإيمان بخلاف مسائل القضاء والقدر مثلاً أو الأسماء والصفات . وقد قال الله تعالى : ( فأعلم أنهُ لا إله إلا اللهُ واستغفر لذنبكَ وللمؤمنين والمؤمنات ) [ محمد : 19 ] فبدأ أمره تعالى بتعلم التوحيد وبدأ بالنفي ( لا إله ) وهو الكفر بالطاغوت، ثم الإثبات ( إلا الله ) وهو الإيمان بالله . وقال الله تعالى : ( فبشِّر عبادِ الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله ، وأولئك هم أولوا الألباب) [ الزمر : 17-18 ] وأحسن العلوم وأفضلها علم التوحيد والعقيدة ، قال ابن عبد البر رحمه الله: وروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : العلم أكثر من أن يُحاط به، فخذوا منه أحسنه . وعن الشَعبي مثله. وأنشد محمد بن مصعب لابن عباس :
ما أكثر العلم وما أوسعــه من ذا الذي يقدر أن يجمعه
إن كنت لابد له طالبــا محــــــاولاً فالتمس أنفعـــه

وقال الشاطبي رحمه الله : من العلم ما هو من صُلْب العلم، ومنه ما هو من مُلَح العلم لا من صلبه، ومنه ما ليس من صلبه ولا مُلَحه، فهذه ثلاثة أقسام. القسم الأول هو الأصل والمعتمد، والذي عليه مدار الطلب، وإليه تنتهي مقاصد الراسخين.... إلى آخر كلامه رحمه الله، راجعه في [ الموافقات 1/77-78 ]

وقال ابن الجوزي : في الإعلام بما ينبغي تقديمه من المحفوظات: أول ما ينبغي تقديمه مقدمة في الاعتقاد تشتمل على الدليل على معرفة الله سبحانه، ويذكر فيها ما لابد منه، ثم يعرف الواجبات، ثم حفظ القرآن، ثم سماع الحديث... إلى أخر ما قال في تقسيمه راجعه إن شئت في (الحث على حفظ العلم) لابن الجوزي، ط دار الكتب العلمية 1405 هـ، صـ 23 ــ 24.

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : ( إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحِّدوا الله تعالى، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلّوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة أموالهم تؤخذ من غنيِّهم فتُرد على فقيرهم، فإذا أقروا بذلك فخُذ منهم وتوقَّ كرائم أموال الناس) [ متفق عليه، واللفظ للبخاري، حديث 7372 ] فدل هذا الحديث كما دلت الآيات على أن المرء يبدأ بتعلم مسائل التوحيد بما فيها تكفير الكافرين –ثم يتعلم بقية أركان الإسلام وشرائعه الأهم فالمهم . قال النووي : المطالعة بالأهم فالأهم .. [ المجموع 1/38 ]

ولما سئل الشيخ السعد: ما هي البداية لطالب العلم ؟ أجاب بقوله : فلا شك أنه يبدأ فيما يتعلق بأمور العقائد والتوحيد، وبالذات يركز على كتب أئمة الدعوة رحمة الله عليهم في قضايا توحيد العبادة ونواقض الإسلام والمكفرات ، وهذه قضايا مهمة يا أيها الإخوان، ومع الأسف الشديد الآن كثر التخليط في هذه القضايا، وأخذوا يطلقون على من وقع في الكفر الصريح، يقولون : إن هذا مسلم ! وهو تجده يستهزأ بالدين ويسب رب العالمين والعياذ بالله، وهذا بالإجماع لا شك في كفره نسأل الله العافية والسلامة، فأصبح يقال: عمن يقول هذا القول : هذا على مذهب الخوارج ! هذا كلام باطل، بعض الناس يريد أن يفر من مذهب الخوارج فيقع في الإرجاء، نحن نبرأ إلى الله من مذهب الخوارج ومذهب المرجئة، وإنما المذهب الصحيح هو الذي دلت عليه نصوص القرآن والسنة.. إلى أن قال : فينبغي الانتباه إلى هذه القضايا والأمور والاهتمام بها، ثم فقه العبادات غيرها وهكذا . أهـ [ سلسلة مباحث في الجرح والتعديل للشيخ السعد، شريط 4 الوجه الثاني ]

فهؤلاء الثلة المباركة التي ينقم منها أهل الإرجاءِ والتجهم شغلهم الشاغل التوحيد والأصول، وكما هو متعارف عند أهل العلم قولهم : التوحيد ينتقل به إلى غيره، ولا ينتقل منه إلى غيره . قال أبو عبيد القاسم بن سلام : عجبتُ لمن ترك الأصول، وطلب الفضول ! [ الجامع لأخلاق الراوي : رقم 1612 ] وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي : ومن ضيع الأصول حرم الوصول . أهـ [ بهجة قلوب الأبرار ص45 ]

الوجه الثالث :
________

لا يشترط فيمن يتكلم في فنٍ من الفنون أن يكون ملماً بجميع الفنون, بل ولا يشترط أن يكون ملماً بجوانب الفن نفسه الذي يتكلم فيه .
قال ابن حزمٍ: وفي هذا الباب أيضاً بيان جلي على أن من علم شيئاً من الدين علماً صحيحاً فله أن يفتي به، وعليه أن يطلب علم ما جهل مما سوى ذلك .. وقال أيضاً: وليس جهله بما جَهِل بمانع من أن يفتي بما علم ، ولا علمه بما عَلِم بمبيح له أن يفتي فيما جهل، وليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد غاب عنه من العلم كثير هو موجود عند غيره، فلو لم يُفْتِ إلا من أحاط بجميع العلم لما حل لأحد من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفتي أصلا، وهذا لا يقوله مسلم، وهو إبطال للدين، وكفر من قائله. وفي بعثة النبي صلى الله عليه وسلم الأمراء إلى البلاد ليعلموا الناس القرآن وحكم الدين ولم يكن أحد منهم يستوعب جميع ذلك، لأنه قد كان تنزل بعدهم الآيات والأحكام .. أهـ [ أنظر الإحكام 5/127-128 ]

وقال أبو حامد الغزالي - بعدما ذكر علوم المجتهد - : دقيقة في التخفيف يغفل عنها الأكثرون : اجتماع هذه العلوم الثمانية إنما يشترط في حق المجتهد المطلق الذي يفتي في جميع الشرع، وليس الاجتهاد عندي منصباً لا يتجزأ .. ثم ذكر بعض الأمثلة التوضيحية لما قال، ومنها قوله: ومن عرف أحاديث قتل المسلم بالذمي وطريق التصرف فيه فما يضره قصوره عن علم النحو الذي يعرِّف قوله تعالى «وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين» وقس عليه ما في معناه .. أهـ [ المستصفى 2/353-354 ]

وقال ابن الصلاح - بعد ما ذكر علوم المجتهد المستقل - : إنما يُشترط اجتماع العلوم المذكورة في المفتي المطلق في جميع أبواب الشرع، أما المفتي في باب خاصٍ من العلم، نحو علم المناسك، أو علم الفرائض، أو غيرهما. فلا يشترط فيه جميع ذلك، ومن الجائز أن ينال الإنسان منصب الفتوى والاجتهاد في بعض الأبواب دون بعض .. ثم مثل لما قال بقوله : ومن عرف أصول المواريث وأحكامها جاز أن يفتي فيها، وإن لم يكن عالماً بأحاديث النكاح، ولا عارفاً بما يجوز له الفتوى في غير ذلك من أبواب الفقه. قطع بجواز هذا الغزالي، وابن بَرهان ، وغيرهما. ومنهم من منع من ذلك مُطلقاً. وأجازه أبو نصر بن الصَّبَّاغ ، غير أنه خصصه بباب المواريث. قال: لأن الفرائض لا تنبني على غيرها من الأحكام، فأما ما عداها من الأحكام فبعضه مرتبط ببعض.والأصحُّ أن ذلك لا يختص بباب المواريث، والله أعلم.) [ أدب المفتي ص 89 – 91]

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والاجتهاد ليس هو أمراً واحداً لا يقبل التجزي والانقسام ، بل قد يكون الرجــل مجتــهـــداً في فن أو باب أو مسـألــة دون فن وباب ومســألة، وكل أحـــد فاجتهـــاده بحسب وسعه.أهـ [ مجموع الفتاوي 20/212 ]

وقال العلامة ابن القيم رحمه الله قال : الاجتهاد حالة تقبل التجزُّؤ والانقسام ، فيكون الرجل مجتهداً في نوع من العلم مقلدا في غيره، أو في باب من أبوابه. كمن استفرغ وُسعه في نوع العلم بالفرائض وأدلتها واستنباطها من الكتاب والسنة دون غيرها من العلوم ، أو في باب الجهاد أو الحج ، أو غير ذلك، فهذا ليس له الفَتْوى فيما لم يجتهد فيه، ولا تكون معرفته بما اجتهد فيه مُسَوغة له الإفتاء بما لا يعلم في غيره، وهل له أن يفتي في النوع الذي اجتهد فيه؟ فيه ثلاثة أوجه: أصحها الجواز، بل هو الصواب المقطوع به. والثاني: المنع. والثالث: الجواز في الفرائض دون غيرها.
فحجة الجواز أنه قد عرف الحق بدليله، وقد بذل جهده في معرفة الصواب، فحكمه في ذلك حكم المجتهد المطلق في سائر الأنواع.. أهـ [ اعلام الموقعين 4/216-217 ] .

ونقل السيوطي عن سراج الدين البلقيني قوله : المُوَلّي في واقعة معينـــة يكفيه أن يعرف الحكم فيها بطريق الاجتهاد المعلَّق بتلك الواقعة، بناء على أن الاجتهاد يتجزأ وهو الأرجح . أهـ [ الرد على من أخلد إلى الأرض ص 88 ]

بل وأعظم من هذا كله ما قاله الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في "إعلام الموقعين":
الفائدة الثانية والعشرين : إذا عرف العامي حكم حادثة بدليلها فهل له أن يفتي به ويسوغ لغيره تقليده فيه ، ففيه ثلاثة أوجه للشافعية وغيرهم .
أحدها : الجواز لأنه قد حصل له العلم بحكم تلك الحادثة عن دليلها كما حصل للعالم ، وإن تميز العالم عنه بقوة يتمكن بها من تقرير الدليل ودفع المعارض له ، فهذا قدر زائد على معرفة الحق بدليله .
ثانيها : لا يجوز له ذلك مطلقا لعدم أهليته للاستدلال ، وعدم علمه بشرطه وما يعارضه ، ولعله يظن دليلا ما ليس بدليل .
ثالثها : إن كان الدليل كتابا أو سنة جاز له الإفتاء ، وإن كان غيرهما لم يجز ، لأن القرآن والسنة خطاب لجميع المكلفين ، فيجب على المكلف أن يعمل بما وصل إليه من كتاب ربه تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويجوز له أن يرشد غيره إليه ويدله عليه أ.هـ [ من باب : الخصال التي يجب أن يتصف بها المفتي 4/199 ]

فلا يُشترط فيمن حكم على هؤلاء الحكام والناس أن يكون من أعلم الناس ، أو أن يكون من القضاة، بل يكفيه أن يكون صاحب علمٍ بما يتكلم فيه .. روى الحاكم في مستدركه أن عمر بن الخطاب قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن حاطب : دعني أضرب عنق هذا فقد كفر .
وهنا سؤال نستخرج منه حكم هذه المسألة : هل كان عمر قاضياً حين تكلم بهذا الكلام ؟!
أم أنه مفتي المسلمين الذي نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
وكيف لعمر أن يتكلم ويصدر الأحكام في مجلسٍ فيه من هو أعلم منه ؟!

سُئل الشيخ الخضير –- هذا السؤال ضمن لقائه بمنتدى السلفيين :
من الذي يحق له فقط تكفير المعين ؟
وهل يجوز للإنسان العادي أن يكفر معينا وقع منه الكفر البواح خاصة إذا كان مدركا لأحكام التكفير وموانعه المعتبرة ؟
أم يقال له ؛ لا تفعل ذلك ودع ذلك للقاضي أو المفتي أو العالم المتبوع ؟
نرجو التوضيح فقد كثر اللغط في هذا الأمر .

فأجاب الشيخ:
كما ذكرتَ ؛ فالإنسان العادي المدرك لأحكام التكفير وموانعه المعتبرة ؛ فله أن يُكفر.
وهذا الذي جرى عليه العمل منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا الحاضر .
أما من لا يعرف ذلك فلا يجوز له الإقدام على ذلك لحديث : ( من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما )
وليس التكفير من خصائص القاضي أو المفتي أو العالم المتبوع ، فهذا من الخطأ.أهـ
وأنت أيها الموحد كما أنك تقول عن الكاذب بأنه كاذب، وعن السارق بأنه سارق, وعن الزاني بأنه زاني، وعن القاتل بأنه قاتل، تقول أيضاً عن المرتد بأنه مرتد، وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أنتم شهداء الله في الأرض ) [ متفق عليه ] وقال : ( فاشهدوا على المحسن بأنه محسن وعلى المسيء بأنه مسيء ) ( رواه الطبراني والبيهقي )وقد ثبت في كتاب السنة للخلال [ 5 / 95 ]، قال : أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال حدثنا أبو طالب قال ، قلتُ لأبي عبد الله : إنهم مرّوا بطرسوس بقبر رجل ، فقال أهل طرسوس : الكافر لا رحمه الله ، فقال أبو عبد الله : نعم فلا رحمه الله هذا الذي أسس هذا وجاء بهذا . أهـ أي القول بخلق القرآن .

قال شارح الطحاوية ص 523 : وإنما اشتهرت مقالة الجهمية من حين محنة الإمام أحمد بن حنبل وغيره من علماء السنة، فإنه في أمارة المأمون قووا وكثروا، فإنه قد أقام بخرسان مدة واجتمع بهم، ثم كتب بالمحنة من طرسوس سنة ثمان عشرة ومائتين وفيها مات . قال محقق الكتاب وفيها قبر .
قلت : وهل أهل طرسوس كلهم من العلماء ؟!

الوجه الرابع : إن كان أولئك المرجئة يطعنون على بعض الشباب تقصيرهم في بعض العلوم فلماذا لا يطعنون على بعض السلف مثل ذلكم ؟! قال الحافظ الذهبي رحمه الله في تذكرة الحفاظ [ 3 /1031] : "فكم من إمام في فنٍّ مقصرٌ عن غيره، كسيبويه مثلاً إمامٌ في النَّحْو ولا يدري ما الحديث، ووكيع إمام في الحديث ولا يعرفُ العربية، وكأبي نوّاسٍ رأس في الشّعر عَرِيٌّ من غيره، وعبد الرحمن بن مهدي إمام في الحديث لا يدري ما الطبّ قطُّ، وكمحمد بن الحسن رأس في الفقه ولا يدري ما القراءات، وكحفص إمامٌ في القراءة تالفٌ في الحديث ". أهـ

ولا شك أن تقصير السلف في بعض العلوم لا يضيرهم في شيء، بل إن عيبهم بسبب ذلك هو عيب في العائب نفسه، ومن سمات أهل البدع تعيرهم أهل الحق بشيء من ذلك، كاللحن في النحو ونحوه ؛ قال الكوثري المبتدع في تأنيبه [ ص27 ] : وابن فارسٍ هو الإمام المشهورُ في اللُّغة، وهو الذي قال عنه المَيداني: إنَّه شَرَعَ يُصْلحُ ألفاظ الشافعيِّ، فَسُئل عن ذلك فقال: هذا إصلاحُ الفاسدَ، فَلَمّا كثُرَ عليه أنِفَ من مذهبه، وانتقل إلى مذهب مالك.أهـ
وقال الكوثري المبتدع في تأنيبه أيضاً [ ص28 ] : حكى محمد بن يحيى عن الجاحظ أنه قال: سَمِعْتُهُ - أي - الشافعي ينادي يا معشر الملاّحون، فقلت له: خَرِبَ بيتُك لَحنْتَ!

وقال أيضاً في تأنيبه [ ص27 ] : أن المبرَّد ذكر في كتاب (اللُّحْنَةَ) عن محمد بن القاسم عن الأصمعيّ قال: دخلت المدينةَ على مالك بن أنس فما هِبْتُ أحداً هيبتي له، فتكلّم فَلَحَنَ، فقال: مُطِرْنا البارَحةَ مَطَراً أي مَطَراً، فَخَفّ في عيني، فقلت: يا أبا عبد الله، قد بَلَغْتَ من العلم هذا المبلغَ فَلَو أصلحتَ من لسانك، فقال: فكيفَ لو رأيتمُ ربيعةَ؟ كُنّا نقول له: كيف أصبحت ؟ فيقول : بخيراً بخيراً.أهـ

وقال الإمام ابن عقيل رحمه الله عن أسلاف هؤلاء المرجئة الطعانين : مِنْ عجيب ما سمعتُه عن هؤلاء الأحْداث الجُهّال أنهم يقولون: أحمد – يعني ابن حنبل – ليس بفقيه، لكنّه محدِّثٌ.. أهـ [ انظر سير أعلام النبلاء للذهبي (ج11 ص321).

Photo: ‎شبهــات وردود  ـــــــــــــــــــــ  يقولون أن من يشتغل ويتكلم في أمور الكفر والمكفرات وتكفير الكفار كالحكام الجاثمين على رقاب الناس اليوم لا يحفظ من القرآن إلا جزء كذا وكذا، ولا من السنة إلا كذا وكذا، ولا يعرف كذا وكذا، ولا يحسن كذا وكذا، ولا يستطيع أن يعدد شروط أو أركان أو واجبات أو مندوبات كذا وكذا !!! ويُعيرونهم بذلك  وجواب هذا الكلام من أوجه : ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  الوجه الأول : إن هذا من الكذب والظلم  , وأهل السنة والجماعة يقولون الذي لهم والذي عليهم، وأما هذه الأساليب من تجهيل الخصوم فهذا ديدن من لا يريد أن يجابه الحجة بالحجة والدليل بالدليل، وهذه الأساليب لهي أكبر ستار للفرار من البحث العلمي. وكثيرٌ منهم تحمر أُنوفهم غيظاً لما يرون من سعت حفظ الشباب المبارك للمتون العلمية بل وبأرقام الصفحات، وفطنتهم في كثيرٍ من الفنون والمجالات  ، لكن كما قيل : الإنصاف حُلت الأشراف، والأشراف أقل الأصناف . قال الإمام مالك رحمه الله في الإنصاف : لم أجد في الناس أقل منه، فأردت المداومة عليه . أهـ [ الديباج المذهب 1/96 ] هذا في زمانه رحمه الله فكيف بزماننا ؟!! نحن ولله الحمد والمنة نمتثل أمر الله تعالى حين قال : ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين للهِ شُهداء بالقسط ولا يجرِمنكم شنئانُ قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هوَ أقربُ للتقوى ) [ المائدة : 8 ] متأسين بسلفنا الأوائل ؛ قال أبو عمر ابن عبد البر : من بركة العلم وآدابه الإنصاف فيه، ومن لم ينصف لم يفهم ولم يتفهم . أهـ [ جامع بيان العلم وفضله ص 208 ] وقال الزيلعي : ما تحلى طالب العلم بأحسن من الإنصاف.أهـ [ نصب الراية 1/355 ] قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله : حدثني ابن الخضيري عن والده الخضيري, إمام الحنفية في زمنه، قال : كان فقهاء بخارى يقولون في ابن سينا  ، كان كافراً ذكياً . أهـ [ الدرر السنية 9/423 ] فبالرغم من تكفيرهم إياه إلا أنهم شهدوا له بالذكاء, فشتان : بين إنصاف السلف، وإجحاف الخلف ؟! ولك يا أخا المنهج والعقيدة أن تتمثل ببيت أبي العلاء المعري حين قال: لما رأيت الجهل في الناس فاشياً   تجاهلتُ حتى ظُنّ أني جاهلُ !  الوجه الثاني : _________   إننا لا ننكر وجود من يجهل الكثير من أمور الدين، وما ذلك إلا لاشتغالهم برأس الأمر ؛ التوحيد وأصول الدين، ودراسة هذه الأمور مقدمٌ في الشريعة على دراسة غيره، ولقد بينا في غير موضع أن تكفير الكافرين هو من اصول التوحيد التي لا يُنشغل عنها بغيرها، فالكفر بالطاغوت أولاً ثم الإيمان بالله ثم مباني الإسلام وشرائعه، فعلى المرء أن يتعلم الأهم فالمهم . قال تعالى ( ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلِّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ) [ آل عمران : 79 ] قال البخاري رحمه الله : ويقال: الربّاني الذي يُرَبِّي الناس بصِغار العلم قبل كباره. أهـ قال ابن حجر : والمراد بصغار العلم ما وضح من مسائله، وبكباره ما دقّ منها.أهـ [فتح الباري 1/160 – 162 ] ومسائل العقيدة من أوضح المسائل لذلك لم يختلف الصحابة في شيءٍ منها ومن أوضح مسائل العقيدة مسائل الكفر والإيمان بخلاف مسائل القضاء والقدر مثلاً أو الأسماء والصفات . وقد قال الله تعالى : ( فأعلم أنهُ لا إله إلا اللهُ واستغفر لذنبكَ وللمؤمنين والمؤمنات ) [ محمد : 19 ] فبدأ أمره تعالى بتعلم التوحيد وبدأ بالنفي ( لا إله ) وهو الكفر بالطاغوت، ثم الإثبات ( إلا الله ) وهو الإيمان بالله  . وقال الله تعالى : ( فبشِّر عبادِ الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله ، وأولئك هم أولوا الألباب) [ الزمر : 17-18 ] وأحسن العلوم وأفضلها علم التوحيد والعقيدة  ، قال ابن عبد البر رحمه الله: وروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : العلم أكثر من أن يُحاط به، فخذوا منه أحسنه . وعن الشَعبي مثله. وأنشد محمد بن مصعب لابن عباس : ما أكثر العلم وما أوسعــه        من ذا الذي يقدر أن يجمعه إن كنت لابد له طالبــا            محــــــاولاً فالتمس أنفعـــه   وقال الشاطبي رحمه الله : من العلم ما هو من صُلْب العلم، ومنه ما هو من مُلَح العلم لا من صلبه، ومنه ما ليس من صلبه ولا مُلَحه، فهذه ثلاثة أقسام. القسم الأول هو الأصل والمعتمد، والذي عليه مدار الطلب، وإليه تنتهي مقاصد الراسخين.... إلى آخر كلامه رحمه الله، راجعه في [ الموافقات 1/77-78 ]   وقال ابن الجوزي : في الإعلام بما ينبغي تقديمه من المحفوظات: أول ما ينبغي تقديمه مقدمة في الاعتقاد تشتمل على الدليل على معرفة الله سبحانه، ويذكر فيها ما لابد منه، ثم يعرف الواجبات، ثم حفظ القرآن، ثم سماع الحديث... إلى أخر ما قال في تقسيمه راجعه إن شئت في (الحث على حفظ العلم) لابن الجوزي، ط دار الكتب العلمية 1405 هـ، صـ 23 ــ 24.  وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : ( إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحِّدوا الله تعالى، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلّوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة أموالهم تؤخذ من غنيِّهم فتُرد على فقيرهم، فإذا أقروا بذلك فخُذ منهم وتوقَّ كرائم أموال الناس) [ متفق عليه، واللفظ للبخاري، حديث 7372 ] فدل هذا الحديث كما دلت الآيات على أن المرء يبدأ بتعلم مسائل التوحيد بما فيها تكفير الكافرين –ثم يتعلم بقية أركان الإسلام وشرائعه الأهم فالمهم . قال النووي  : المطالعة بالأهم فالأهم .. [ المجموع 1/38 ]   ولما سئل الشيخ السعد: ما هي البداية لطالب العلم ؟ أجاب بقوله : فلا شك أنه يبدأ فيما يتعلق بأمور العقائد والتوحيد، وبالذات يركز على كتب أئمة الدعوة رحمة الله عليهم في قضايا توحيد العبادة ونواقض الإسلام والمكفرات  ، وهذه قضايا مهمة يا أيها الإخوان، ومع الأسف الشديد الآن كثر التخليط في هذه القضايا، وأخذوا يطلقون على من وقع في الكفر الصريح، يقولون : إن هذا مسلم ! وهو تجده يستهزأ بالدين ويسب رب العالمين والعياذ بالله، وهذا بالإجماع لا شك في كفره نسأل الله العافية والسلامة، فأصبح يقال: عمن يقول هذا القول : هذا على مذهب الخوارج ! هذا كلام باطل، بعض الناس يريد أن يفر من مذهب الخوارج فيقع في الإرجاء، نحن نبرأ إلى الله من مذهب الخوارج ومذهب المرجئة، وإنما المذهب الصحيح هو الذي دلت عليه نصوص القرآن والسنة.. إلى أن قال : فينبغي الانتباه إلى هذه القضايا والأمور والاهتمام بها، ثم فقه العبادات غيرها وهكذا . أهـ [ سلسلة مباحث في الجرح  والتعديل للشيخ السعد، شريط 4 الوجه الثاني ]  فهؤلاء الثلة المباركة التي ينقم منها أهل الإرجاءِ والتجهم شغلهم الشاغل التوحيد والأصول، وكما هو متعارف عند أهل العلم قولهم : التوحيد ينتقل به إلى غيره، ولا ينتقل منه إلى غيره . قال أبو عبيد القاسم بن سلام : عجبتُ لمن ترك الأصول، وطلب الفضول ! [ الجامع لأخلاق الراوي : رقم 1612 ] وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي : ومن ضيع الأصول حرم الوصول . أهـ [ بهجة قلوب الأبرار ص45 ]  الوجه الثالث : ________   لا يشترط فيمن يتكلم في فنٍ من الفنون أن يكون ملماً بجميع الفنون, بل ولا يشترط أن يكون ملماً بجوانب الفن نفسه الذي يتكلم فيه . قال ابن حزمٍ: وفي هذا الباب أيضاً بيان جلي على أن من علم شيئاً من الدين علماً صحيحاً فله أن يفتي به، وعليه أن يطلب علم ما جهل مما سوى ذلك .. وقال أيضاً: وليس جهله بما جَهِل بمانع من أن يفتي بما علم ، ولا علمه بما عَلِم بمبيح له أن يفتي فيما جهل، وليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد غاب عنه من العلم كثير هو موجود عند غيره، فلو لم يُفْتِ إلا من أحاط بجميع العلم لما حل لأحد من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفتي أصلا، وهذا لا يقوله مسلم، وهو إبطال للدين، وكفر من قائله. وفي بعثة النبي صلى الله عليه وسلم الأمراء إلى البلاد ليعلموا الناس القرآن وحكم الدين ولم يكن أحد منهم يستوعب جميع ذلك، لأنه قد كان تنزل بعدهم الآيات والأحكام .. أهـ [ أنظر الإحكام 5/127-128 ]   وقال أبو حامد الغزالي - بعدما ذكر علوم المجتهد - : دقيقة في التخفيف يغفل عنها الأكثرون  : اجتماع هذه العلوم الثمانية إنما يشترط في حق المجتهد المطلق الذي يفتي في جميع الشرع، وليس الاجتهاد عندي منصباً لا يتجزأ .. ثم ذكر بعض الأمثلة التوضيحية لما قال، ومنها قوله: ومن عرف أحاديث قتل المسلم بالذمي وطريق التصرف فيه فما يضره قصوره عن علم النحو الذي يعرِّف قوله تعالى «وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين» وقس عليه ما في معناه .. أهـ [ المستصفى 2/353-354 ]  وقال ابن الصلاح - بعد ما ذكر علوم المجتهد المستقل - : إنما يُشترط اجتماع العلوم المذكورة في المفتي المطلق في جميع أبواب الشرع، أما المفتي في باب خاصٍ من العلم، نحو علم المناسك، أو علم الفرائض، أو غيرهما. فلا يشترط فيه جميع ذلك، ومن الجائز أن ينال الإنسان منصب الفتوى والاجتهاد في بعض الأبواب دون بعض .. ثم مثل لما قال بقوله : ومن عرف أصول المواريث وأحكامها جاز أن يفتي فيها، وإن لم يكن عالماً بأحاديث النكاح، ولا عارفاً بما يجوز له الفتوى في غير ذلك من أبواب الفقه. قطع بجواز هذا الغزالي، وابن بَرهان   ، وغيرهما. ومنهم من منع من ذلك مُطلقاً. وأجازه أبو نصر بن الصَّبَّاغ   ، غير أنه خصصه بباب المواريث. قال: لأن الفرائض لا تنبني على غيرها من الأحكام، فأما ما عداها من الأحكام فبعضه مرتبط ببعض.والأصحُّ أن ذلك لا يختص بباب المواريث، والله أعلم.) [ أدب المفتي ص 89 – 91]  وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والاجتهاد ليس هو أمراً واحداً لا يقبل التجزي والانقسام ، بل قد يكون الرجــل مجتــهـــداً في فن أو باب أو مسـألــة دون فن وباب ومســألة، وكل أحـــد فاجتهـــاده بحسب وسعه.أهـ [ مجموع الفتاوي 20/212 ]  وقال العلامة ابن القيم رحمه الله قال : الاجتهاد حالة تقبل التجزُّؤ والانقسام ، فيكون الرجل مجتهداً في نوع من العلم مقلدا في غيره، أو في باب من أبوابه. كمن استفرغ وُسعه في نوع العلم بالفرائض وأدلتها واستنباطها من الكتاب والسنة دون غيرها من العلوم ، أو في باب الجهاد أو الحج ، أو غير ذلك، فهذا ليس له الفَتْوى فيما لم يجتهد فيه، ولا تكون معرفته بما اجتهد فيه مُسَوغة له الإفتاء بما لا يعلم في غيره، وهل له أن يفتي في النوع الذي اجتهد فيه؟ فيه ثلاثة أوجه: أصحها الجواز، بل هو الصواب المقطوع به. والثاني: المنع. والثالث: الجواز في الفرائض دون غيرها. فحجة الجواز أنه قد عرف الحق بدليله، وقد بذل جهده في معرفة الصواب، فحكمه في ذلك حكم المجتهد المطلق في سائر الأنواع.. أهـ [ اعلام الموقعين 4/216-217 ] .  ونقل السيوطي عن سراج الدين البلقيني قوله : المُوَلّي في واقعة معينـــة يكفيه أن يعرف الحكم فيها بطريق الاجتهاد المعلَّق بتلك الواقعة، بناء على أن الاجتهاد يتجزأ وهو الأرجح . أهـ [ الرد على من أخلد إلى الأرض ص 88 ]  بل وأعظم من هذا كله ما قاله الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في "إعلام الموقعين":  الفائدة الثانية والعشرين : إذا عرف العامي حكم حادثة بدليلها فهل له أن يفتي به ويسوغ لغيره تقليده فيه ، ففيه ثلاثة أوجه للشافعية وغيرهم  . أحدها : الجواز لأنه قد حصل له العلم بحكم تلك الحادثة عن دليلها كما حصل للعالم ، وإن تميز العالم عنه بقوة يتمكن بها من تقرير الدليل ودفع المعارض له ، فهذا قدر زائد على معرفة الحق بدليله .   ثانيها : لا يجوز له ذلك مطلقا لعدم أهليته للاستدلال ، وعدم علمه بشرطه وما يعارضه ، ولعله يظن دليلا ما ليس بدليل . ثالثها : إن كان الدليل كتابا أو سنة جاز له الإفتاء ، وإن كان غيرهما لم يجز ، لأن القرآن والسنة خطاب لجميع المكلفين ، فيجب على المكلف أن يعمل بما وصل إليه من كتاب ربه تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويجوز له أن يرشد غيره إليه ويدله عليه أ.هـ  [ من باب : الخصال التي يجب أن يتصف بها المفتي 4/199 ]  فلا يُشترط فيمن حكم على هؤلاء الحكام والناس أن يكون من أعلم الناس  ، أو أن يكون من القضاة، بل يكفيه أن يكون صاحب علمٍ بما يتكلم فيه .. روى الحاكم في مستدركه أن عمر بن الخطاب قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن حاطب : دعني أضرب عنق هذا فقد كفر . وهنا سؤال نستخرج منه حكم هذه المسألة : هل كان عمر قاضياً حين تكلم بهذا الكلام ؟! أم أنه مفتي المسلمين الذي نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! وكيف لعمر أن يتكلم ويصدر الأحكام في مجلسٍ فيه من هو أعلم منه ؟!  سُئل الشيخ الخضير –- هذا السؤال ضمن لقائه بمنتدى السلفيين : من الذي يحق له فقط تكفير المعين ؟  وهل يجوز للإنسان العادي أن يكفر معينا وقع منه الكفر البواح خاصة إذا كان مدركا لأحكام التكفير وموانعه المعتبرة ؟  أم يقال له ؛ لا تفعل ذلك ودع ذلك للقاضي أو المفتي أو العالم المتبوع ؟ نرجو التوضيح فقد كثر اللغط في هذا الأمر .  فأجاب الشيخ: كما ذكرتَ ؛ فالإنسان العادي المدرك لأحكام التكفير وموانعه المعتبرة ؛ فله أن يُكفر. وهذا الذي جرى عليه العمل منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا الحاضر . أما من لا يعرف ذلك فلا يجوز له الإقدام على ذلك لحديث : ( من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ) وليس التكفير من خصائص القاضي أو المفتي أو العالم المتبوع ، فهذا من الخطأ.أهـ وأنت أيها الموحد كما أنك تقول عن الكاذب بأنه كاذب، وعن السارق بأنه سارق, وعن الزاني بأنه زاني، وعن القاتل بأنه قاتل، تقول أيضاً عن المرتد بأنه مرتد، وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أنتم شهداء الله في الأرض )  [ متفق عليه ] وقال : ( فاشهدوا على المحسن بأنه محسن وعلى المسيء بأنه مسيء ) ( رواه الطبراني والبيهقي )وقد ثبت في كتاب السنة للخلال [ 5 / 95 ]، قال : أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال حدثنا أبو طالب قال ، قلتُ لأبي عبد الله   : إنهم مرّوا بطرسوس   بقبر رجل ، فقال أهل طرسوس : الكافر لا رحمه الله ، فقال أبو عبد الله : نعم فلا رحمه الله هذا الذي أسس هذا وجاء بهذا . أهـ أي القول بخلق القرآن .   قال شارح الطحاوية ص 523 : وإنما اشتهرت مقالة الجهمية من حين محنة الإمام أحمد بن حنبل وغيره من علماء السنة، فإنه في أمارة المأمون قووا وكثروا، فإنه قد أقام بخرسان مدة واجتمع بهم، ثم كتب بالمحنة من طرسوس   سنة ثمان عشرة ومائتين وفيها مات . قال محقق الكتاب وفيها قبر .  قلت : وهل أهل طرسوس كلهم من العلماء ؟!  الوجه الرابع : إن كان أولئك المرجئة يطعنون على بعض الشباب تقصيرهم في بعض العلوم فلماذا لا يطعنون على بعض السلف مثل ذلكم ؟! قال الحافظ الذهبي رحمه الله في تذكرة الحفاظ [ 3 /1031] : " فكم من إمام في فنٍّ مقصرٌ عن غيره، كسيبويه مثلاً إمامٌ في النَّحْو ولا يدري ما الحديث، ووكيع إمام في الحديث ولا يعرفُ العربية، وكأبي نوّاسٍ رأس في الشّعر عَرِيٌّ من غيره، وعبد الرحمن بن مهدي إمام في الحديث لا يدري ما الطبّ قطُّ، وكمحمد بن الحسن رأس في الفقه ولا يدري ما القراءات، وكحفص إمامٌ في القراءة تالفٌ في الحديث ". أهـ  ولا شك أن تقصير السلف في بعض العلوم لا يضيرهم في شيء، بل إن عيبهم بسبب ذلك هو عيب في العائب نفسه، ومن سمات أهل البدع تعيرهم أهل الحق بشيء من ذلك، كاللحن في النحو ونحوه ؛ قال الكوثري المبتدع في تأنيبه [ ص27 ] : وابن فارسٍ هو الإمام المشهورُ في اللُّغة، وهو الذي قال عنه المَيداني: إنَّه شَرَعَ يُصْلحُ ألفاظ الشافعيِّ، فَسُئل عن ذلك فقال: هذا إصلاحُ الفاسدَ، فَلَمّا كثُرَ عليه أنِفَ من مذهبه، وانتقل إلى مذهب مالك.أهـ وقال الكوثري المبتدع في تأنيبه أيضاً [ ص28 ] : حكى محمد بن يحيى عن الجاحظ أنه قال: سَمِعْتُهُ - أي - الشافعي ينادي يا معشر الملاّحون، فقلت له: خَرِبَ بيتُك لَحنْتَ!  وقال أيضاً في تأنيبه [ ص27 ] : أن المبرَّد ذكر في كتاب (اللُّحْنَةَ) عن محمد بن القاسم عن الأصمعيّ قال: دخلت المدينةَ على مالك بن أنس فما هِبْتُ أحداً هيبتي له، فتكلّم فَلَحَنَ، فقال: مُطِرْنا البارَحةَ مَطَراً أي مَطَراً، فَخَفّ في عيني، فقلت: يا أبا عبد الله، قد بَلَغْتَ من العلم هذا المبلغَ فَلَو أصلحتَ من لسانك، فقال: فكيفَ لو رأيتمُ ربيعةَ؟ كُنّا نقول له: كيف أصبحت ؟ فيقول : بخيراً بخيراً.أهـ  وقال الإمام ابن عقيل رحمه الله عن أسلاف هؤلاء المرجئة الطعانين : مِنْ عجيب ما سمعتُه عن هؤلاء الأحْداث الجُهّال أنهم يقولون: أحمد – يعني ابن حنبل – ليس بفقيه، لكنّه محدِّثٌ.. أهـ [ انظر سير أعلام النبلاء للذهبي (ج11 ص321). _________________________________‎

الظواهري ربيب الإخوان المشركين ماذا تنتظرون يا جماعة الدولة في العراق والشام من مثله

$
0
0
Photo: ‎الظواهري ربيب الإخوان المشركين  ماذا تنتظرون يا جماعة الدولة في العراق والشام من مثله  حنون مع الطواغيت ( وأنا لم أدع إلى الثورة على محمد مرسي ولكني دعوت لاستكمال الثورة المباركة التي جاءت بمحمد مرسي لتحقيق التغيير المطلوب ) يصف ثورة أدخلت أغلب مصر ومشايخها وأهلها في الشرك الديمقراطي بأنها مباركة ثم يدعو لاستكمال الطريق الكفري الذي سلكوه ولايدعوهم للتوبة حتى يحصلوا على التغيير المطلوب في ظل الطاغوت مرسي وفي ظل الديمقراطية وهذا رضا بالكفر والرضا بالكفر كفر بل تشجيع على الاستمرار به ومواصلة الطريق بدل أن ينذرهم من الشرك يغريهم به .  في المقابل يهاجم الدولة وأتباعها وينال منهم إرضاء لمشركي الجيش الحر وأذناب آل سلول فيقول عنهم (هذه الفتنة تحتاج من كل المسلمين اليوم أن يتصدوا لها، وأن يشكلوا رأيا عاما ضدها، وضد كل من لا يرضى بالتحكيم الشرعي المستقل فيها، وأؤكد على المستقل، فلا عبرة بتحكيم يعين أعضاءه الخصوم. وعلى كل مسلم ومجاهد أن يتبرأ من كل من يأبى ذلك التحكيم. وعلى كل مسلم ومجاهد أن لا يتورط في دماء المجاهدين. وعليه أن يرفض أن يفجر مقارهم ويقتل شيوخهم، الذين دوخوا أكابر المجرمين، وسعوا بكل طريقة لقتلهم، فقام هؤلاء الجهال المتنطعون فسفكوا دمهم الحرام.) ويسمي أميرهم بحفيد ابن الملجم  هل في القضيّة أن إ ذا استغنيتم وأمنتم فأنا البعيد الأجنب  وإذا الشدائد بالشدائد مرّةً أشجتكم فأنا المحبّ الأقرب عجباً لتلك قضيّة وإقامتي فيكم على تلك القضية أعجب وإذا تكون كريهة أدعى لها وإذا يحاس الحيس يدعى جندب هذا لعمركم الصّغار بعينه لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب‎
الظواهري ربيب الإخوان المشركين

ماذا تنتظرون يا جماعة الدولة في العراق والشام من مثله

حنون مع الطواغيت
( وأنا لم أدع إلى الثورة على محمد مرسي ولكني دعوت لاستكمال الثورة المباركة التي جاءت بمحمد مرسي لتحقيق التغيير المطلوب )
يصف ثورة أدخلت أغلب مصر ومشايخها وأهلها في الشرك الديمقراطي بأنها مباركة ثم يدعو لاستكمال الطريق الكفري الذي سلكوه ولايدعوهم للتوبة حتى يحصلوا على التغيير المطلوب في ظل الطاغوت مرسي وفي ظل الديمقراطية وهذا رضا بالكفر والرضا بالكفر كفر بل تشجيع على الاستمرار به ومواصلة الطريق بدل أن ينذرهم من الشرك يغريهم به .

في المقابل يهاجم الدولة وأتباعها وينال منهم إرضاء لمشركي الجيش الحر وأذناب آل سلول فيقول عنهم
(هذه الفتنة تحتاج من كل المسلمين اليوم أن يتصدوا لها، وأن يشكلوا رأيا عاما ضدها، وضد كل من لا يرضى بالتحكيم الشرعي المستقل فيها، وأؤكد على المستقل، فلا عبرة بتحكيم يعين أعضاءه الخصوم.
وعلى كل مسلم ومجاهد أن يتبرأ من كل من يأبى ذلك التحكيم.
وعلى كل مسلم ومجاهد أن لا يتورط في دماء المجاهدين.
وعليه أن يرفض أن يفجر مقارهم ويقتل شيوخهم، الذين دوخوا أكابر المجرمين، وسعوا بكل طريقة لقتلهم، فقام هؤلاء الجهال المتنطعون فسفكوا دمهم الحرام.) ويسمي أميرهم بحفيد ابن الملجم

هل في القضيّة أن إ ذا استغنيتم وأمنتم فأنا البعيد الأجنب

وإذا الشدائد بالشدائد مرّةً أشجتكم فأنا المحبّ الأقرب
عجباً لتلك قضيّة وإقامتي فيكم على تلك القضية أعجب
وإذا تكون كريهة أدعى لها وإذا يحاس الحيس يدعى جندب
هذا لعمركم الصّغار بعينه لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب

Viewing all 589 articles
Browse latest View live


<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>